في اليوم العالمي للعمال، والذي يصادف الأول من أيار/مايو من كل عام، أدلى مسؤولون سوريون بتصريحات جريئة بشأن الحد الأدنى للأجور في البلاد، قائلين إنه لا يكفي حتى لتغطية نفقات يوم واحد. هذه الأخبار التي تصدرت وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن مفاجأة لكثير من السوريين الذين يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم في مواجهة ارتفاع التضخم وانهيار الاقتصاد.

على الرغم من إحداث “المرصد العمالي للدراسات والبحوث” بالتعاون مع الاتحاد العام لنقابات العمال ورشة عمل في عام 2022، بعنوان “مستقبل سوق العمل في سوريا والتحديات التي تواجهه”، إلا أن مؤسسات الدولة لم تجرِ إي تغييرات جذرية في نظام الرواتب والأجور، أو إجراءات عاجلة لمعالجة القضية.

الأمور معقدة وصعبة

رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، جمال القادري، كشف لبرنامج “المختار” الذي يبث عبر إذاعة “المدينة إف إم” المحلية، أمس الاثنين، أن الحد الأدنى للرواتب السورية لا يكفي ليوم واحد، وأن نظام الرواتب والأجور يحتاج لتعديل جذري، وأي زيادة للرواتب لم تعد كافية ولا يمكن أن يبقى التضخم ذريعة.

الأسعار تحرق السوريين - "غيتي"
الأسعار تحرق السوريين – “غيتي”

وفقا لبيانات الحكومة، يبلغ الحد الأدنى الحالي للأجور في سوريا 28 دولارا أميركيا في الشهر، أي أن راتب الموظف السوري لا يتجاوز دولارا واحدا يوميا، وهذا الراتب المنخفض ليس كافيا فقط للاحتياجات الأساسية، ولكنه أيضا يديم دورة الفقر  داخل المجتمع المحلي. ومن دون نظام أجور يعمل بشكل صحيح وصالح للعيش، من المحتّم أن يكون أداء الاقتصاد السوري ضعيفا.

الضروريات الأساسية مثل الغذاء والسكن والرعاية الصحية باهظة الثمن بشكل متزايد. حيث شهدت الليرة السورية حالة من التراجع، فسعر الصرف مقابل الدولار الأميركي وصل إلى مستويات غير مسبوقة، مما يجعل من الصعب على المواطن السوري العادي تغطية نفقاته.

أحدث البيانات حول الليرة السورية، تشير إلى بلوغ سعر تصريف الدولار الواحد 8200 ليرة سورية، وبتقدير الباحث الاقتصادي، أسامة القاضي، وبحسب النشرة الدورية لوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فإن راتب الموظف السوري لا يكفي للجلوس أمام المطعم لتناول 4 سندويشات.

القاضي لفت إلى افتراض راتب  الموظف في ⁧‫سوريا‬⁩ 100 ألف ليرة، فإنها تعادل صحن شاورما بمبلغ 72 ألف ليرة، وصحن بيض بـ 23 ألف ليرة، وسندويشة شاورما بـ 6 الآف ليرة سورية. أو يعادل 4 سندويشات شاورما وصحنين بيض، وبذلك يكون الراتب قد غادر جيب المواطن.

التعديلات الجذرية ضرورية

إن تعزيز الاقتصاد السوري من خلال زيادة الرواتب وخلق وظائف جديدة هو أحد الأولويات الرئيسية للحكومة. مع التصريحات الجديدة للمسؤولين السوريين فإن الوقت قد حان لتغيير كامل لأجور القوى العاملة، وتوسيع عقلية ريادة الأعمال، ورفع الاستثمار المرتبط ارتباطا وثيقا بالتكنولوجيا.

الحكومة السورية في وقت سابق اعترفت بالمشكلة ووعدت باتخاذ إجراءات لمعالجتها. ومع ذلك، فإن الكثيرين يشككون في قدرة الحكومة على إجراء أي تغيير حقيقي في ضوء الظروف الاقتصادية الحالية في البلاد.

سوق شعبي في سوريا - (أرشيفية)
سوق شعبي في سوريا – (أرشيفية)

الوضع في سوريا معقّد، حيث يساهم الصراع المستمر وعدم الاستقرار السياسي في الأزمة الاقتصادية. ومع ذلك، من الواضح أن هناك شيئا ما يجب القيام به لمعالجة مسألة الرواتب والأجور في البلاد.

من المؤمل أن تؤدي التصريحات الجريئة الأخيرة للمسؤولين السوريين إلى اتخاذ إجراءات حقيقية لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، حيث أشار القادري إلى أن هناك معاناة في واقع العمال ضمن القطاعين العام والخاص، واختلالات كبيرة بحقوق العمالة، الذي يعاني منها سوق العمل قبل الحرب، والتي غيّرت البنية وأحدثت اختلالات أكبر.

التضخم لم يعد عذرا

على الرغم من الضغوط التضخمية، يؤكد المسؤولون الحكوميون أن الرواتب المتدنية يجب أن تصبح في مقدمة القضايا داخل أجندة الحكومة، وذلك من خلال رفض الأساليب التقليدية لفحص الوظائف والتركيز بدلا من ذلك على أشكال الدمج مع الثورة الحالية.

مخاوف من زيادة أجور ورواتب الموظفين في سوريا - إنترنت
مخاوف من زيادة أجور ورواتب الموظفين في سوريا – إنترنت

 مواقع محلية سورية تحدثت عن الفرق بين أسعار المواد الغذائية التي حددتها النشرة الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك والسعر الحقيقي للمنتجات في أسواق دمشق، حيث وصل السعر الرسمي لكيلو “شرائح الدجاج” إلى 45 ألف ليرة سورية، في حين وصل سعره في الأسواق إلى 52 ألفا.

 سعر كيلو البامية في سوريا  قفز خلال الفترة الأخيرة إلى نحو ربع مليون ليرة أي أكثر من 25 دولارا؛ مما أثار حالة من الاستغراب بين السوريين.

صفحة “الفساد في سوريا”، كتبت حول غلاء سعر البامية الذي وصل سعر الكيلو منها لأكثر من راتب موظف في شهر كامل، “نزلت سوق الخضرة لأشتري طبخة فسألت البائع كم كيلو البامية؟ فقال لي الكيلو بـ 150 ألف ليرة.. أصابتني الدهشة وقلت في نفسي إن سعر كيلو البامية أكثر من راتبي الذي أتقاضاه؟”.

نظام الرواتب والأجور السوري غير كافٍ لدعم الاحتياجات الأساسية ويديم الفقر. عدد العاملين في الدولة يبلغ 1.8 مليون عامل، وتبلغ كتلة الأجور، بعد زيادتي العامين الماضيين، نحو 1.5 تريليون ليرة سورية، بعد رفع الحد الأدنى للأجور من 47 ألف إلى 71.5 ألف ليرة سورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
2 2 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات