في سوريا، يبدو أن العطلة ستتميز بالظلام والعتمة، رغم أن عطلة العيد تقليديا هي وقت للفرح واحتفال المسلمين في جميع أنحاء العالم، حيث صرحت الحكومة أن نظام تقنين جديد للكهرباء بالساعة سيتم العمل عليه خلال فترة عيد الفطر.

نقص الإمداد بالكهرباء في سوريا خلال مواسم الأعياد يشكل مصدر قلق ملح لكل المواطنين السوريين، على الرغم من ارتفاع الطلب على الطاقة خلال العطلات، إلا أن الإمداد بالكهرباء لا يزال غير كافٍ.

ساعة واحدة في بعض المناطق 

المدير العام للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، هيسم ميلع، أكد أمس الاثنين، أنه لن يكون هناك تغيير في كمية الكهرباء المزوّدة خلال عطلة العيد. وهذا يعني أن بعض المناطق في سوريا ستحصل على الكهرباء لمدة ساعة واحدة فقط في اليوم، بينما سيعاني البعض الآخر من انقطاع الكهرباء لأيام متتالية.

تفاقم أزمة الكهرباء في سوريا في الأشهر الماضية - موقع "ميدل إيست أونلاين"
تفاقم أزمة الكهرباء في سوريا في الأشهر الماضية – موقع “ميدل إيست أونلاين”

في حديثه لتلفزيون “الخبر” المحلي، بيّن مليع أنه لا زيادة أو نقصان في ساعات التغذية في الفترة القادمة، ويعود الدور الأساسي في زيادة ساعات الوصل الكهربائي إلى انخفاض الأحمال، فإذا انخفضت الأحمال ستزداد ساعات التغذية مباشرة.

وحول وضع الكهرباء، أشار مليع إلى أن المؤسسة تولد كميّات والشركة توزّعها على المحافظات، والكميات ثابتة لا تتغير منذ بداية الفصل الشتوي، حيث كمية توليد الكهرباء ترتبط بعمل العنفات الغازية، وفق مايرد من نسب التوريدات.

ووفقا لما تحدّث به مدير مؤسسة نقل الكهرباء، فإن نسبة الغاز ثابتة، وتبلغ 5,6 مليون متر مكعب، وزيادة التوليد مرتبط بزيادة كميات الغاز لتشغيل عنفات الغاز.

التقنين المميت للسوريين

تنفيذ نظام التقنين في سوريا تم من قبل وزارة الكهرباء استجابة لنقص الوقود ونقص الأموال. وقد تفاقم الوضع بسبب الصراع الدائر في البلاد، وعدم قدرة الحكومة على اقتراح حلول جوهرية، فيما تحول هاجسها لتنفيذ متطلبات العقود التي وقعت مع الدول والشركات الأجنبية وتزويدهم بالكهرباء 24 ساعة، والذي عطّل إمدادات الكهرباء والخدمات الأساسية الأخرى.

كان لنقص الكهرباء تأثير عميق على حياة السوريين العاديين. تضطر العديد من العائلات إلى العيش بدون إضاءة أو تدفئة، وتكافح الشركات الصغيرة للبقاء مفتوحة. كما تتأثر المستشفيات والخدمات الأساسية الأخرى، مما يعرض حياة المرضى للخطر.

في مرات سابقة وعدت الحكومة باتخاذ إجراءات لمعالجة الوضع، لكن لم يطرأ تحسن يذكر حتى الآن. انتقد الكثيرون نظام التقنين باعتباره غير عادل، لأنه يؤثر بشكل غير متناسب على المناطق الفقيرة وتلك الموجودة خارج العاصمة دمشق.

على الرغم من التحديات، لا يزال الشعب السوري صامدًا ومصمماً، حيث تحوّل قسم منهم إلى طرق مبتكرة للتعامل مع نقص الكهرباء، مثل استخدام الألواح الشمسية والمولدات. ومع ذلك، فإن هذه الحلول ليست في متناول الجميع، ولا يزال الكثيرون يعانون في الظلام.

دمشق وحلب بلا كهرباء

دمشق وحلب اثنتان من أكبر المدن في سوريا، وبحسب شهادات محلية تواجهان يوميا أزمة كهرباء خطيرة. لأكثر من 15 ساعة في اليوم، يضطر سكان هذه المدن للتعامل مع انقطاع التيار الكهربائي الذي يعطّل حياتهم اليومية. هذه المشكلة مستمرة منذ عدة سنوات، ولا تظهر أي بوادر للتحسن في أي وقت قريب. ورغم أن نقص الكهرباء في هذه المدن له تداعيات خطيرة على سكانها، بما في ذلك المصاعب الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية وخطر المخاطر البيئية، إلا أن المشكلة مستمرة.

نقص الكهرباء في دمشق وحلب بحسب دكتور الأطفال عبد الستار القاسم، يتسبب في صعوبات اقتصادية كبيرة لسكان هذه المناطق. مع عدم توفر الكهرباء، لا تستطيع العديد من الشركات العمل، مما يؤدي إلى فقدان الوظائف وتراجع الاقتصاد الكلي. 

الصناعات وفقا لحديث القاسم لـ”الحل نت”، التي تتطلب القوة للعمل، مثل التصنيع والزراعة، تعاني أيضا، مما يؤدي إلى نقص السلع والموارد الأساسية. علاوة على ذلك، يمثل انقطاع التيار الكهربائي عبئا مكلفا على العائلات التي تضطر إلى الاعتماد على مصادر بديلة للطاقة مثل المولدات أو البطاريات أو الشموع، مما يؤدي إلى زيادة النفقات التي لا يمكنهم تحمّلها.

بعيدا عن الاستمتاع بعطلة العيد، تسبب نقص الكهرباء تبعا لحديث القاسم، بحدوث اضطرابات اجتماعية في هذه المدن. بدون كهرباء، كثير من الناس غير قادرين على العمل أو الدراسة أو حتى الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المستشفيات والعيادات. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع مستوى الإحباط والغضب بين الناس، مما أدى إلى اضطرابات اجتماعية ومظاهرات ضد الحكومة في بعض المناطق. 

علاوة على ذلك، لجأ العديد من السكان إلى وسائل غير قانونية للحصول على الكهرباء ، مثل السرقة من خطوط الكهرباء، والتي غالبا ما تكون خطيرة ويمكن أن تتسبب في وفيات. حاولت الحكومة تنظيم هذه القضية من خلال فرض غرامات باهظة وأحكام بالسجن، لكن المشكلة مازالت قائمة.

أزمة الكهرباء في سوريا تعتبر قضية معقّدة لها تداعيات خطيرة على السكان، لذا يجب على الحكومة السورية اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة المشكلة من خلال الاستثمار في تقنيات الطاقة المتجددة، والحد من الفساد وعدم الكفاءة، وتنفيذ تدابير للحد من السرقة غير القانونية من خطوط الكهرباء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات