في تطور جديد ضمن مسار التعاون الدفاعي بين الإمارات واليابان، اللتان تتمتعان بعلاقات وثيقة في المجال الدفاعي والأمني وتبادل الخبرات العسكرية، وقع اللواء الركن مبارك الجابري، الوكيل المساعد للإسناد والصناعات الدفاعية في وزارة الدفاع الإماراتية وسفير اليابان لدى الإمارات أكيو إيسوماتا، في 26 أيار/مايو الماضي، اتفاقية تعاون بين حكومتي البلدين، بحضور عدد من كبار ضباط وزارة الدفاع.

وكالة الأنباء الإماراتية “وام” أشارت إلى أن هذه الاتفاقية التي تم توقيعها في مقر الوزارة بأبوظبي تهدف إلى تنفيذ مشاريع بحث وتطوير وإنتاج مشتركة في مجال الدفاع، حيث اتفق الجانبان على تعزيز التعاون المشترك وتطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، لا سيما في المجال الدفاعي والعسكري.

ذلك يأتي بعد نحو تسعة أشهر على توقيع البلدين، في أيلول/سبتمبر 2022، اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة لتعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات، وسبق ذلك أيضا أن عقدا وزيرا دفاع البلدين في آذار/مارس 2021 اجتماعا عبر الاتصال المرئي استعرضا فيه علاقات التعاون والعمل المشترك بين الإمارات واليابان، خاصة فيما يتعلق بالجوانب والشؤون الدفاعية والعسكرية، وسبل تعزيزها وتطويرها بما يخدم مصالح البلدين، بحسب ما نقله موقع “الخليج أونلاين”.

 أهمية الاتفاقية

الباحث في شؤون الشرق الأوسط عبد الملك عامر، يرى بأن اتفاقية التعاون الدفاعي بين أبو ظبي وطوكيو، هي جزء من تعاون مشترك وأحد أوجه الشراكة الاستراتيجية القائمة بين الدولتين في كافة المجالات، وهي تعكس عُمق العلاقات الثنائية بينهما أيضا.

وفد ياباني في الإمارات/وام
وفد ياباني في الإمارات/وام

عامر يضيف خلال حديثه لـ”الحل نت” بأن هذه الاتفاقية تعد الأولى من نوعها بين اليابان ودولة شرق أوسطية، كما أنها دلالة على الأدوار الفاعلة والتحركات النشطة للإمارات عالميا، إذ تهدف أبو ظبي لتحقيق مكانة سياسية وموقع رائد في الاقتصاد العالمي وتعزيز قدراتها الدفاعية بأحدث التقنيات التكنولوجية.

أيضا تعتبر الاتفاقية الأساس القانوني لتعزيز التعاون بين الدولتين في مجالات الدفاع بحسب عامر، بما يشمل تبادل ونقل المعدات الدفاعية والتعاون في مجالات البحث والتطوير التكنولوجي للصناعات الدفاعية.

حول ذلك أعلن وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي، خلال مؤتمر صحفي في 26 أيار/مايو الماضي، إن اليابان والإمارات أبرمتا اتفاقية بشأن نقل المعدات والتكنولوجيا الدفاعية، مما سيخلق الأساس القانوني لتعزيز التعاون المشترك في الدفاع، وأكد أن ذلك يمثل انطلاقة تعاون جديدة ستشكل منصة تكنولوجية لتطوير وإنتاج الصناعات الدفاعية.

من جهتها أكدت وزارة الدفاع اليابانية في بيان لها أن الاتفاقية مع الإمارات ستدخل حيز التنفيذ فور الانتهاء من جميع الإجراءات التشريعية اللازمة في كلا البلدين.

شراكة استراتيجية

من المتوقع أن تساهم اتفاقية الدفاع المشترك في توثيق التعاون الثنائي في مجالات عدة منها التكنولوجيا والحفاظ على قواعد الإنتاج والتكنولوجية الخاصة بصناعة الدفاع اليابانية وتحسينها، ومن ثم المساهمة في أمن اليابان، بحسب ما نقله موقع “وي نيوز” الياباني عن وزارة الخارجية اليابانية.

الموقع الياباني نوه بأن اليابان وقّعت بالفعل اتفاقيات مماثلة مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا، حيث يسعى الحزب الحاكم إلى تخفيف القيود على صادرات الأسلحة في اليابان، حيث تعمل الأخيرة على تطوير طائرات مقاتلة من الجيل التالي مع المملكة المتحدة وإيطاليا، ومن المرجح أن تسوَّق هذه الطائرة المقاتلة خارج هذه الدول الثلاث.

 الإمارات تحتل المرتبة الـ11 في قائمة أكبر مستوردي الأسلحة في العالم، بحسب بيانات “معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام”، ويعد التعاون الدفاعي أحد أبرز أوجه الشراكة الاستراتيجية التي اتفق البلدان على المضي في تطبيقها على كافة المستويات، كما تعتزم أبوظبي الاستفادة من الخبرة الصناعية اليابانية المتقدمة في التقنيات العسكرية، وخاصة التقنيات المستخدمة لإنتاج أنظمة الدفاع الجوي.

في سياق ذلك زار وفد من القوات الجوية والدفاع الجوي الإماراتية العاصمة اليابانية طوكيو، في 6 آب/أغسطس 2022، وناقش التعاون في مجال أنظمة الدفاع الجوي، حيث أجرى الوفد برئاسة العميد الركن طيار سعيد اليماحي، زيارة لقوات الدفاع الذاتي الجوية وعددا من القواعد الجوية في اليابان، وفقا لموقع “الخليج أونلاين”.

تقارب الرؤى

 اتفاقية الدفاع المشترك يمكن أن تسهم في تشكيل حلف إماراتي ياباني يحمي مصالح الأخيرة في الشرق الأوسط، كما تطمح أبو ظبي من خلال هذا الحلف أن ترفع من قوة الجيش الإماراتي وتعطي الجودة الكاملة لتسليحه العسكري وتنويع إمكانياته العسكرية، في مقابل ذلك تسعى طوكيو إلى دخول الخليج العربي عبر بوابة أبو ظبي وتشكيل تحالف استراتيجي يحمي مصالحها في المنطقة.

 بدوره يقول الباحث المختص في شؤون الشرق الأوسط عبد الملك عامر، بأن الاتفاقية تأتي في ظل تقارب الرؤية لدى الدولتين، إذ تسعى اليابان لتغيير استراتيجيتها الدفاعية، وتعزيز قوتها العسكرية وهي بالتالي تحتاج إلى تخفيف القيود على صادراتها ووارداتها من الأسلحة، والاستثمار في قدراتها الهجومية والدفاعية.

في حين تسعى الإمارات لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الصناعات الاستراتيجية لا سيما الدفاعية منها، حيث التحولات التي تشهدها الساحة العالمية حفزت الإمارات على التوسع في توطين صناعاتها العسكرية باعتبارها الآلية لتعزيز دورها في المنطقة والعالم، وقد أصبحت أبو ظبي وجهة دولية في مجالات الصناعات الدفاعية والتكنولوجية، وعلامة ذلك استضافتها الدورة السادسة عشرة لمعرض الدفاع الدولي “آيدكس 2023” والدورة السابعة لمعرض الدفاع البحري “نافدكس 2023″، وهي من أهم المعارض الدفاعية على مستوى العالم.

في الوقت نفسه، فإن هذه الاتفاقية تعكس الاهتمام الدولي المتزايد بتعزيز التعاون والعلاقات مع دول الخليج، وخاصة بعد الأزمة الأوكرانية الراهنة، واشتداد التنافس مع الصين، والذي نجده في اتفاقيات الشراكة الصينية والهندية والأوروبية مع الدول الخليجية، وفق عامر.

علاقات وثيقة

العلاقات بين الإمارات واليابان تعود إلى فترة طويلة وتتسم بالتعاون في مجالات عدة منها الاقتصادي والثقافي وغيرهم من المجالات الأخرى، حيث يتمتع البلدان بعلاقات اقتصادية وثيقة، إذ تعتبر اليابان أحد أكبر الشركاء التجاريين للإمارات في آسيا. يتبادل البلدين التجارة في مجالات متنوعة مثل النفط والغاز الطبيعي والسيارات والإلكترونيات والتقنية، ويعتبر اليابان مصدرا هاما للاستثمارات المباشرة في الإمارات.

وفد طلابي ياباني يزور مدرسة الشرطة في دبي/ الوطن الإماراتية
وفد طلابي ياباني يزور مدرسة الشرطة في دبي/ الوطن الإماراتية

أيضا يتعاون البلدان في مجالات حكومية متعددة، بما في ذلك الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا، إذ تعمل الحكومتان على تعزيز التبادل الثقافي حيث تقام العديد من الفعاليات الثقافية والفنية المشتركة بين الإمارات واليابان، إذ تستضيف أبو ظبي مهرجانات يابانية ومعارض فنية وعروض موسيقية يابانية. تشجع هذه الفعاليات على تبادل الثقافات وتقريب الشعبين.

في موازاة ذلك، اجتمع مسؤولون رفيعو المستوى من دولة الإمارات واليابان في العاصمة أبو ظبي يوم الأربعاء الموافق 3 أيار/مايو الفائت، خلال الجلسة الأولى من اللجنة الفرعية المعنية بالسياسة والدبلوماسية والتعاون الدولي بين وزارة الخارجية والتعاون الدولي ووزارة الخارجية اليابانية، حيث عقد الاجتماع في إطار مبادرة الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي أعلن عنها العام الماضي، بحسب ما نقله موقع “وزارة الخارجية الإماراتية”.

السفيرة لانا زكي نسيبة، مساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون السياسية المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة ترأست اللجنة، برفقة مساعد وزير الخارجية والمدير العام لمكتب منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بوزارة الخارجية اليابانية نجاوكا كانسوكي.

نسيبة أشارت إلى أن دولة الإمارات واليابان ترتبطان بعلاقات تاريخية واستراتيجية، مؤكدة أن عقد هذا الاجتماع فرصة لمناقشة العلاقات الثنائية وبحث سبل تحقيق طموح قيادتي البلدين للارتقاء بالعلاقات الاستراتيجية بشكل جوهري تحت مظلة مبادرة الشراكة الاستراتيجية الشاملة. 

 اجتماع اللجنة الفرعية سعى إلى استكشاف فرص محددة لتعزيز العلاقات الثنائية من خلال التعاون في مجالات تشجيع التجارة والاستثمار، والتكنولوجيا الجديدة في مجال الطاقة، والأمن الغذائي، وتعزيز التعاون في مجال البحث والتطوير.  كما اتفق الطرفان على جدول زمني لعقد اجتماعات رفيعة المستوى لتفعيل مبادرة الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

بدوره قال سفير دولة الإمارات لدى اليابان شهاب الفهيم إن توافق المصالح والرغبة المتبادلة في اغتنام الفرص بين البلدين هما أحد محركات نمو شراكة طموحة تجاوزت مجالات الطاقة والتجارة التقليدية. 

 في السياق، ناقش المشاركون في اللجنة التطورات الإقليمية وفترة الرئاسة المقبلة لدولة الإمارات لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، كما تمت مناقشة أولويات المجلس المشتركة حول عدد من القضايا الرئيسية، بما في ذلك الأوضاع في السودان وسوريا وأفغانستان، ومكافحة التطرف، والالتزام المشترك بعدم انتشار الأسلحة النووية.

أخيرا، تربط الإمارات واليابان علاقات تجارية وثيقة، حيث تعد أبو ظبي عاشر أكبر شريك تجاري لطوكيو على مستوى العالم، حسب إحصاءات عام 2021. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2021، أكثر من 30 مليار دولار أميركي، وارتفعت قيمة صادرات الإمارات لليابان إلى 26 مليار دولار، فيما ارتفعت وارداتها من اليابان إلى 6.2 مليارات دولار أميركي، وتوجد أكثر من 340 شركة يابانية تعمل في دولة الإمارات في مختلف القطاعات، بما في ذلك البنية التحتية والصناعة والطاقة، إذ ستعزز اتفاقية الدفاع المشترك الأخيرة العلاقات بشكل أكبر بين البلدين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات