كما هو الحال في كل عيد، تمتلئ الأسواق السورية بالسلع مثل الحلويات وسكاكر العيد والملابس، ولكن حركة السوق راكدة، واليوم ثمة إقبال ضعيف أكثر من أي وقت مضى، بسبب غلاء الأسعار بشكل مهول وضعف القوة الشرائية للمواطنين، الذين لم تعد الأسعار المهولة للبضائع المعروضة على واجهات المحلات التجارية تناسب جيوبهم، ما دفعهم إلى اتخاذ خيار العزوف عن شراء جميع مستلزمات العيد، والاكتفاء بالضروريات فقط وفي الأسواق الشعبية والبسطات، والتي تُعتبر أقرب إلى جيب المواطن من المحال التجارية.

مع اقتراب حلول عيد الأضحى تشهد أسواق المدن السورية بشكل عام ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار، وسط تدني مستوى الرواتب والمداخيل، حيث لا يزال شعار “عيدٌ بأي حال عُدت يا عيد” هو المتداول فيما بينهم في كل سنة تقريبا.

جمود في الأسواق

نحو ذلك، أكد تقرير لموقع “غلوبال نيوز” المحلي يوم أمس الإثنين، فرضية ركود الأسواق في كل عيد أو مناسبة في سوريا، حيث أشار إلى أن أسواق مدينة السويداء رغم أنّها بدأت تغص بمستلزمات العيد بدءا من الألبسة وانتهاء بالحلويات، إلا أن الحركة الشرائية ما زالت خجولة، نتيجة ضعف القدرة الشرائية عند المتسوقين.

ركود بالأسواق السورية- “إنترنت”

علقم الأسعار المخيّم على الأسواق هذه الأيام سيُفقد وبكل تأكيد الكثيرين حلاوة طعم سكاكر العيد، كيف لا وسعر كيلو السكاكر بلغ سقف مبيعه حسب الذين التقى بهم الموقع المحلي نفسه في الأسواق 40 ألف ليرة سورية، وبالطبع للنوع المتوسط.

بينما وصل سعر الكيلو الواحد من البيتفور المشغول بالسمن النباتي إلى 35 ألف ليرة سورية، أما المشغول بالسمن الحيواني فسعر الكيلو الواحد منه تجاوز 50 ألف ليرة، وكذلك أسعار الغريبة والبرازق التي من المرجح غيابها عن أطباق العيد لهذه السنة. هذه الأسعار هي في المحلات العادية بينما المحال الفخمة فأسعارها مضاعفة، ناهيك عن أسعار المعمول والبقلاوة التي تجاوز سقف مبيعها الـ 60 ألف ليرة للكيلو الواحد.

كذلك، لم تكن أسعار الموالح أخفُّ وطأة على جيوب المواطنين، ولاسيما بعد أن لامس سعر كيلو بزر دوار الشمس سقف الـ 35 ألف ليرة والبزر الأبيض 100 ألف ليرة و الأسود 30 ألفا، أما الفستق العبيد حدّث ولا حرج فقد وصل سعر مبيع الكيلو الواحد إلى 50 ألف ليرة.

وفق تقرير آخر لذات الموقع نُشر مؤخرا، فقد بلغ سعر كيلو معمول بفستق، “سمنة نباتي بنكهة الحيواني، 150 ألف ليرة سورية، أي أن سعر قطعة المعمول يتراوح بين 8 – 10 آلاف ليرة، وكيلو معمول اكسترا بالفستق بسعر 180 ألف ليرة، والمعمول بالجوز 125 ألفا، وسعر المعمول بعجوة 100 ألف ليرة، ونفس السعر للغريبة والبرازق وهذه الأسعار للحلويات في المحلات الراقية.

أما بالنسبة للأسعار في المحلات الشعبية، فقد تراوح سعر المعمول بين 35- 75 ألف ليرة سورية، والبتيفور 40 ألفا، والبرازق 30 ألفا، وأقراص العيد 30 ألف ليرة، وبالنسبة لأسعار المبرومة والبلورية والآسية والكول شكور، فجميعها بسعر واحد وهو 180 ألف ليرة للكيلو.

بعض الأهالي يقولون إنه مع اقتراب كل عيد، ترتفع الأسعار بشكل كبير، وخاصة أسعار السكاكر والحلويات، وسط غياب الدور الرقابي والتمويني على الأسواق، مما يشكل عبئا ثقيلا على معظمهم، وسط الأزمات الاقتصادية التي تلاحقهم.

استياء شعبي

في المقابل، لم يخفِ المتسوّقون تذمرهم واستيائهم من ارتفاع الأسعار وتحديدا الحلويات والألبسة التي باتت توصف بـ”الخيالية”، وخاصة بعد أن تراوح سعر مبيع البنطال الشبابي من 60 ألفا للنوعية الوسط وحتى 150 ألف ليرة سورية وكذلك النسائي.

بينما وصل سعر مبيع القميص إلى حدود 80 ألف ليرة سورية، أما سعر الحذاء فقد تجاوز سعره المئة ألف ليرة طبعا حسب النوع والجودة.

المواطنون أضافوا للموقع المحلي، “في ظل هذا الغلاء بات ربُّ الأسرة الذي لديه خمسة أطفال في سن 14 سنة يحتاج إلى أكثر من مليون ليرة لشراء ألبسة فقط لهم”، ولفت هؤلاء إلى أن هناك الكثير من الأُسر تعود من حيث أتت لعدم قدرتها على شراء احتياجات العيد.

ضمن هذا الإطار زعم رئيس “دائرة حماية المستهلك” بالسويداء أيمن أبو حمدان، للموقع المحلي أنه مع بدء العد العكسي لعيد الأضحى بدأت دائرة الحماية بتكثيف دورياتها على الأسواق لضبطها، وإلزام التجار بالبيع وفق الفواتير التي بحوزتهم، إضافة لسحب عينات من السلع المعروضة للتأكد من صلاحيتها، ولن تتهاون حماية المستهلك مع أي مخالفة مهما كانت.

لكن التقارير والآراء المحلية المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تؤكّد عكس ذلك، فالأسعار مرتفعة وهناك الكثير من الاستغلال من قبل التجار بمناسبة العيد من حيث رفع الأسعار حسب أهوائهم، ودوريات المراقبة والتموين، كأن لا وجود لها في الأساس.

تراجع نسبة استهلاك الحلويات بسوريا- “سانا”

وسط الركود في الأسواق السورية، طرحت بعض الشركات السورية مؤخرا، ظروف قهوة بأوزان صغيرة جدا تكفي لغلوة واحدة، وبسعر لا يتجاوز 2000 ليرة، تماشيا مع ضعف القوة الشرائية للأهالي. وظهرت ظروف القهوة صغيرة الحجم، التي تكفي لإعداد 4 فناجين فقط، بعد وصول سعر كيلو البن إلى 90 ألف ليرة سورية.

هذا وقال عدد من الأهالي في محافظة اللاذقية، إن شراء القهوة بالظرف يساعدهم على تحمّل الكلفة المرتفعة للضيافة الأساسية للزوار. وبحسب بعض أصحاب المحال التجارية، فإن إقبال الأهالي على شراء ظرف القهوة كبير نظرا لانخفاض سعره، بالإضافة إلى شراء القهوة “فرط” بمبالغ لا تتجاوز 5 آلاف ليرة، وفق تقرير لموقع “أثر برس” المحلي مؤخرا.

كما وسبق أن دفعت الأزمة الاقتصادية والمعيشية في عموم البلاد ببعض الشركات لطرح منتجاتها بأحجام صغيرة جدا، مثل مشروب “المتة” الشهير والزيت والزعتر ودبس البندورة، بسبب ارتفاع الأسعار الكبير وتراجع القدرة الشرائية للسكان.

“الفول بديل الفستق بالمعمول”

في خضم ارتفاع أسعار الحلويات بالتزامن مع قرب عيد الأضحى، قال رئيس “الجمعية الحرفية للحلويات والبوظة” في دمشق بسام قلعجي لموقع “غلوبال نيوز” مؤخرا، إن ارتفاع أسعار الحلويات تأثّر كغيره من السلع بارتفاع سعر الصرف مقابل الدولار والذهب.

قلعجي بيّن بأن الإقبال على شراء الحلويات بات بأدنى حالاته، “صفر”، فالغلاء عام وارتفاع الأسعار بات غير مقبول في كل شيء، وبالتالي فالمواطن الذي دخله 150 ألف ليرة، لن يشتري براتبه كيلو حلويات ويصوم باقي الشهر، مشيرا إلى أن أصحاب المحلات يعملون بأدنى طاقة إنتاجية، مضيفا، كذلك الأغنياء فقد تأثروا بارتفاع الأسعار وتراجع استهلاكهم للحلويات التي ارتفعت أكثر من 30 بالمئة منذ العام الماضي.

اللافت أنه مع  ارتفاع أسعار الحلويات، ازداد الطلب على صناعة الحلويات المنزلية، واستُبدلت الحشوات بمواد أقل تكلفة، مثل استبدال “الفول بالفستق” في حلوى المعمول، في محاولة من المواطنين لتلبية احتياجاتهم من الحلويات خلال العيد دون الحاجة إلى شرائها من السوق ودفع مبالغ كبيرة تفوق قدرة معظمهم.

في حادثة تبدو غريبة بعض الشيء، يقوم بعض المواطنين اليوم باستبدال حشوات الحلويات بأنواع أرخص، مثل استبدال الفستق الحلبي بالفاصوليا الخضراء، بحسب ما نشرته صفحة “مطاعم ومأكولات دمشق“. وحظي المنشور بتفاعل كبير من المتابعين، معربين عن استيائهم للوضع المعيشي البائس الذي وصل إليه المواطن السوري.

في المقابل، شدد قلعجي على أن الحرفي يعاني من ارتفاع الأسعار للمواد كافة سواء في المحلات الراقية أم الشعبية، مطالبا بوقف الدوريات على الأسواق في فترة تقلب أسعار الصرف، وبطبيعة الحال فالمواطن يحدد الشراء من المحلات أقل سعرا، داعيا إلى تقديم المازوت المدعوم لأصحاب الورشات الصغيرة في المناطق الشعبية، كونها تخدم الشرائح الأقل دخلا.

بالتالي فإن كلام المسؤول الحكومي يفتح المجال أمام أصحاب المحالات بشكل عام لرفع أسعارهم دون رقيب أو حسيب، وترك المواطن يواجه مصيره وحده أمام هذا الغلاء.

أي المساهمة في تقسيم شراء الحلويات لطبقات وفئات مجتمعية، السلع الأكثر جودة للطبقة المخملية والشعبية ذات الجودة الضعيفة لذوي الدخل المحدود والذين يشكلون اليوم أكثر من 85 بالمئة من سكان سوريا. وفي الواقع هذا ما يحصل حاليا، الأغنياء يشترون من الأسواق العامة وذوي الدخل المحدود بات مقصدهم الأسواق الشعبية والبسطات.

أحوال السوريين في الداخل يُرثى لها، فبعضهم يحتفل بأبسط الأشياء والمستلزمات في الأعياد والمناسبات، ومنهم من لا يستطيع تأمين حتى كيلو واحد من ضيافة العيد، ويبدو أن أكثر الفئات حظا في سوريا هم من يتلقون حوالات خارجية، والتي تعتبر متنفسا جيدا، رغم أنها لا تعتبر الداعم الأساسي الذي يلبي جميع احتياجات الأُسر، نظرا لارتفاع تكاليف المعيشة إلى مستويات مهولة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات