في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها السوريون في بلادهم، وارتفاع تكلفة الخدمات الطبية، تتجه الكثير من العائلات السورية إلى التخلي عن ثقافة “عدد الأبناء”، حيث عمد البعض إلى الاتجاه إلى “تنظيم الأسرة وتحديد النسل” بسبب صعوبات الحياة، لا سيما من الناحية الاقتصادية.

تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، أشار إلى أن الأوضاع الاقتصادية المتردية انعكست على نسبة الولادات خلال الفترة الأخيرة، حيث أكد عدد من الأطباء والطبيبات النسائية أن “أغلب النساء بدأن يكتفين بولد واحد بينما كان وسطي عدد الأولاد التي ترغب النساء بإنجابهن 4 أطفال”.

الصحيفة نقلت عن طبيبات نسائية، قولهنّ إن نسب الولادات تراجعت مؤخرا بشكل كبير، “وقد تجد الأسرّة في مشافي التوليد في بعض الأيام فارغة بعد أن كانت تخرج المريضة فورا نتيجة ضغط الولادات، حتى المعاينات تكاد تختفي بآخر الشهر، ناهيك بأن أغلب العرسان حاليا يأتون لأخذ مانع حمل بسبب تفكيرهم بالسفر”.

ارتفاع أسعار الخدمات الطبية

ارتفاع أسعار الخدمات الطبية المقدّمة في مشافي التوليد، كان سببا إضافيا في عزوف العائلات السورية عن إنجاب أكثر من طفل، حيث وصلت أسعار عمليات التوليد القيصرية إلى 6 ملايين ليرة سورية في بعض المشافي، وهي تبدأ من 800 ألف ليرة.

بينما تبدأ أسعار الولادة الطبيعية من 400 ألف لتصل إلى مليونين، وهناك أطباء يرفضون رفضا قاطعا إجراء عملية ولادة طبيعية للمريضة بغض النظر عن حالتها، “فأجرة الولادة الطبيعية بالكاد تفي حقها” بحسب تقرير الصحيفة، الذي نقل عن الدكتورة رزان قولها إنه “يجب أن يكون سعر الولادة الطبيعية أعلى من الولادة القيصرية فهناك بعض الحالات يبقى الطبيب يوما كاملا مع المريضة لحين ولادتها”.

رغم هذا الارتفاع في أسعار الخدمات الطبية، أكدت الدكتورة أن هذه الأسعار لا تؤمن في بعض الأحيان تكاليف المهنة “الشاقة”، خاصة في ظل انهيار قيمة العملة المحلية، وأضافت “بالكاد يؤمن تكاليف المهنة الشاقة فأحياناً أجرة شهر بالكاد تكفي إصلاح جهاز الإيكو أو أي جهاز يتعطل في العيادة، فشراء مواد بسيطة للعيادة كان سعرها 3 آلاف ليرة باتت تكلف اليوم 500 ألف ليرة، فقد أصبح سعر الشاش 30 ألف ليرة، وعلبة سيديات من أجل الإيكو وصل سعرها لـ 80 ألف ليرة وعلبة (بوفيدون) 5 ليترات وصل سعرها إلى 85 ألف ليرة، ناهيك بأن الطبيب يحتاج إلى تطوير نفسه دائما عبر السفر لحضور المؤتمرات العلمية”.

طفل واحد يكفي؟

بالعودة إلى تراجع نسبة الولادات في سوريا، فقد أكد أحمد همام وهو شاب متزوج منذ سنتين، إنه لا ينوي إنجاب أكثر من طفل واحد، حيث أصبحت تكاليف تربية الأطفال عالية جدا، وتفوق قدرة معظم السوريين في ظل تراجع مستوى الدخل.

همام قال في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “اتفقت أنا وزوجتي على إنجاب طفل واحد فقط، وربما بعد عدة سنوات إذا تحسّن وضعنا سوف ننجب طفل آخر، الأوضاع الاقتصادية ربما لا تسمح للبعض حتى بإنجاب طفل واحد، تكاليف التعليم والصحة وغيرها أصبحت مرتفعة بشكل جنوني”.

قد يهمك: “الزلزال أوقف زيادة الرواتب“.. تبريرات الحكومة السورية تثير استياء الشارع

بدوره كشف رئيس جمعية “المولدين النسائيين” والأستاذ في كلية الطب البشري بجامعة دمشق مروان الحلبي، عن تراجع أعداد الولادات في سوريا إلى النصف خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب الظروف الاقتصادية السيئة وارتفاع التكاليف.

الحلبي قال في تصريحات نقلها موقع “أثر برس” المحلي، إن “نسبة الولادات كانت قبل عام 2010 تصل إلى 550 ألف ولادة سنويا، وهي آخر إحصائية أجرتها الجمعية”. مضيفاً أن “عدد الولادات تناقص إلى النصف بسبب الظروف الحالية”.

كذلك أوضح أن “الناس حاليا تؤجل الحمل والولادة نظرا للظروف الاقتصادية السيئة، بالإضافة إلى أن سفر الشباب وهجرتهم لعب دورا كبيرا في تقليص عدد الولادات، ناهيك عن تكاليف الحمل والولادة ومصاريف الأطفال التي باتت غالية جداً، وليس بمقدور الموظف العادي تحمّلها”.

بعض العائلات في سوريا اليوم باتت تؤمن بحتمية “تنظيم الأسرة” لأسباب اقتصادية، وقد زاد الإقبال على هذا النوع من التنظيم، كذلك زاد الإقبال على استخدام موانع الحمل، من أجل تحديد النسل والتحكم بموضوع إنجاب الأطفال.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات