بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى، ارتفعت أسعار الحلويات كغيرها من المواد والسلع بشكل ملحوظ في السوق السورية، حيث أصبح ارتفاع أسعار الحلويات، خاصة خلال الأعياد، عبئا ثقيلا على معظم العائلات السورية، وسط الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي تجتاح البلاد.

اللافت أنه مع ارتفاع أسعار الحلويات، ازداد الطلب على صناعة الحلويات المنزلية، واستُبدلت الحشوات بمواد أقل تكلفة، مثل استبدال “الفول بالفستق” في حلوى المعمول، في محاولة من المواطنين لتلبية احتياجاتهم من الحلويات خلال العيد دون الحاجة إلى شرائها من السوق ودفع مبالغ كبيرة تفوق قدرة معظمهم.

الحلويات.. التكيف والتحايل!

في خضم الغلاء الجامح الذي يعصف بالبلاد من كل حدب وصوب، ارتفع أسعار الحلويات أيضا بالتزامن مع قرب عيد الأضحى، وفي هذا الصدد قال رئيس “الجمعية الحرفية للحلويات والبوظة” في دمشق بسام قلعجي، إن ارتفاع أسعار الحلويات تأثّر كغيره من السلع بارتفاع سعر الصرف مقابل الدولار والذهب.

قرص المعمول تصل لـ 10 آلاف ليرة سورية- “إنترنت”

في تصريح لموقع “غلوبال نيوز” المحلي يوم أمس الأحد، أوضح قلعجي بأن الإقبال على شراء الحلويات بات بأدنى حالاته، “صفر”، فالغلاء عام وارتفاع الأسعار بات غير مقبول في كل شيء، وبالتالي فالمواطن الذي دخله 150 ألف ليرة، لن يشتري براتبه كيلو حلويات ويصوم باقي الشهر.

قلعجي أردف في حديثه، أن أصحاب المحلات يعملون بأدنى طاقة إنتاجية، مضيفا، كذلك الأغنياء فقد تأثروا بارتفاع الأسعار وتراجع استهلاكهم للحلويات التي ارتفعت أكثر من 30 بالمئة منذ العام الماضي.

طبقا لحديث قلعجي، فقد بلغ سعر كيلو معمول بفستق، “سمنة نباتي بنكهة الحيواني، 150 ألف ليرة سورية، أي أن سعر قطعة المعمول يتراوح بين 8 – 10 آلاف ليرة، وكيلو معمول اكسترا بالفستق بسعر 180 ألف ليرة، والمعمول بالجوز 125 ألفا، وسعر المعمول بعجوة 100 ألف ليرة، ونفس السعر للغريبة والبرازق وهذه الأسعار للحلويات في المحلات الراقية.

أما بالنسبة للأسعار في المحلات الشعبية، فقد تراوح سعر المعمول بين 35- 75 ألف ليرة، والبتيفور 40 ألفا، والبرازق 30 ألفا، وأقراص العيد 30 ألف ليرة، وبالنسبة لأسعار المبرومة والبلورية والآسية والكول شكور، فجميعها بسعر واحد بلغ 180 ألف ليرة للكيلو.

بالرغم من تفاوت أنواع وجودة الحلويات إلا أن أسعارها فاقت كل التوقعات خلال الفترة الماضية، بل وأصبحت مثل “نكتة” بالنسبة للبعض. ففي تصريح سابق لرئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق عبد العزيز معقالي، قال إن أسعار الحلويات ارتفعت بنسبة 100 بالمئة، وهذا ما دفع بفئة كبيرة من المواطنين لاستبدال الحلويات بالأنواع الرخيصة، مثل الهريسة التي تُصنّف ضمن الحلويات الشعبية، أو البرازق والبيتفور، وإن كانت أسعارها مرتفعة مقارنة برواتب ومداخيل المواطنين.

في حادثة تبدو غريبة بعض الشيء، يقوم بعض المواطنين اليوم باستبدال حشوات الحلويات بأنواع أرخص، مثل استبدال الفستق الحلبي بالفاصوليا الخضراء، بحسب ما نشرته صفحة “مطاعم ومأكولات دمشق“. وحظي المنشور بتفاعل كبير من المتابعين، معربين عن استيائهم للوضع المعيشي البائس الذي وصل إليه المواطن السوري.

تحديات مهنة الحلويات

في المقابل، شدد قلعجي على أن الحرفي يعاني من ارتفاع الأسعار للمواد كافة سواء في المحلات الراقية أم الشعبية، مطالبا بوقف الدوريات على الأسواق في فترة تقلب أسعار الصرف، وبطبيعة الحال فالمواطن يحدد الشراء من المحلات أقل سعرا، داعيا إلى تقديم المازوت المدعوم لأصحاب الورشات الصغيرة في المناطق الشعبية، كونها تخدم الشرائح الأقل دخلا.

بالتالي فإن كلام المسؤول الحكومي يفتح المجال أمام أصحاب المحالات بشكل عام لرفع أسعارهم دون رقيب أو حسيب، وترك المواطن يواجه مصيره وحده أمام هذا الغلاء.

أي المساهمة في تقسيم شراء الحلويات لطبقات وفئات مجتمعية، السلع الأكثر جودة للطبقة المخملية والشعبية ذات الجودة الضعيفة لذوي الدخل المحدود والذين يشكلون اليوم أكثر من 85 بالمئة من سكان سوريا.

سعر كيلو الطحين كان العام الماضي بـ 4 آلاف ليرة، واليوم بـ 6500 ليرة بالجملة، وكذلك السكر وأكياس النايلون التي ارتفعت من 8500 إلى 12 ألف ليرة للربطة الواحدة، وكيلو الورق كان قبل أشهر قليلة يُباع بـ 7500 ليرة صار واليوم بـ 18500 ليرة،  فضلا عن أن بعض المواد الداخلة في الإنتاج ارتفعت 70 بالمئة عن العام الماضي.

البعض عزا إلى ارتفاع سعر الفستق الحلبي الذي يتجاوز 90 ألف ليرة سورية للكيلو الواحد، بجانب غلاء السمن النباتي والعربي فأقل من كيلو تتجاوز جملته 80 ألف ليرة، وسعر جرة الغاز 300 ألف ليرة وأكثر، فضلا عن الضريبة التي يتم احتسابها بشكل عشوائي من قبل لجان المراقبة والتموين، فهناك بعض المحلات تصل ضريبته إلى أكثر من 60 مليون ليرة وفاتورة الكهرباء إلى 400 ألف ليرة.

ثمة حرفيين تركوا المهنة بسبب عدم القدرة على الإنتاج خاصة مع عدم توفير الغاز عبر الرخصة الحرفية، ونسبتهم زهاء 10 بالمئة من إجمالي المنتسبين للجمعية وعددهم حاليا 439 حرفيا “حلونجي”. كذلك أصبح شراء الحلويات ذات النوعية الجيدة والمرتفعة مقتصرا على الطبقة المخملية وللتصدير بنسبة كبيرة، وفق العديد من التقارير المحلية السابقة.

استبدال الفول بالفستق الحلبي في سوريا- سكرين شوت من صفحة “مطاعم ومأكولات دمشق”

لطالما كانت الطبقة الوسطى في المجتمع السوري هي الطبقة الأهم والأوسع والتي كانت تسبب استقرارا اقتصاديا واجتماعيا، و تعتبر عادة المحرك الأهم لعجلة أي اقتصاد، ولكنها بدأت بالتلاشي شيئا فشيئا خلال سنوات الماضية.

العزوف عن الحلويات!

بدوره أكد عدد من أصحاب محال الحلويات في منطقة المزة بدمشق أن الأسعار مرتفعة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج من سمنة وسكر و طحين وارتفاع أسعار المازوت والبنزين الحر لتشغيل المولدات، مشيرين إلى أن الإقبال على شراء الحلويات استعدادا لاستقبال العيد في حدوده الدنيا، والأسعار تحدّدها “وزارة التجارة الداخلية”، وغالبا هي أقل من سعر التكلفة لأن الأسعار ترتفع بشكل مستمر، ولذلك “فقد استغنينا عن تصنيع كثير من الأصناف بسبب تكاليفها المرتفعة”.

نتيجة لذلك، فإن أي شخص كان قادرا على صناعة الحلويات في المنزل، أصبح الآن غير قادر على ذلك بسبب تدني القدرة الشرائية. لكن ثمة بعض النساء يتّجهن لتحضير حلويات العيد “المعمول والكليجة” ولو بكميات قليلة، أو استبدال الحشوة “الفستق” بأنواع أخرى مثل النارنج والراحة.

بالإضافة إلى التمور ذات الجودة المتوسطة، فضلا عن استبدال السمن بالزيت النباتي وهو أرخص نسبيا، حيث توجد أنواع بـ 16 ألف ليرة للتر، علما أن الأنواع الجيدة تصل لأكثر من 20 ألف ليرة، في حين يُقدر ثمن الكيلو الواحد من السمنة بأكثر من 85 ألف ليرة.

الأسعار المذكورة غير مناسبة أبدا، فمتوسط الدخل في سوريا الذي لا يتجاوز 300 ألف ليرة سورية، فضلا عن راتب الموظف الحكومي العادي الذي يبلغ الحد الأدنى منه نحو 95 ألف ليرة، بالتالي فإنه من النادر أن تجد عائلة سورية قادرة على شراء كميات كافية من حلويات العيد، كما اعتادت أن تفعل سابقا.

هذا الارتفاع في الأسعار، تسبب مؤخرا بضعف كبير في الإقبال على الحلويات، إلى جانب الكوكتيلات والبوظة، ونتيجة لذلك انضمت صناعة المثلجات أو الآيس كريم “البوظة” إلى قائمة ضحايا الانكماش الاقتصادي، حيث تم إغلاق العديد من مصانع “البوظة” وتناقص الإنتاج بشكل كبير.

خلال الفترة الماضية ومع ارتفاع درجة الحرارة، شهدت أسعار بعض السلع مثل الفواكه الصيفية وغيرها ارتفاعات غير مسبوقة، حيث فوجئ عدد من السوريين بارتفاع أسعار أنواع “البوظة” المباعة في الأسواق، بنسبة 40 بالمئة عن العام الفائت.

رئيس “الجمعية الحرفية للحلويات والبوظة” في دمشق، قال لصحيفة “تشرين” المحلية مؤخرا، إن الإقبال على شراء “البوظة” تراجع بنسبة 80 بالمئة، لتبقى 20 بالمئة فقط تشكّل حركة خفيفة في السوق، معتبرا أن “البوظة” أصبحت من المواد الكمالية وليست أساسية، لذلك عزف المواطن عن شرائها بعد ارتفاع سعرها 50 بالمئة.

قلعجي بيّن أن سبب الغلاء يعود إلى ارتفاع التكاليف من سكر وحليب ومسكة والمكسرات كالفستق الحلبي واللوز والكاجو، إضافة لغلاء مسحوق الكاكاو الذي يُستخدم في بعض الأصناف لتصنيع البوظة المنكّهة بالشوكولا.

هذا فضلا عن وجود تكاليف إضافية وهي مادة المازوت التي تُشترى من السوق السوداء لتشغيل المولدات بحكم انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة، لكن في الآونة الأخيرة لم يحصل العاملون فيها سوى على 25 بالمئة فقط من مخصصاتهم ما أدى إلى الحد من نشاطهم الإنتاجي وانخفاض المبيعات إلى 10 بالمئة.

كما وزادت أسعار العصائر الطبيعية والكوكتيلات وسلطات الفواكه بنسبة بلغت 35 بالمئة، مقارنة بأسعار الصيف الماضي، وذلك تزامنا مع ارتفاع أسعار الفواكه ومختلف تكاليف صناعة هذه المواد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات