كما في كل عام، فإن مناسبة “عيد الأضحى” تكون سببا في ارتفاع أسعار المواشي إلى أرقام خيالية، نتيجة الإقبال على ذبحها كـ”أضاحي” لمناسبة العيد، حيث أصبحت “أضحية العيد” تحتاج إلى الملايين، في وسط تراجع القوة الشرائية للأهالي في سوريا.

الارتفاع في الأسعار سبق قدوم العيد بعدة أسابيع، وعادة ما اعتاد الكثير من السوريين الراغبين في شراء “أضحية العيد”، شرائها قبل أيام من قدوم العيد، لكن هذا العام شهدت الأسواق انخفاضا في الإقبال على شراء المواشي بسبب غلاء الأسعار.

أمين سر جمعية اللحامين في دمشق محمود الحايك، تحدث عن انخفاض كبير في معدلات الإقبال على شراء “أضاحي العيد”، مشيرا إلى أن مؤشر الإقبال على الشراء هذا العام انخفض إلى عشرة بالمئة فقط، حيث كان هذا المؤشر يصل إلى 70 بالمئة خلال السنوات الماضية.

“أضاحي العيد المستحيلة”

الحايك أكد في تصريحات نقلتها صحيفة “تشرين” المحلية، أن الطلب على شراء “أضاحي العيد” منخفض وأقل من التوقعات، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار حيث وصل سعر الكيلو من “لحم الأضحية” إلى 40 ألف ليرة سورية.

A Jordanian merchant gathers his sheep at a livestock market in Amman October 3, 2014, on the eve of the Muslim holiday of Eid al-Adha or Feast of the Sacrifice, which marks the end of the annual pilgrimage to Mecca and is celebrated in remembrance of Abraham’s readiness to sacrifice his son to God. AFP PHOTO/ KHALIL MAZRAAWI (Photo credit should read KHALIL MAZRAAWI/AFP/Getty Images)

بحسب حديث الحايك، فإن التوقعات تشير إلى انخفاض الأسعار خلال الأيام الماضية، وذلك بسبب انخفاض معدلات الطلب على اللحوم، حيث أشار إلى أن “نسبة الذبح انخفضت إلى النصف هذا العام مقارنة بالعام الماضي، فقد كان يتم ذبح 1500 رأس ماشية في اليوم أما اليوم فلا تتجاوز 300 رأس فقط”.

سعر “الأضحية” في سوريا اليوم تجاوز المليوني ليرة سورية كأقل سعر، كذلك فقد أشار الحايك بأنه “من الممكن أن يتم التضحية بالعجل والجمل، فقد بلغ سعر الأضحية من العجل 12 مليون ليرة، هذا في حال كان وزنه وسطيا 400 كيلوغرام، أي بلغ سعر كيلو لحم العجل الحي 30 ألف ليرة، بينما وصل سعر الأضحية من الجمل إلى 11 مليون ليرة في حال كان وزنه وسطياً 350 كيلوغراما، أي سعر كيلو لحم الجمل الحي بلغ 28 ألف ليرة وهذه الأضحية تكون أغلبها عند أهالي يبرود ودوما وجيرود”.

“كنت أفكر بأضحية العيد لكنني صدمت بالأسعار” قال أحمد عيد وهو موظف حكومي يعمل في مدينة حلب ولديه محل ألبسة، مؤكدا أن أسعار الأضاحي هذا العام تجاوزت توقعاته، إلى حدّ لا يمكنه الحصول على “أضحية” هذا العام.

عيد أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “العام الماضي كان مبلغ الـ 700 ألف ليرة يمكن أن يؤمن لك أضحية العيد، اليوم بدأنا نتحدث بالملايين فأقل أضحية بمليوني ليرة، أي ما يعادل راتبي لمدة أربع سنوات في الوظيفة الحكومية، وهنا نتحدث عن أدنى سعر في الأسواق”.

ارتفاع أسعار الأضاحي هذا العام، يعود إلى سببين رئيسين، أولهما الارتفاع العام في أسعار اللحوم، الناتج عن انخفاض قيمة العملة المحلية أمام السلع والخدمات، في حين أن السبب الثاني، هو قلة المواشي التي يتم تهريبها، حيث تعاني سوريا من تهريب المواشي منذ سنوات، وسط عجز الحكومة عن حل هذه المشكلة.

في ظل الغلاء المستمر بأسعار اللحوم بمختلف أنواعها، لا سيما اللحوم الحمراء التي تجاوز سعر الكيلو منها الحد الأدنى للرواتب في سوريا، بدأت العائلات السورية البحث عن بدائل أخرى لاستخدامها بصنع وجباتهم اليومية في المنازل.

معظم العائلات السورية أصبح شراء اللحم خارج قدراتها المادية، في وقت شهدت فيه الأسواق انتشارا للفطر، حيث بدأ السوريون يستخدمونه كبديل عن اللحم في الطبخات والوجبات المنزلية، حيث يتم إضافته للخضروات بدلا من اللحم.

تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، أشار إلى أن الفطر في سوريا “تحول إلى كونه لحم الفقراء، حكما أنه بديل للحم الغنم بعدما تجاوز سعر الكيلو منه 95 ألف ليرة”، وذلك تزامنا مع زيادة الإقبال على زراعته في البلاد، حيث يتم إنتاج ما بين 20-30 كيلو من الفطر بالمتر الواحد المربع في كل دورة.

منذ بداية العام الجاري، شهدت أسعار اللحوم الحمراء قفزات كبيرة، حيث وصل سعر كيلو هبرة الخروف وهي أغلى أنواع اللحوم عادة إلى 140 ألف ليرة سورية، في وقت أشار فيه رئيس جمعية اللحامين بدمشق محمد يحيى الخن، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، إلى أن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء مؤخرا عائدٌ لسببين رئيسين، أولهما أن الفترة الحالية هي فترة ولادة الأغنام، وبالتالي يمتنع المربّون عن بيع الخروف.

قد يهمك: أسعار فلكية لأجرة “التاكسي” للطلاب طيلة فترة الامتحانات بسوريا

أما السبب الثاني، فهو عزوف المربّين عن طرح الخرفان الكبيرة في الأسواق لبيعها، وذلك من أجل تخزينها وبيعها خلال أيام “عيد الأضحى”، لأنها مرغوبة كأضاح خلال فترة العيد، كذلك فإن هناك أسباب أخرى لارتفاع الأسعار كالتهريب الذي يلعب دورا أساسيا في رفع الأسعار، فضلا عن ارتفاع سعر العلف.

أسعار كاوية

بالعودة إلى قائمة أسعار اللحوم في سوريا، فقد وصل سعر  كيلو الخاروف الحي إلى 44 ألف ليرة سورية، ولحمة العجل هبرة خالية من الدهنة إلى 85 ألف. هذه الأرقام تسببت بعزوف شريحة واسعة من العائلات السورية عن استهلاك اللحوم في وجباتهم اليومية.

أصحاب متاجر بيع اللحم، أعربوا عن خشيتهم من استمرار هذا الارتفاع في أسعار اللحوم، وذلك لأنه يؤثر على نسبة البيع لديهم، وبالتالي يعرّضهم إلى كساد بضاعتهم إضافة إلى الخسائر المالية، حيث دعا العديد منهم الجهات المعنية إلى تثبيت سعر اللحوم ومراقبة أسواق الماشية التي ما زالت خارج نطاق الرقابة والتسعير المُلزم، والتركيز على تجار المواشي الذين يتحكمون بالأسعار.

مع استمرار ارتفاع أسعار مختلف السلع والمواد الغذائية في سوريا، لجأت الكثير من العائلات السورية ذات الدخل المحدود، إلى خفض استهلاكها من المواد الغذائية إلى حدوده الدنيا، فضلا عن استغناء بعض العائلات عن مواد معينة بشكل نهائي، كاللحوم الحمراء على سبيل المثال واللجوء إلى بدائل أخرى كلحم الدجاج والسمك.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات