مع استمرار موجات الغلاء بالنسبة للمواد الغذائية ضمن الأسواق السورية، تحولت العديد من المشروبات الساخنة في سوريا من مشروبات شعبية في متناول الجميع إلى مشروبات “نخبوية”، لا يستطيع تحمل تكاليفها إلا نسبة قليلة من السوريين.

الشاي هو آخر المنضمين لقائمة الغلاء من المشروبات الشعبية في البلاد، وكانت القهوة قد سبقت الشاي بعد سلسلة الارتفاعات التي ضربت أسعارها خلال الأشهر الماضية، بعدما بلغ سعر الكيلو منها إلى 150 ألف ليرة سورية، فضلا عن انتشار البُن المغشوش بكثرة في الأسواق السورية.

ويبدو أننا على موعد مع تغيّر سلوك السوريين في التعامل مع مشروب الشاي، فسابقا كانت العائلات السورية معتادة على تناول هذا المشروب يوميا، وربما لأكثر من مرة في المنزل وأماكن العمل، وبعد وجبات الطعام وخلال جلسة المساء ومعظم الأوقات.

الاستغناء عن الشاي؟

تغيّر سلوك السوريين في التعامل مع مشروب الشاي، جاء بعد ارتفاع أسعار مكوناته، ففضلا عن ارتفاع أسعار الشاي، تصدرت مادة السكر قائمة المواد الغذائية التي شهدت ارتفاعات متكررة في أسعارها خلال الأسابيع الماضية، حيث وصل سعر الكيلو منها إلى 13 ألف ليرة سورية، بعد أن كان لا يتجاوز 9 آلاف ليرة قبل نحو أسبوع بحسب تقرير لموقع “أثر برس” المحلي.

“مشروب الشاي أصبح يحتاج لتخصيص ميزانية” قال عامر العبسي وهو موظف حكومي يعمل في مؤسسة المياه بدمشق، مؤكدا أن ارتفاع أسعار مكونات المشروبات، أجبرته على التقليل منها بنسب كبيرة، فلم يعد استهلاك الشاي كما كان عليه قبل سنوات.

العبسي أضاف في اتصال هاتفي مع “الحل نت”، “مشروب الشاي مشروب أساسي، والحفاظ على عادة شربه يوميا وفي كل الأوقات، يعني أن كيلو السكر لا يكفي لأسبوع واحد فقط، وبالنظر إلى هذه الأسعار فإن مشروب الشاي وحده قد يستهلك نصف الراتب الحكومي، كذلك فإن القهوة أيضا تغير كثيرا سلوكنا في استهلاكها، فنجان واحد يوميا صباحا والسلام”.

الحكومة السورية، تحول مؤخرا دورها من البحث عن حلول للمشاكل إلى الاكتفاء في توصيفها، ما يؤكد تماما ما يتحدث عنه خبراء اقتصاديون عن شلل تام في المؤسسات الحكومية، العاجزة عن إيجاد الحلول لأبسط المشاكل الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بالمواطن السوري.

قد يهمك: الكاجو سبب في تضارب عمل المؤسسات الحكومية السورية.. كم سعره ومن يشتريه؟

تعليقا على مشكلة ارتفاع أسعار السكر، أوضح مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق نائل اسمندر في تصريحات للموقع المحلي، أن ارتفاع سعر السكر يتعلق بكميات السكر الموجودة، أي عند توفر المواد بكثرة يقل سعرها، وعند ندرتها يزداد سعرها وبالتالي يقلّ تواجدها.

القهوة بالغلوة

قبل مشروب الشاي، أدى ارتفاع أسعار البُن في سوريا إلى انتشار عمليات البيع بـ”الغلوة”، حيث يضطر بعض الأشخاص إلى شراء بضع غرامات من البُن، لصنع كوب القهوة الصباحي نتيجة عدم قدرته لشراء كيلو كامل أو نصف كيلو من البُن بعد سلسلة الارتفاع التي ضربت المادة.

فضلا عن انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية كسبب لارتفاع أسعار البُن، جاء ارتفاع الأسعار العالمي ليزيد من معاناة السوريين، ويحرم المزيد منهم من كوب القهوة الذي اعتادوا شربه يوميا وربما لأكثر من مرة خلال اليوم.

ارتفاع أسعار البُن، أفضى كذلك إلى انتشار كميات كبيرة من القهوة المغشوشة في الأسواق، حيث يلجأ بعض بائعي البُن إلى عدة طرق للغش، وذلك عبر إضافة مادة نواة التمر “عجو التمر” أثناء طحن البُن، ومن ثم يتم إضافة كميات إضافية من الهيل والمسكة لتغطية نكهة المواد المضافة.

بحسب تقرير لموقع “أثر برس” المحلي والذي نُشر قبل أيام، فإن طعمة القهوة بعد الغلي تتغير، “إذ تظهر وكأنها محروقة، من هنا يجب أن نعلم أن هذا البُن يُدخل عليه مواد أخرى غير حبة البُن في التحميص، حيث يوجد في حبة البن زيت يتحمل التحميص، أما نواة التمر لا تتحمل درجة التحميص مثل حبة البُن فتكون طعمه الحرق، ويدّعي البائع أن القهوة محروقة”.

كذلك فإن البعض يلجأ إلى إضافة مادة “القضامة والخبز اليابس والعديد من المواد” بكميات قليلة بحيث لا يظهر طعمها بشكل واضح، إلا أن أسعار البُن المرتفعة تتسبب برفع هامش الربح لبائعي القهوة، حيث يصل سعر كيلو البن في سوريا إلى 150 ألف ليرة.

بحسب تقارير متخصصة فإن رواتب العاملين والموظفين في سوريا الثابتة منذ بداية العام الجاري، فقدت نحو 35 بالمئة من قيمتها منذ مطلع العام، حيث واصلت أسعار السلع والخدمات في البلاد ارتفاعها، أمّا ردود أفعال الحكومة فاقتصرت على اقتراح خطط تتعلق بزيادة الرواتب دون إقرارها حتى الآن.

هزالة الأجور السورية وصلت إلى حدّ تهديد الأمن الغذائي بالنسبة للعاملين، خاصة أولئك الموظفين في القطاع الحكومي، الذين أصبحوا غير قادرين على تحمّل تكاليف الغذاء بمختلف أنواعه، بعد أن خرجت العديد من المواد من قائمة مشترياتهم لا سيما اللحوم والمكسرات وبعض أنواع الفواكه.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات