موضوع مثير عاد إلى الواجهة مرة أخرى في الوسط المصري خاصة والعربي بشكل عام خلال هذه الأيام، حيث ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بأزمة اتهامات طالت المصممة المصرية، غادة والي، بسرقة أربع لوحات فنية من الفنان الروسي جورجي كوراسوف.

الأزمة استحوذت على حيّز كبير من وسائل الإعلام المختلفة، فالفنان الروسي يؤكد أن المصممة المصرية استخدمت إحدى لوحاته في حملة دعائية لصالح إحدى شركات المشروبات الغازية العالمية، إلا أن تلك الاتهامات تم نفيها من قِبل غادة والي، والجدل لا يزال مستمرا حول الموضوع من أيام معدودة عبر المواقع الإعلامية ومنصات السوشيال ميديا، ومؤخرا أعلن الفنان الروسي أنه سيلجأ إلى المحكمة ليكون الحكم بينه ووالي.

بداية أزمة غادة والي

في العام الماضي، اتهم الفنان الروسي، غادة والي بسرقة 4 لوحات من أعماله، واستخدامها بتغييرات طفيفة في تصميم جداريات بمحطة مترو في “كلية البنات” بالعاصمة المصرية القاهرة، لتقوم إدارة المترو بإزالة الجدارية واعتذرت للفنان الروسي.

لوحة الفنان الروسي مقارنة بلوحة المصممة المصرية- “وسائل التواصل الاجتماعي”.

تاليا رفع محامي للفنان الروسي دعاوى قضائية ما زالت منظورة أمام المحكمة ضد والي، وفي أيار/مايو الجاري نقلت صحف مصرية عن أحمد حسن، محامي الفنان الروسي قوله إن “موكّله اكتشف استخدام إحدى لوحاته ورسوماته الفنية إثر مشاهدة الدعاية الخاصة بشركة بيبسي على شاشة التلفزيون”.

الفنان الروسي قال إنه متجه نحو اتخاذ إجراءات قانونية ضد شركة “بيبسي” وغادة والي، مطالبا بتعويض مالي ضخم واعتذار رسمي من الشركة لاستخدام رسومه دون استئذان. ووفقا للمحامي فإن كوراسوف لديه جميع المستندات الدالة على أن الرسومات التي ظهرت في الإعلانات ملك له.

من جانبها، والي بعد صمتها لمدة سنة علقت على تلك الاتهامات، وقالت في تصريحات تلفزيونية إن “جدارية المترو استوحتها من رسومات في مقبرة مصرية قديمة”.

كذلك، رد محامي غادة، عادل عبد الحميد، على اتهام الرسام لها، معتبرا أنه “تلفيق محكم هدفه هدم موكّلته التي حصلت على تكريمات داخل وخارج مصر”.

في حين تشير التقارير إلى أن الرسوم الخاصة بالدعاية التي أثارت سجالا بين والي وكوراسوف تخص العلامة التجارية “سفن أب ” التابعة لشركة المشروبات الغازية الأميركية “بيبسي”. فقبل نحو خمس سنوات، أطلقت الشركة حملة إعلانية لترويج مجموعة محدودة من عبوات “سفن آب”. وتميزت تلك العبوات بألوانها المزركشة ورسومها المستوحاة من التاريخ المصري.

ردود والي تثير السخرية!

المصممة المصرية حتى اليوم تدافع عن نفسها وتنفي كل هذه الاتهامات، مؤكدة أنها “صاحبة التصميمات الأصلية الخاصة بحملة المشروبات الغازية”. وفي بيان صحفي تداولته عدة وسائل إعلام محلية، وصفت والي اتهامات الفنان الروسي بـ “الكاذبة” معتبرة أنه يسعى ” لركوب الترند واكتساب الشهرة عبر اتهامها زورا من حين إلى آخر دون تقديم إثباتات”.

الوالي نشرت مقطع فيديو على حسابها على منصة “إنستغرام”، أعلنت فيه اللجوء للقضاء لإثبات حقها ومواجهة التنمر الإلكتروني الذي تعرضت له، مشيرة إلى أن حملة شركة المياه الغازية تعود إلى 2018 مضيفة أنها “رسمت تلك الرسومات بيديها وهي موجودة على الإنترنت”.

والي تزعم أن مشروعها الفني يهدف إلى إحياء التراث المصري موضحة أن الحملة الدعائية الأخيرة تأتي ضمن سلسلة مشاريع مشابهة مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة، مضيفة أن الفنان الروسي استغل صمتها وعدم ردّها على اتهاماته السابقة التي تصدّرت وسائل الإعلام العام الماضي، فأعاد الكرة مجددا، وفق تعبيرها.

والي ظهرت في مقابلة تلفزيونية مع الإعلامي المصري عمرو أديب، في برنامج “الحكاية”، عبر فضائية “إم بي سي مصر”، مؤخرا، وأثارت الجدل بعد تصريحاتها المثيرة، حيث نفت اتهام الفنان الروسي، مبررة تطابق الرسومات بتوارد الأفكار.

والي ادعت مرة أخرى أنها اقتبست لوحاتها من وحي الحضارة المصرية القديمة واستوحت “موتيفات” الرسم من الرسام العالمي بيكاسو، وهو ما جعل الإعلامي عمرو أديب بالتبعية يفترض عليها سرقة الفكرة أيضا من بيكاسو. واللافت أن والي أخطأت في وصف “المعبود حورس” خلال تشريحها للتصميمين المتطابقين أثناء مقابلتها مع عمرو أديب، فوصفته بالعصفورة، ما عرضها لحالة من الانتقاد والسخرية من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.

أحد المتابعين علّق عبر بوست على منصة “فيسبوك” بالقول “أستاذة غادة والي لما عمرو أديب جاب الصورتين دول قالت له بص حضرتك في هنا عصفورة عنده في الرسمة بتاعتي مفيش.. الفنانة بترسم هوية مصرية وبتقول على حورس عصفورة”.

مقارنة بين التصميمين- والعصفور التي سمته حورس

في حين ذكر أحدهم “العصفورة اللي غادة والي اعتبرتها هي الفارق الجوهري بين شغلها ولوحة الفنان الروسي، طلعت متاخدة من موقع فري بيك”، وهو أحد المواقع الإلكترونية المتخصصة في عرض وتقديم صور وايقونات وخلفيات عالية الجودة للاستفادة منها من قبل المصممين العاملين في مجالات التصميم.

من بين الردود حول هذا الموضوع عبر المنصات الإلكترونية، ثمة من انتقد والي وذكّر بأزمتها السابقة مع الرسام الروسي مطالبا الحكومة بنشر بيان جديد يشرح طبيعة الإجراءات التي اتخذتها بحقها عقب أزمة جداريات مترو القاهرة. في حين، طالب البعض الآخر شركة “بيبسي” بإصدار توضيح.

بينما يرى معلقون آخرون أنه في حال صحّت ادعاءات الفنان الروسي، فإن أقل شيء يمكن فعله هو محاسبة والي ومراجعة أعمالها خاصة تلك التي قدمتها في المحافل الوطنية، وفق تقارير صحفية.

آراء الخبراء

في المقابل، يحدد فنانون تشكيليون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية“، الحدود التي لو تخطاها الفنان في النقل من أعمال غيره، يكون قد وقع في تهمة السرقة، مع تطبيق أمثلة على الأزمة محل الخلاف بين غريغوري كوراسوف وغادة والي.

رئيس قطاع “الفنون التشكيلية” السابق، خالد سرور، يعتبر ما حدث “سرقة فنية متكاملة الأركان”، واستدل على ذلك بمقارنة بين الأعمال الفنية لوالي والفنان الروسي، قائلا “هناك نقل واضح لوالي من أعمال كوراسوف، يصل لحد التطابق، فيما يخص الخطوط والاتجاهات في العمل الفني، يوجد تشابه لحد النسخ، بالتالي فإن والي أخدت حلّا فنيا سبقها إليه الفنان الروسي”.

هذا ويتفق معه الفنان التشكيلي والمصمم المصري حسين نوح، الذي يقول إن الأعمال الفنية لوالي عبارة عن قص ولصق، إذ نقلت أسلوب عمل الفنان الروسي ونفس الخطوط التي يستخدمها. وبحسب الخبراء فإن الاقتباس من أعمال الغير مسموح به في العمل الإبداعي، إلا أن هناك حدودا إن تم تجاوزها تتحول إلى سرقة.

أما بالنسبة للعقوبات التي يمكن أن تطال والي، فهي كبيرة وفق الخبراء، فمثلا إذا تمت إدانة والي بسرقة أعمال الفنان الروسي، فإنها ستدفع تعويضات مالية كبيرة، وستُفسخ الشركات المتعاقدة معها عقودها، وسيتم سحب جميع المشروعات التي تعمل بها مع شركات محلية ودولية.

هذا وتبرأت “نقابة الفنانين التشكيليين” في مصر من عضوية والي، بعد الاتهامات التي طالتها مؤخرا، وقالت النقابة في بيان رسمي “تؤكد نقابة الفنانين التشكيليين، بأن غادة والي ليست عضوا لديها، وتُسأل والي وحدها عما ينسب إليها من أفعال”.

الفنان الروسي- “تويتر”

النقابة أردفت في بيان ثان، “نود أن نوضح استكمالا لبياننا السابق، والذي صدر عنا بشأن ما نُسب إلى والي، من اتهامات، لا علم لنا بملابساتها، وتفصيلاتها، حيث أكدنا أنها ليست عضوا في النقابة”، مضيفة “ليس للنقابة أي سلطة على أي فنان، يقوم بعمل فني، فالعمل مسؤول من صاحبه، وليس لدى النقابة، ضبطية قضائية، في مجال الفن التشكيلي”.

نبذة عن غادة والي

والي من مواليد عام 1990، التحقت بالجامعة الألمانية في القاهرة عام 2006، وتخرجت منها سنة 2011، ثم درست في جامعة “فلورنسا” بإيطاليا. وأعدت والي ماجستير في التصميم من فلورنسا، إيطاليا، وفازت به كمنحة دراسية.

كما قامت والي بتدريس التصميم الجرافيكي في كل من الجامعات الألمانية والأميركية في القاهرة.

مع ذلك وحتى عام 2017 لم تكن والي معروفة، حتى قامت بتمثيل المرأة المصرية في منتدى شباب العالم الذي انعقد في تشرين الثاني/نوفمبر 2017 في شرم الشيخ، إذ ألقت حينها كلمة أمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

كذلك، اختارتها مجلة “فوربس” العالمية لتكون ضمن قائمة تضم 30 فنانا تحت سن الثلاثين، احتفى بها “المجلس القومي للمرأة” باعتبارها نموذجا للفتاة المصرية الموهوبة والقادرة على تحقيق حلمها رغم التحديات التي تواجهها ونشر فيديو لحكايتها.

بعد ذلك برز نجم والي بعد تكليفها بتصميم مشروعات تشرف عليها الحكومة من بينها شعار احتفالية “افتتاح طريق الكباش” في عام 2021.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات