منذ عام وبشكل شهري وثّق خبراء الحياة البرية في سوريا، ظهور عدة أنواع من الطيور النادرة في البلاد لأول مرة، وهذا التطور المثير إشارة على عودة الموائل الطبيعية في المنطقة.

وفقا لخبراء الحياة البرية، فإن ظهور هذه الأنواع النادرة من الطيور في سوريا يعد علامة إيجابية على التنوع البيولوجي في المنطقة. كما أنه مؤشر على أن تأثيرا إيجابيا يحدث في الطبيعة السورية، على الرغم من التحديات المستمرة التي يفرضها الصراع وانهيار المنظومة الزراعية التي تعرضت لجفاف قاسي.

الوروار الأخضر العربي سورياً

بعد ظهوره في صوره مع أحد الصيادين، أكد الخبير بالحياة البرية أحمد أيدك، لموقع “أثر برس” المحلي، أمس الخميس، أنها المرة الأولى التي يتم فيها توثيق طائر الوروار الأخضر العربي، منوها بأن النوعين اللذين يشاهدان في سوريا عادة هما الوروار الأوروبي والوروار أزرق الخدين، وهناك من تختلط الأمور لدى البعض ويظن أنه شاهد الوروار الأخضر بسبب التشابه بينهم.

طائر الوروار الأخضر العربي - إنترنت
طائر الوروار الأخضر العربي – إنترنت

صورة الطائر الذي ظهر فيها مقتولا في إحدى الصفحات منذ حوالي أسبوع، دون دراية صاحب الصورة بنوع الطائر، هي سابقة بوجوده داخل البلاد، إذ إن الموطن الأصلي لهذا الطائر هو شبه الجزيرة العربية إلى شرق البحر الأحمر حتى شمال غرب مصر وفلسطين والأردن وصولا للعقبة حيث ينتهي توثيقه هناك.

هذا أول توثيق له في سوريا، ما يوحي باحتمال انتشاره في البلاد، بحكم تغير المناخ العالمي الذي قد يتسبب بوصول أعداد أكبر من هذا الطائر إلى سوريا لأنه من طيور المناطق الحارة، فعندما تصبح الحرارة مرتفعة في سوريا سيأتي إليها ليتكاثر.

لطائر الوروار العربي ثلاثة أنواع،  وهو كغيره من طيور الوروار يتغذى على الحشرات وخاصة الدبابير والنحل واسمه في المعاجم الأجنبية “آكل النحل”، لذلك هناك اهتمام خاص بهذه الطيور لأنها تقضي على أعشاش الدبابير. كما تشتهر بألوانها النابضة بالحياة، بما في ذلك الجسم والأجنحة الخضراء الزاهية، والحلق الأصفر، ورقعة العين الحمراء. كما يتميز بأنها طيور اجتماعية تعيش عادة في مستعمرات.

“غرير الشرق الأوسط” يظهر بريف دمشق

ظهور الحيوانات النادرة أو المنقرضة في سوريا باتت ظاهرة مألوفة مؤخرا، ففي كانون الثاني/يناير الفائت نشر أحد الناشطين المهتمين بالحياة البرية السورية على حسابه في “فيسبوك” صورا لحيوان “غرير الشرق الأوسط” شبه المنقرض في سوريا، وذلك بالقرب من العاصمة دمشق.

غرير الشرق الأوسط في منطقة الديماس - إنترنت
غرير الشرق الأوسط في منطقة الديماس – إنترنت

حيوان “غرير الشرق الأوسط” النادر ظهر بحجم كبير، ولكنه كان نافقا بعد أن صدمته سيارة على الطريق الواصلة بين بلدة الديماس ومجمع صحارى السياحي بريف دمشق. 

بحسب تعليقات بعض سكان المنطقة بأنها المرة الأولى التي يُرصد فيها هذا الحيوان، مشيرين إلى أنهم سبق أن شاهدوا سناجب وأنواعا من الطيور النادرة فيها. حيث يُعدّ “غرير الشرق الأوسط” من الحيوانات نادرة الظهور في سوريا، وهو غير خطير نسبيا إلا في حال مهاجمته، ويتغذى على مختلف أنواع الحشرات والديدان والزواحف والثدييات الأرضية الصغيرة، وغالبا ما ينشط في ساعات الليل.

طيور سورية في غابات موسكو

عودة الطيور إلى سوريا سبقتها هجرة عدة أنواع من الطيور، ففي عام 2017 رصدت طيور نقار الخشب السوري النادرة جدا في غابة “بيتسا” جنوب غرب موسكو، وذلك خلال جرد روتيني للطيور المقيمة في المنطقة.

نقار الخشب السوري - إنترنت
نقار الخشب السوري – إنترنت

وكالة “إنترفاكس” الروسية ذكرت حينها أن هذه الظاهرة تُعدّ فريدة من نوعها وغير معتادة، حيث أخذت أزواج من هذه الطيور تبني أعشاشها في الغابة المذكورة.

موظفو الخدمة في الغابة قالوا إن نقار الخشب السوري يبدو للوهلة الأولى شبيها بنقار الخشب العادي المعروف والمنتشر في الغابات الروسية ولكنه يتميز بوجود “شارب” أسود اللون لا يتحد مع منطقة ما خلف الرقبة السوداء أيضا وبلون باهت أكثر في منطقة ما تحت الذنب.

المختصون في البيئة أشاروا إلى أن ظهور هذا النوع الجنوبي من طيور نقار الخشب يدل على توسيعه لمنطقة تواجده تجاه غابات الشمال الأوروبي، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها التغير المناخي.

نقار الخشب السوري يُعتبر من الطيور المقيمة من جنوب شرق أوروبا إلى إيران. وقد توسع نطاقها إلى مزيد من شمال غرب أوروبا في السنوات الأخيرة. وهو من سكان الغابات المفتوحة، والمتنزهات، وتعشيش على الأشجار القديمة.

بين تهاون السلطات وجور الصيادين

سوريا كانت في سنوات سابقة من أهم مواقع عبور الطيور وإقامتها في الشتاء ومواسم هجرتها المنظمة، وأشار كتاب طيور سوريا “الدليل الحقلي” إلى وجود 394 نوعا من الطيور منها المهاجر والعابر والمقيم والزائر صيفا أو شتاء، إضافة إلى بعض الأنواع الشاردة أو المجبرة على تغيير مسارها واللجوء إلى الأراضي السورية أحيانا بسبب التبدلات المناخية، حيث سُجّل في الأعوام الأخيرة بعض الأنواع الجديدة على “فونا” الطيور الوطنية.

عدد أنواع الطيور المهددة محليا وعالميا والتي تؤم سوريا يبلغ 17 نوعا وذلك حسب “مجلس الطيور العالمي” وملاحق اتفاقية “سي أي تي إي إس” الخاصة بتجارة الأنواع المهددة بالانقراض.

مع بداية 2011 بدأت أعداد كثيرة من هذه الطيور سواء منها المعروفة أو النادرة بالتناقص التدريجي، ولم يقتصر انقراض هذه الطيور على المقيمة منها، بل تعدى ذلك إلى الطيور المهاجرة التي تعبر أجواء سوريا أيضا، منها طائر الحبارى، والبط الأبيض الرأس، وطائر القطا وغيرها.

طائر الوروار الأخضر العربي - إنترنت
طائر الوروار الأخضر العربي – إنترنت

بسبب العقوبات المالية الخجولة وعدم تطبيق القوانين بخصوص منع الصيد البري ومنع نزع الأعشاش أو إتلافها أو نقلها ومنع إتلاف البيوض والفراخ أو نقلها أو عرضها للبيع أو اصطياد طائر أو حجزه، لم يرتدع الصيادون كما لم يقلل قانون حظر حمل السلاح من اقتناء أسلحة الصيد فبقيت بنادق الصيد تشكل أكبر تهديد للحياة البرية وطيورها.

المخاطر التي أدت إلى انقراض العديد من الحيوانات النادرة في سوريا ما زالت قائمة، ونظرا لقلة الأعداد المتبقية منها، وهجرتها باتجاهات مختلفة فإن متطلبات حمايتها تفوق الإمكانات المحلية وتحتاج إلى تنسيق دولي. فلا بد من القيام بأبحاث حول تغذيتها وتعشيشها وتكاثرها مع الاستمرار في مراقبة أعدادها وحماية مواقع التعشيش والإقامة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات