العام الدراسي يصدم السوريين.. واقع المدارس يفضي إلى ترك آلاف الطلاب للتعليم

بداية العام الدراسي في سوريا، مثُل صدمة لذوي الطلاب لا سيما من لديهم أطفال في المرحلة الابتدائية، حيث ظهرت ملامح الفوضى وغياب المستوى الأدنى من الخدمات في المدارس الحكومية، الأمر الذي يدفع شريحة واسعة من الأهالي إلى إخراج أبنائهم من المدارس الحكومية.

في الوقت الذي تعاني فيه المدارس الحكومية في سوريا من تدني مستوى الخدمات التعليمية المُقدّمة للطلاب، تلجأ بعض العائلات السورية إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة، لكن ارتفاع رسوم هذه المدارس جعل معظم العائلات يستغنون بشكل نهائي عن تعليم أبنائهم في المدارس.

مع بدء الموسم الدراسي هذا العام، تؤكد شهادات أهالي التلاميذ زيادة وتيرة تدني مستوى الخدمات في المدارس العام، الأمر الذي يطرح تساؤلات عديدة حول جدوى التعليم المجاني في سوريا، إذ اعتبر العديد من أهالي الطلبة أن ذهاب أبنائهم للمدرسة هو عبارة عن “مضيعة للوقت” في معظم المدارس الحكومية.

تخبط وفوضى

تقرير لموقع “بزنس تو بزنس”، أشار إلى أن “العام الدراسي بدأ كعادته بالتخبط والفوضى، بدون أي مؤشرات أن المسؤولين عن أجيالنا قد تعلموا من أخطاء الماضي، وبأن هناك نيّة للإصلاح وتحسين وضع مدارسنا لتكون البيت الثاني كما علمونا في صغرنا”.

أسبوع واحد مرّ على بدء العام الدراسي في سوريا، فيما تؤكد شهادات الأهالي، أن المدارس غير مستعدة، فالصفوف غير مهيأة لاستقبال الطلاب، وهناك نقص في المقاعد مع اهتراء غالبية المتوفر منها، وليس هناك خطة واضحة لتسجيل الطلاب وتوزيعهم، فيما لا يزال العديد من الأهالي يبحثون عن مدرسة يمكن أن تستقبل أبناءهم.

بحسب تقرير لموقع “سينسيريا” المحلي، فإن العديد من المدارس  تعاني نقص المدرسين الاختصاصيين، والموجود منهم يعاني من التشتت لكثرة المدارس التي تطالب به، ومنهم من فُرض عليه حصص إضافية فوق النصاب المخصص له، لتغطية الشواغر المتزايدة.

قد يهمك: “الحبة بألفين”.. سعر الصرف والحكومة وراء ارتفاع أسعار البيض بسوريا

كذلك فإن شريحة واسعة من المدرسين قدّموا استقالاتهم مؤخرا بسبب ضعف الرواتب، بعد أن تبيّن لهم أن حجم العمل المطلوب لا يعادل ما سيحصلون عليه من عائد مادي، كذلك فإن البعض فضّل العودة للمنزل والاكتفاء بالدروس الخصوصية المربحة والمريحة دون عذاب الصراع على توقيت الحصص في المدارس.

وتابع القول، بات لدينا بورصة لأسعار ساعات الدروس الخصوصية تتماشى مع المتغيرات المعيشية والمكانية. فقد نجد أن مدرس لمادة الرياضيات يمكن أن تصل تسعيرة ساعته إلى مائة ألف ليرة سورية في دمشق. ومثيله يتقاضى نصف أو ربع المبلغ في محافظة أخرى.

إذاعة “المدينة إف إم” المحلية نشرت أمس الخميس، صورا أظهرت افتقاد عدد من مدارس مدينة حلب لمقاعد التلاميذ، حيث يضطر قسم من الطلبة في المدارس الابتدائية إلى الجلوس على الأرض في قاعات الدراسة لعدم توفر مقاعد كافية.

كتب مهترئة للطلبة

بحسب تقرير الإذاعة المحلية، فإن العديد من المدارس الحكومية في سوريا، سلّمت الطلبة لديها هذا العام كتب مهترئة ولا تصلح للاستخدام، هذا فضلا عن المرافق التي تحتاج صيانة واسعة، ومع ذلك فإن مديريات التربية وإدارات المدارس لم تعمل على صيانتها خلال عطلة الصيف.

خلال السنوات الماضية، شهدت البلاد زيادة في المدارس التعليمية الخاصة، وذلك بسبب تراجع مستوى الخدمات التعليمية في المدارس الحكومية المجانية، إذ يقول ذوو الطلاب أن أبناءهم أصبحوا يضيّعون وقتهم في المدارس الحكومية التي لم تعد تقدّم خدمات تعليمية جيدة كما كان الوضع سابقا.

بذلك أصبحت المدارس الحكومية محصورة بأبناء الفقراء غير القادرين على تسديد أقساط المدارس الخاصة المتزايدة بشراهة تشبه النباتات الطفيلية، فالمشوار التعليمي للأطفال في سوريا، أصبح يشكل عبئا اقتصاديا إضافيا على الأهالي، الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع مبالغ مالية بشكل سنوي من أجل حصول الأطفال على حقّهم بالتعليم في البلد التي لطالما تغنّت حكومتها بمجّانية التعليم على مدار العقود الماضية.

عاما بعد آخر تشهد رسوم  تسجيل المدارس الخاصة بمختلف مراحلها، ارتفاعا في الأسعار، حيث أصبح تدريس الأطفال في هذه المدارس يحتاج إلى ميزانية خاصة تُقدّر بالملايين، وذلك رغم وجود قرارات تقضي بوضع أسقف سعرية لرسوم المدارس الخاصة في البلاد.

تقرير لصحيفة “قاسيون” المحلية، أشار إلى أن غالبية المدارس الخاصة لم تعلن بشكل رسمي عن رسوم التسجيل السنوية لديها، لكنها علمت من مصادر قريبة من ذوي الطلاب أن رسوم التسجيل في المدارس السورية الخاصة لا تقل عن مليوني ليرة سورية.

بحسب منظمات دولية، فإن هناك نحو 2.5 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و 17 عاما – ثلث السكان في سنّ الدراسة – خارج المدرسة. وهم غير قادرين على ممارسة حقهم الأساسي في التعليم على النحو المنصوص عليه في اتفاقية حقوق الطفل “1989”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات