موسم دراما رمضان 2023، عُرضت خلاله عشرات الأعمال الدرامية العربية؛ مصرية وسورية، ونهايات نسبة كبيرة منهم كانت سعيدة، كما يرغب المشاهدون والجمهور عادة، لكن ثمة أعمالا يجب أن تتبع مسارا واقعيا ينتهي غالبا بفرحة غير مكتملة أو نهاية حزينة كبيرة.

هذه النهايات الحزينة غالبا ما تأتي بتأثير أقوى وحبكة تتناسب مع الرواية والواقع الملموس الذي له مقدمات وانعكاسات قوية. ولا شك أنها تأتي أيضا في سياق تناول موضوع معين، لا سيما فيما يتعلق بالحقوق والحريات، ليبقى أثره في النفوس مدّة طويلة، وربما لأخذ العِبر منها.

نهاية مسلسل “النار بالنار”

نحو ذلك، وبعد نهاية السباق الرمضاني لعام 2023، اختار صنّاع أغلب الأعمال التي شوهدت نهايات سعيدة، إلا أن القليل منهم أختار النهايات الحزينة والتي أدت إلى تفاعل كبير من قِبل المتابعين. ومنها مشهد “ذبح مريم في نهاية مسلسل النار بالنار” السوري اللبناني.

“النار بالنار” كانت من الأعمال الدرامية التي اختارت النهايات الحزينة في موسم دراما رمضان 2023، وهو من تأليف الكاتب السوري رامي كوسا وإخراج السوري محمد عبد العزيز، وإنتاج شركة “الصبّاح”، وبطولة الفنانين السوريين عابد فهد وكاريس بشار والفنان اللبناني جورج خبّاز، وهو مختلف عن باقي الأعمال السورية اللبنانية من زاوية الطرح والموضوع.

https://youtu.be/kEhiCrtFnfU

المسلسل حظي بنسب بحث ومشاهدة كبيرة، ذلك ربما لأنه يعتبر عمل استثنائي يروي الحكاية والعلاقة التاريخية التي تجمع بين سوريا ولبنان، كما يتناول العلاقات التي تربط بين الشعبين أدبيا وفنيا، وثقافيا، وجغرافيا وتاريخيا، إلا أن نهاية العمل كانت حزينة جدا، فمريم التي تلعب شخصيتها كاريس بشار ذُبحت على يد زوجها، وذلك لأنها بدأت بعلاقة حب جديدة بعد عذاب استمر 5 سنوات وهي تبحث عن زوجها، ليخبرها عمران، عابد فهد، أنه مات في السجن. لكن المفاجأة أنه على قيد الحياة وكانت ورقة بيد عمران الذي استخدمها للانتقام من مريم بعد رفضها الزواج منه ووقوعها بحب عزيز، جورج خبّاز.

هذا ولم تكن النهاية متوقعة، مريم التي شهدت كل أنواع العذاب والتشرد ماتت ذبحا، وعزيز بعد أن وجد فتاة وأحبها بالرغم من أنها سورية الجنسية عاد وحيدا من جديد.

العمل مختلف عن باقي الأعمال المشتركة الأخرى، ويُعتبر استثنائيا على اعتباره يروي الحكاية والعلاقة التاريخية التي تجمع سوريا بلبنان، كما يتناول العلاقات التي تربط بين الشعبين أدبيا وفنيا، وثقافيا، وجغرافيا وتاريخيا، وفق القائمين على العمل. كما ويتمحور حول وجود اللاجئين السوريين في لبنان، وتسليط الضوء على أوضاعهم المعيشية، وطبيعة علاقتهم باللبنانيين وما طرأ عليها من تحوّلات على مدار أكثر من 11 سنة. المسلسل وفق ما يقوله القائمون عليه إنه يقدّم قصة جديدة ويتناول مواضيع لم يجرِ تناولها سابقا من قبل الدراما السورية اللبنانية.

نهاية “تحت الوصاية”

في المقابل، أخذ مسلسل “تحت الوصاية” المصري نصيبه من النهاية الحزينة، حيث كانت الحلقة الأخيرة منه بمثابة صدمة للجمهور والمختصين على حد سواء، الذين لم يتوقعّوا أيضا أن تكون نهاية حنان التي تؤدي شخصيتها الفنانة المصرية منى زكي ظالمة وحزينة. فبعد حرق المركب، ومحاولتها الهروب إلى السويس مع أطفالها، تم القبض عليها في الطريق ومقاضاتها بالحُكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ، وفق تقرير لـ”إي تي بالعربي“.

الجمهور تفاعل بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي بمشهد لحظة وداع ياسين لوالدته حنان وبكائه، كما تفاعل البعض مع الحوار في بداية الحلقة بين منى زكي بشخصية حنان وابنها ياسين في القطار، وهكذا كانت النهاية المؤلمة لكل المتابعين، فبعد كل المعاناة التي مرت بها خلال أحداث المسلسل، النهاية كانت في سجنها وابتعادها عن أطفالها، التي حاولت أن توفر لهم قوتهم بعد مواجهات كبيرة ومطاردات من جدّهما وعمّهما بدعوى الوصاية.

سكرين شوت لتقرير صحيفة “الغارديان” حول مسلسل “تحت الوصاية”

هم طالبوا بتعديلات في قانون الوصاية على القُصّر في مصر. وأشادت صحيفة “الغارديان” البريطانية بالمسلسل، في تقرير لها عنه، وأشارت إلى “تحت الوصاية، عمل تليفزيوني ناجح عُرض في رمضان، سلط الضوء على القضايا التي تواجه النساء والأطفال بعد وفاة الأب”.

التقرير البريطاني أردف أنه “قدم نائبا مجلس النواب أميرة العادلي ومحمد إسماعيل طلبات منفصلة إلى رئيس مجلس النواب ووزير العدل لفحص تأثير القانون الذي يقول النقاد إنه يستهدف النساء بشكل غير عادل ويضر بالأسرة، فبموجب القانون، وعند وفاة الأب، فإن الوصاية القانونية على أي من أبنائه دون سن 18 عاما وورثهم تعود إلى جدهم من الأب أو إلى ولي أمر يرشحه الأب، وترك الأم بلا رأى”.

من ناحية أخرى أشادت مايا مرسى، رئيسة المجلس القومي للمرأة بمصر، بمسلسل “تحت الوصاية”، ودور منى زكي فيه، وعبر حسابها الرسمي على منصة “فيسبوك”، قالت “دراما واقعية وعملا فنيا صادقا”، وأضافت “نستقبل المشاكل كل يوم من أمهات أصبحن بين ليلة وضحاها أرامل ومعهن أطفال قُصر”.

بمعنى أن العمل قدّم نموذجا لمئات القصص الواقعية التي حدثت ولا تزال تحدث في مصر نتيجة قانون لا يُنصف أي حق أو دور للمرأة فيه، وبالتالي ربما تكون هذه هي النهاية الحزينة، في هكذا أعمال درامية أن تدفع المهتمين والمعنيين إلى إجراء تعديلات على هذه القوانين، بحيث تكون عادلة للرجال والنساء على حدّ سواء.

نهاية “ضرب نار”

كذلك، من الأعمال الدرامية التي اختارت النهايات الحزينة، مسلسل “ضرب نار” المصري، وهو من بطولة أحمد العوضي، ياسمين عبد العزيز، دنيا المصري، ماجد المصري وغيرهم. وبالرغم من أن الحقائق بدأت تنكشف في الحلقة الأخيرة، بعد ذهاب جابر، أحمد العوضي إلى نوسة، واخبارها بما حدث بينه وبين مهرة، ياسمين عبدالعزيز وكيف أنها أخفت عنه طفله حسن وأسمته باسم زيدان، وبعدها يخطط جابر مع مهرة لـ الخروج من المأزق.

إلا أن المفاجأة كانت خلال حفل الزفاف، حيث تم قتل مهرة على يد ابن تاجر المخدرات ما أدى لانهيار جابر، وبعدها تم القبض عليه بتهمة تهريب السلاح والحكم عليه بإحالة أوراقه إلى المفتي. والحلقة أثارت غضب عارما والتي انتهت بإعدام جابر، وقتل مهرة وهي نهاية غير متوقعة للجمهور.

حول ردود الفعل على الحلقة الأخيرة من المسلسل، نشر أحمد العوضي عبر صفحته على منصة “إنستغرام”، صورة تجمعه بزوجته، ياسمين عبدالعزيز. وكتب العوضي “محدش مات ولا حد اتعدم .. محدش يزعل.. أحلى على الأحلى”.

بحسب موقع “القاهرة 24″، حصل المسلسل على جائزة أفضل مسلسل في موسم دراما رمضان 2023، وذلك بناءً على تصويت الجمهور. وحقق أيضا نجاحا كبيرا في السباق الرمضاني، حيث احتوى العمل على العديد من الرسائل والقضايا التي ناقشها، منها قضية تجارة السلاح والنهاية المأساوية التي يصل إليها صاحب هذا الطريق، بجانب تسليط صنّاع العمل الضوء على قضية الإدمان والمخدرات، من خلال تقديم صورة مؤثرة ورسالة تحذير للشباب من مخاطر طريق الإدمان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات