على عكس المعتاد، يمارس سفراء الدول في العراق أنشطة دبلوماسية غير رسمية أو سياسية مثلما يفترض أن يكون ذلك كما يحدث في معظم دول العالم. ما يحدث في العراق، أن السفراء يمارسون أنشطة “شعبية وإعلامية” كما هو الحال في “السفير شو” مثلا.

“السفير شو”، هو برنامج مرئي أعدّه السفير البريطاني لدى العراق، ستيفن هيتشن، بثّت منه حتى الآن 4 حلقات عبر منصة “يوتيوب” ويتم تداوله أيضا عبر منصات التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و”إكس”.

الدبلوماسية الشعبية بحذافيرها! 

في “السفير شو” يظهر هيتشن كأنه مراسل ميداني، وفي كل حلقة يصطحب معه شخصية مؤثرة في المجتمع العراقي أو في “السوشيال ميديا” ليكون معه بمثابة مرشد سياحي عن المنطقة التي تتناولها الحلقة.

الحلقة الأولى من “السفير شو”، كانت عن شارع الرشيد في بغداد، والثانية تناولت مدينة الكاظمية شمالي بغداد، أما الثالثة فكانت عن منطقة القوش المسيحية في كردستان العراق، والحلقة الرابعة كانت عن مدينة السليمانية في إقليم كردستان، وكان الرئيس العراقي السابق برهم صالح، برفقة هيتشن، كمرشد سياحي للمدينة. 

في تلك الحلقات التي لاقت تفاعلا واضحا في منصات التواصل الاجتماعي بالعراق، تحدث السفير البريطاني لدى بغداد، عن الأكلات البغدادية والشوارع القديمة ومفردات الحياة اليومية للعراقيين، فهل هذا هو دور وحجم دولة عظمى مثل بريطانيا في العراق؟ 

“يبدو أننا نعيش الدبلوماسية الشعبية بحذافيرها، وهذه الدبلوماسية حطّمت الدبلوماسية الرسمية الممثّلة بالقنوات الرسمية”. هكذا يقول أستاذ العلاقات العامة الدولية، علاء مصطفى، الذي يردف في حديث مع “الحل نت”: “اليوم الكل يريد إبرام العقود مع الشعب، لذا نشاهد هيتشن بدأ يعيد تجربة السفير الياباني لدى العراق”. 

نشاط بريطاني مرسوم وبيئة عراقية مفتوحة

السفير الياباني ماتسوموتو هوتوشي، يعرف عنه كثرة نشاطاته الاجتماعية، فمرة يلتقط السيلفي مع العامة وينشرها عبر السوشيال ميديا، ومرة يزور شيوخ العشائر، وتارة يشارك في طبخ القيمة النجفية في أيام أربعينية مقتل الإمام الحسين، أما السفيرة الكندية، كاثي بونكا، فتهتم بالأفلام التي تعرض في سينمات بغداد، وصحيح أن معظم السفراء على هذه الشاكلة، إلا أن مكانة بريطانيا كدولة كبرى هي التي تجعل من البعض ينزعج من دور سفارتها. 

في هذا السياق، انتقد السياسي والسفير العراقي الحالي في سلطنة عُمان، علي الدباغ، حراك السفراء الأجانب في بغداد، قائلا في تصريح متلفز: “هناك فلتان في العراق فيما يتعلق بحركة السفراء”، واصفا ظهور أحد السفراء ببرنامج شعبي بأنه “غير معقول”، وأنه يتعين على الخارجية العراقية وضع ضوابط للموضوع، وفق تقرير لصحيفة “العربي الجديد”.

نشاط السفير هيتشن مرسوم بشكل واضح من قبل الإدارة البريطانية، واختياره لم يأتِ عبثا، خاصة وأنه يجيد اللغة العربية ويتحدث باللهجة العراقية بشكل مقبول، لذا فإن ما يحدث، هي مرحلة تمهيد لتحسين صورة بريطانيا لدى المجتمع العراقي، وتمهّد لمراحل أخرى، لا سيما وأن العراق يعد بالعقل البريطاني منطقة نفوذه الأساسية، كما يقول علاء مصطفى. 

مع ذلك، فإن مصطفى يرى أن ما يحدث من قبل السفراء لا يليق بالعراق، فمثل هذه الممارسات لا توجد في دول أخرى، إلا في العراق، البيئة والأبواب مفتوحة على مصراعيها ولا وجود لأي ضوابط، أما في الدول المحترمة فلا يستطيع أي سفير القيام بأي نشاط دون إشعار الجهات الرسمية في تلك الدولة. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات