في حين صوّتت 29 دولة ضد قرارات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، في مقدمتهم روسيا، بإدانة الحكومة السورية لاستخدامها الأسلحة الكيماوية في سوريا، ثمة مطالب من عدة منظمات سورية غير حكومية ومدافعين عن حقوق الإنسان، بإنشاء “محكمة خاصة” لمعاقبة مستخدمي الأسلحة الكيميائية في سوريا.
والهدف من تدشين المحكمة الخاصة هو وضع حدٍّ لسياسة الإفلات من العقاب، في ظل عدم قدرة المؤسسات القضائية الدولية الحالية على محاسبة المتورطين، خاصة وأن هذه المحكمة تُعتبر بمثابة خياراً بديلاً في الحالات التي لا يمكن فيها اللجوء إلى المحافل الجنائية القضائية الدولية الحالية.
الأسلحة الكيميائية بسوريا
وكما جاء في بيان صادر عن “رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية” في سوريا، أن “هناك أدلة على استخدام الأسلحة الكيميائية على نطاق غير مسبوق في سوريا والعالم”، مضيفة أن استخدامها يؤدي إلى إفلات المجرمينَ من العقاب.
البيان ذاته لفت إلى عرقلة روسيا والصين، إحالة ملف استخدام الحكومة السورية للسلاح الكيميائي إلى المحكمة الجنائية الدولية عبر استخدامهما حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي في العام 2014، منوّهة إلى أن الوضع الحالي يقوّض الأثر الرادع لحظر الأسلحة الكيميائية والمساءلة.
وبحسب ما تناقلته وسائل الإعلام، فإنه “يمكن للمحكمة الاستثنائية المقترحة النظر في جميع قضايا استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، وكافة القضايا الأخرى التي تمنع المحكمة الجنائية الدولية حالياً من التعامل معها بسبب الجمود السياسي”، وفق بيان الرابطة الحقوقية.
والمحكمة ستتم هيكلتها بحيث تكون مكمّلة للمؤسسات الدولية القائمة وخاصة الجنائية الدولية، وقادرة على العمل عند عرقلة سلطة المحكمة الجنائية الدولية، بحسب البيان الحقوقي.
هذا وأدت الهجمات غير المشروعة بالأسلحة الكيميائية إلى مقتل وإصابة الآلاف خلال الحرب في سوريا، كثير منهم من الأطفال، ولكن بعد مرور أكثر من عقدٍ من الزمن لا يزال الجُناة بمنأى عن العقاب.
جهود سورية ودولية
وبحسب وكالة “رويترز“، فقد عملت حوالي عشر مجموعات حقوقية سورية وخبراء قانونيون دوليون وآخرون في هدوء على مدى عامين على وضع الأساس لمحكمة جديدة قائمة على المعاهدات يمكنها محاكمة من يُتهمون باستخدام المواد السامة المحظورة بجميع أنحاء العالم.
وقالت صفاء كامل، 35 عاما، وهي معلمة من حي جوبر بالعاصمة السورية دمشق “المحكمة بالنسبة للسوريين هي أمل” متذكرة الهجوم بغاز السارين الذي وقع في 21 آب/أغسطس عام 2013 بمنطقة الغوطة والذي أدى لمقتل أكثر من 1000 شخص، كثيرٌ منهم كانوا نائمين.
وأضافت، “الأعراض التي تعرضنا لها الغثيان وإعياء واصفرار الوجه، وحالات إغماء.. حتى من الصغار. كان خوف كتير كبير” وتابعت قائلة “عندما فتّشنا عن الشهداء الذين فقدناهم أثناء هذا القصف الكيماوي كان عدد الضحايا كتير كبير. لا تمحى من ذاكرتنا كيف كانت مصفوفة”.
أظهرت وثائق اطّلعت عليها “رويترز” أنه تم عقد العديد من الاجتماعات الدبلوماسية واجتماعات الخبراء بين الدول لمناقشة الاقتراح، بما في ذلك الجدوى السياسية والقانونية والتمويلية.
من جانبه، قال المحامي البريطاني السوري إبراهيم العلبي، وهو أحد الشخصيات الرئيسية وراء هذه المبادرة، إن دبلوماسيين من 44 دولة على الأقل من مختلف القارات شاركوا في المناقشات، بعضهم على المستوى الوزاري.
وأوضح العلبي “بينما يطالب بها السوريون بشأن استخدام الأسلحة الكيمياوية في سوريا، إذا رغبت الدول في ذلك فإن الأمر قد يتجاوز ما هو أبعد من سوريا بكثير”.
ودُشّن مقترح إنشاء المحكمة الاستثنائية للأسلحة الكيمياوية في الثلاثين من تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، وهو اليوم الذي يتم فيه إحياء ذكرى ضحايا الهجمات الكيمياوية بجميع أنحاء العالم. وستكون الخطوة التالية هي أن تتفق الدول على صياغة المعاهدة.
حظر صادرات المواد الكيماوية
في المقابل، صوّتت الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية على قرار حظر صادرات المواد الكيميائية ومواد تصنيع الغاز السام إلى سوريا، ودعم آليات التحقيق الدولية، وتعزيز الجهود لمواجهة التهديدات الكيميائية.
وحظي القرار، الذي تقدمت به 48 دولة، خلال اجتماع الدورة الـ 28 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية، بتأييد 69 دولة، في حين صوتت 10 دول ضده، وامتنعت 45 دولة عن التصويت، وفق تقارير صحفية.
هذا ونصّ القرار، الذي حمل عنوان “معالجة التهديد الناجم عن استخدام الأسلحة الكيميائية والتهديد باستخدامها في المستقبل”، على منع بيع أو نقل المواد الخام والمعدات إلى سوريا، والتي يمكن استخدامها لإنتاج الغاز السام وغاز الأعصاب.
بينما يهدف القرار إلى منع بيع المواد الخام والمعدات التي يمكن استخدامها في إنتاج الغاز السام وغاز الأعصاب إلى سوريا، يتضمن القرار إجراءات لتعزيز ضوابط التصدير ومنع توريد المركبات والمعدات ذات الاستخدام المزدوج لصالح الحكومة السورية.
وفي بيان لها، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، إن مؤتمرها السنوي قرر وقف استمرار حيازة واستخدام الأسلحة الكيميائية من قبل حكومة دمشق، بسبب عدم قيامها بإعطاء المنظمة جرداً دقيقاً لمخزونه وتدمير المواد الكيميائية غير المعلنة، بما في ذلك الأسلحة والمواد ومنشآت الإنتاج.
وبحسب القرار، يُسمح للدول باتخاذ تدابير لضمان الامتثال وكذلك التشجيع على دعم التحقيقات الجنائية والمساءلة الوطنية والدولية، ويأتي هذا الإجراء لأول مرة منذ توقيع اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية.
وقالت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للتحقيق في الجرائم الأشد خطورة المرتكبة في سوريا، التابعة للأمم المتحدة، إن جزءا صغيرا فقط من حوالي 200 تحقيق في جرائم الحرب السورية أجرته دولٌ معظمها أوروبية يتعلق بالهجمات الكيماوية.
وذكرت رئيسة هذه الآلية كاثرين مارشي – أويل لـ”رويترز” أنه لا توجد فُرص كافية لتحقيق العدالة فيما يتعلق بهجمات الأسلحة الكيمياوية في سوريا، وأن الآلية الدولية المحايدة والمستقلة مستعدة للعمل مع محكمة جديدة.
من جانب آخر، قالت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في تقريرها الأخير، إن حكومة دمشق نفّذت 184 هجوماً بالأسلحة الكيميائية بعد أن صدّق على اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في أيلول/ سبتمبر 2013.
- المعارضة تدخل مدينة حماة.. والجيش السوري يؤكد خوض معارك في الريف الشمالي
- مستشار خامنئي: لم نتوقع أن تقع تركيا في “فخ” أميركا وإسرائيل
- فصائل المعارضة على تخوم مدينة حماة.. والجيش السوري يحصّن مواقعه
- وسط المعارك المستمرة.. روسيا قد تقوم بإخلاء سفنها البحرية من ميناء طرطوس
- سخرية واسعة من تصريحات مسؤولين سوريين حول معركة حلب
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.