تصعيدات جديدة باتت تلوح في الأفق بين طهران وتل أبيب، فعوامل التسخين باتت أعلى بروزا أكثر من أي وقت مضى. 

التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، والتي كشف من خلالها وفق ما نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن إتمام إقامة مدرج مطار عسكري تابع للنفوذ الإيراني في لبنان وبالقرب من الحدود الإسرائيلية، تدلل بما لا يدعو مجال للشك بأن التصعيد الإسرائيلي العسكري والسياسي ضد طهران ونفوذها. 

من المرجح خلال الفترة المقبلة ازدياد الغارات الإسرائيلية على الأراضي السورية تحت ذريعة استهداف مناطق النفوذ الإيراني هناك. هذه الساحة هي الأكثر تعرضا للردود بين الطرفين، لكن ماذا عن لبنان.

فراغ رئاسي مستمر في الدولة الجارة لسوريا، أزمة اقتصادية متشعبة ومستعصية، دعوات عدة لرأب الصدع بين القوى المتنافرة، فهل سيكون الوقت الحالي هو الفترة المناسبة لإشعال جبهة الجنوب اللبناني مرة أخرى؟. الاحتمالات مفتوحة على عدة سيناريوهات، ففي لبنان ملف شائك وهام مثل ترسيم الحدود البرية والبحرية بين بيروت وتل أبيب، أيضا هناك الدور السعودي في لبنان يوازيه حجم وتأثير العلاقات المستجدة بين الرياض وطهران بمقابل الحديث عن شائعات أو تسريبات التطبيع السعودي-الإسرائيلي. إذا فالسعودية لها تأثيرها على عجلة إشعال فتيل التصعيد بين إسرائيل وإيران، هذا التأثير لا يعني بأي حال من الأحوال بأنه تأثير ينطلق من دور سلبي. بالمقابل حزب الله اللبناني وزعيمه حسن نصر الله قد يلجأ هو إلى التصعيد إذا ما ازدادت أزمتهم الخانقة سياسيا واقتصاديا وذلك لكسب ورقة رابحة لهم على الصعيد السياسي الداخلي. 

بالمقابل فإن إسرائيل وعلى الصعيد الداخلي سياسيا تواجه حكومتها احتجاجات مستمرة، ولديها أزمتها السياسية المزمنة، في حين كانت اشتعلت جبهة الصراع مع الفصائل الفلسطينية في الربيع الفائت، فالحكومة في تل أبيب تلقت عدة ضربات خلال الفترة الماضية كان أبرزها من أذرع النفوذ الإيراني، بينما كانت آخر تلك الضربات ما نجم عن الصفقة مع إيران من قبل الولايات المتحدة وبرعاية عمانية حيث تم الإفراج عن السجناء الإيرانيين وكذلك إلغاء تجميد أرصدة إيرانية في كوريا الجنوبية. 

ما يزعج إسرائيل الآن نتائج الصفقة ويزيد من مخاوفها أن تكون هناك أجزاء جديدة شبيهة لسيناريو الصفقة الأخيرة، وفي الوقت نفسه تتخوف من تقارب حقيقي بين السعودية و إيران على حساب عملية التطبيع بين الرياض وتل أبيب.

في حقيقة الأمر فإن واشنطن ومن خلال الإدارة الحالية في البيت الأبيض لن تكون راغبة في الذهاب بعيدا مع الجانب الإيراني، وإن كانت الصفقة عبارة عن اختبار نوايا أولي لن يؤتي بنتائج جديدة خلال الفترة المقبلة، بالمقابل فإن للسعودية شروط واختبارات في علاقاتها مع إيران، لعل أقواها في اليمن، بالمقابل فإن إيران تلعب على عامل الوقت بشكل أساسي في مساري علاقاتها مع واشنطن والرياض، ولا تبدي أي انفتاح واسع وجدي تجاههما، ما يعني أن ملفات طهران المشتركة مع السعودية والولايات المتحدة ستراوح في مكانها حتى بداية العام المقبل، في حين فإن إسرائيل تراهن على الوقت أيضا في انتهاء الأزمات السياسية التي تعصف بالحكومة هناك، إلا أنها ميالة لدفع واشنطن لمعاقبة طهران على توسيع تمدد نفوذها العسكري في لبنان؛ أكثر ما تكون ميالة لشن أي عمل عسكري ضد حزب الله خلال الشهور الثلاثة المقبلة. 

عامل الوقت مهم جدا للطرفين، لكن مع بداية العام فإن عامل الوقت يكون قد اقترب من انتهاء صلاحيته وبالتالي فإن بقاء الأمور على ما هي عليه الآن يعني أن تصعيدا بين إسرائيل وإيران سيكون وشيك الحدوث، والساحة الأبرز بالتأكيد هي لبنان، وذلك في ظل استمرار الأزمتين السياسية والاقتصادية بلبنان، دون وجود إرادات خارجية تنهي هذا الاستعصاء قبل أن يتحول إلى عامل مهم في إشعال فتيل صراعات مسلحة داخلية كانت أم خارجية.

“أبعاد” هي زاوية صحفية أسبوعية/دورية؛ تحليلية سياسية، يكتبها مالك الحافظ، رئيس تحرير “الحل نت”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات