مؤخرا بات السوريون يعانون من وضع غريب فيما يتعلق بشراء الملابس، فبعد ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، أصبحت الملابس رفاهية للكثيرين، ونتيجة لذلك أصبح السؤال المطروح بين العامة هل يحظى السوريون برفاهية الملابس أم أنها مقتصرة على أبناء الذوات.

الأسواق السورية ومنذ رمضان الفائت تعاني من ضعف في حالة الإقبال على شراء الملابس، ويشتكي الكثيرون من ارتفاع أسعارها وانخفاض جودتها، وفي ظل ارتفاع الأسعار السائد في الأسواق، بات من الصعب على الأُسر تأمين احتياجاتها الأساسية، ومن ضمنها الملابس. وبالتالي، يتجه الكثيرون إلى شراء الملابس المستعملة أو لبس القديمة حتى تصبح بحاجة إلى الإصلاح.

ملابس للعرض فقط!

أسواق بيع الملابس في مدينة دمشق ومنها أسواق الشعلان والصالحية والحمراء والحميدية، لا يمكن لزائرها إلا ملاحظة الضعف في حالة الإقبال على شراء الملابس واقتصاره على التجار وأصحاب الشركات وميسوري الحال، على حد قول أصحاب المحلات.

أسواق الألبسة في سوريا - إنترنت
أسواق الألبسة في سوريا – إنترنت

بحسب ما نقله موقع “غلوبال” المحلي، عن تجار الملابس أمس الثلاثاء، فإن معظم الألبسة كسدت ولا يمكن تصريفها لا في الموسم ولا بالتنزيلات، مضيفين أن هذه الحالة لم تشهدها الأسواق منذ أكثر من عشر سنوات، حيث ضعفت الحركة في السوق كهذا العام، وخاصة في موسم التنزيلات التي وصلت على حد قولهم إلى 70 بالمئة تقريبا على الألبسة الشتوية.

منذ حلول شهر رمضان الفائت، زاد الارتفاع اليومي للأسعار في معظم المحافظات السورية، في ظل عدم قدرة كثير من العائلات على تأمين احتياجاتها، إضافة إلى قلة فرص العمل، وضعف القدرة الشرائية للعملة المحلية المتدهورة أمام الدولار، والآن مع اقتراب عيد “الأضحى” يبدو أن الأمر يزداد سوءا.

سوقا الحميدية والصالحية لم يكونا أفضل حالا من باقي الأسواق، فالكثير من أصحاب المحال اشتكوا من ارتفاع الضرائب وارتفاع يومي بأسعار البضائع نتيجة تغير سعر الصرف، بالإضافة إلى غلاء البضائع عالميا.

ارتفاع الضرائب وارتفاع يومي للأسعار 

في حديثه للموقع كشف عضو مكتب غرفة صناعة دمشق وريفها محمد دعدوش، أن شراء الألبسة أصبح نوعا من الرفاهية لدى المواطن بسبب ضعف القدرة الشرائية وانشغاله بتأمين مستلزماته وحاجاته اليومية.

أسواق الألبسة في سوريا - إنترنت
أسواق الألبسة في سوريا – إنترنت

مصادر محلية أشارت إلى أن الحصول على قطعة ملابس جديدة بات حلما، فالموظف ورغم مزاولته عملا إضافيا لا يستطيع تأمين جزء بسيط من المستلزمات الأساسية للمنزل، فكيف سيلبي طلبات أبنائه بشراء ألبسة في ظل الارتفاع الكبير في أسعارها.

شراء بنطال وقميص وحذاء في الوقت الحالي بسوريا يحتاج راتب شهرين كحد أدنى، فيما يرى دعدوش بأن الارتفاع الذي طرأ على أسعار الألبسة ولاسيما في الفترة الأخيرة ناجم عن ارتفاع سعر الصرف إلى الضعف عن العام الماضي، إضافة لارتفاع أسعار المواد الأولية من أقمشة وخيوط وإكسسوارات كونها مواد مستوردة.

كما أرجع دعدوش السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الألبسة إلى ارتفاع أسعار الطاقة من بنزين ومازوت وكهرباء وفيول عن العام الماضي إلى الضعف، بالإضافة لارتفاع الضرائب المالية، وهذا كله سينعكس على ثمن القطعة مضافا إليه ارتفاع أجور العمال بسبب التضخم، لافتا إلى أن الإقبال على شراء الألبسة انخفض بشكل كبير.

تأمين الحاجات الأساسية.. الهم الأكبر

معظم السوريين باتوا حاليا أمام خيار واحد وهو تأمين الاحتياجات الأساسية، خصوصا أن الضعف في القدرة الشرائية هي السمة الأبرز للمواطن حاليا، إذ لا يتجاوز الحد الأدنى للرواتب 92 ألف ليرة سورية نحو 14 دولارا أميركيا، في حين بلغ وسطي المعاشات 150 ألف ليرة.

أسواق البالة في سوريا - إنترنت
أسواق البالة في سوريا – إنترنت

أمين سر جمعية “الخياطة والألبسة الجاهزة”، بسيم القصير، وصف في وقت سابق كلفة الملابس هذا العام بـ”المرعبة ولا يستوعبها عقل”، ما تسبب بحالة ركود في السوق، مع إقبال ضعيف جدا حد الصفر.

سعر الجاكيت العادي وسطيا يتراوح بين 150 إلى 160 ألف ليرة سورية، ويصل في بعض المحال بين 200 إلى 250 ألف، في حين يبدأ سعر المعطف الشتوي الطويل بـ 250 ألفا، في زيادة تقدر بنحو 60 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، الأمر الذي دفع ببعض المواطنين للحصول على قرض من أجل شراء الملابس.

أسواق الثياب المستعملة المعروفة باسم “البالة” في العاصمة دمشق، شهدت ارتفاعا كبيرا في الأسعار، وأصبحت كسوة الأطفال عبئا يتحمله المواطن فوق أعبائه، وتحولت فكرة التسوق من متعة إلى حيرة في كيفية اقتناء الملابس بعد معرفة أسعارها الصادمة.

رغم موجات الارتفاع الكبيرة في أسعار السلع والخدمات منذ مطلع العام الجاري، حيث وصلت الارتفاعات في بعض المواد إلى أكثر من 50 بالمئة، عجزت الحكومة عن إقرار أية زيادة في الرواتب خلال الأشهر الأخيرة، لا سيما مع زيادة تدهور الوضع المعيشي في سوريا، ووصول سعر الدولار الأميركي إلى نحو 9000 ليرة سورية.

صعوبة المعيشة تتركز بشكل أساسي على استمرار تدهور القدرة الشرائية للمواطنين، وذلك في ظل انخفاض قيمة الليرة أمام القطع الأجنبي، وزيادة طفيفة لا تعادلها أبدا في الرواتب والأجور، وبالرغم من ذلك، يبقى السؤال هو هل أصبح شراء الملابس فعليا رفاهية للسوريين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات