صدمة كبيرة شهدها الشارع العراقي في وقت متأخر من ليلة الثلاثاء على الأربعاء، عندما أفرج القضاء العراقي عن الضابط عمر نزار، المتهم بتورطه في “مجزرة جسر الزيتون” في ذي قار جنوبي البلاد، والمُدان على إثرها بالسجن المؤبد، فما هي التفاصيل؟
في التفاصيل، قررت “محكمة التمييز الاتحادية”، الإفراج عن الضابط في قوات “التدخل السريع” عمر نزار، بعد صدور حكم سابق بحقه بالمؤبد عن “حادثة جسر الزيتون”، إذ أظهرت وثائق طالعها “الحل نت”، “توجيه محكمة التمييز، بغلق التحقيق و نقض كافة القرارات الصادرة في الدعوى وإلغاء التهمة الموجّهة ضد الضابط والإفراج عنه”.
متظاهرو ذي قار يتوعّدون بالاحتجاج
قرار “محكمة التمييز” جاء بحسب الوثائق، لعدم كفاية الأدلة المتحصلة”، ولذا قررت المحكمة، “إخلاء سبيل عمر نزار عن هذه القضية وإشعار إدارة السجن بذلك، وصدر القرار استنادا لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي”.
الجدير بالذكر، أن القضاء العراقي، وتحديدا “محكمة استئناف الناصرية”، قررت في 25 حزيران/ يونيو 2023، إدانة عمر نزار والحُكم عليه بالسجن المؤبد، لتورطه بقتل المتظاهرين عند جسر الزيتون بمحافظة ذي قار في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، إبان “انتفاضة تشرين”، والتي سميت حينها بـ “مجزرة جسر الزيتون”، وكانت سببا أساسيا في استقالة حكومة عادل عبد المهدي وقتئذ.
في السياق، عبّر الشارع العراقي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن غضبه واستيائه من قرار الإفراج عن عمر نزار، مشكّكا بنزاهة السلطة القضائية، فيما لمّح العديد من المدونين، إلى أن الإفراج عن نزار جاء نتيجة ضغطٍ من قبل “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، والذي يتحكم بالمشهد السياسي العراقي على القضاء لتبرئة عمر نزار.
إلى ذلك، توعد العشرات من متظاهري محافظة ذي قار، يوم غدٍ الخميس، بالاحتجاج على قرار الإفراج عن الضابط عمر نزار بعد زيارة أربعينية الإمام الحسين في 25 آب/ أغسطس الجاري، وقالوا في بيان نشره موقع إذاعة “المربد”، إنهم “يرفضون قرار الإفراج وسيجددون رفضهم له بعد إتمام زيارة الأربعين”.
ما يمكن الإشارة إليه، أن “محكمة تحقيق الناصرية” في رئاسة “محكمة استئناف ذي قار الاتحادية”، كانت قد قررت توقيف الضابط عمر نزار عن تهمة قمع المتظاهرين في “جسر الزيتون” في 22 شباط/ فبراير 2022، قبل أن تحُكم عليه بالسجن المؤبد بعد عام و4 أشهر من توقيفه.
قرار التوقيف ثم إدانة نزار جاء حينذاك، على خلفية نشر منظمة “إنهاء الإفلات من العقاب” في 8 شباط/ فبراير 2022، تحقيقا مصورا، يوثق انتهاكات متناسلة مارسها الرائد عمر نزار، من حرب “داعش” في نينوى إلى “مجزرة الزيتون” في ذي قار إبان “انتفاضة تشرين”.
في السياق، أعرب البعض من القائمين على التحقيق في حديث خاص مع “الحل نت”، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، عن قلقهم على أمنهم الشخصي، بعد قرار الإفراج عن عمر نزار؛ لأنه سبق له وأن هدّدهم بكل الوسائل بأنه “لن يتركهم وسيبقى يلاحقهم حتى ينتقم منهم”، كما كان يقول.
عمر نزار وانتهاكات متعددة
التحقيق المصوّر، وثّق “جرائم قتل واغتصاب وانتهاكات” ضد عشرات المدنيين، مارسها نزار، وهو آمر الفوج الثاني في “قوات الرد السريع” التابعة إلى وزارة الداخلية العراقية قبل إدانته.
التحقيق استند إلى مقاطع مصورة تثبت “ارتكاب نزار وقواته عمليات إعدام بحق مدنيين واغتصاب نساء وأطفال”، أثناء فترة تحرير نينوى من سيطرة تنظيم “داعش”.
وبحسب التحقيق، فإن عمر نزار كان يجبر الأبرياء في الموصل على اعتراف مزيف بانتمائهم إلى “داعش” ثم يقوم بقتلهم، كما كان نزار يهدد النساء في الموصل ويساومهن بممارسة الجنس معهن، على أن يعيد لهن أزواجهن من السجون، وفق التحقيق.
كما قام التحقيق بتضمين شهادة المصور علي أركادي، الذي وثّق عدة مشاهد تظهر انتهاكات عمر نزار أثناء معارك الموصل في عام 2017، وأشار التحقيق، إلى أنّ “نزار كان يقود مجموعة من 4 جنود ترتكب عمليات الاغتصاب والتعذيب”، وقد أفلتوا من العقاب على الرغم من وجود أدلة دامغة تثبت تورطهم في انتهاكات فظيعة.
قال التحقيق إن، نزار كان “يفتخر بما ارتكبه من أخطاء في عمليات التحرير، ويرفض الاعتذار”، ليظهر لاحقا بعد ترقيته إلى رتبة عسكرية أعلى من قبل وزارة الداخلية، في ذي قار جنوبي العراق، لـ “فض الاحتجاجات” التي شهدتها المحافظة إبان “انتفاضة تشرين”.
إذ قاد نزار بحسب التحقيق، الحملة التي انتهت بمقتل وإصابة المئات على “جسر الزيتون” في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، والتي سميت بـ “مجزرة الزيتون”.
وأثبتت إفادات ضباط ومسؤولين، أنّ عمر نزار هو من أصدر أوامر فتح النار على المتظاهرين العزّل “حتى لم تبقَ رصاصة واحدة في جعبة قواته”، بحسب التحقيق المصور.
وأدت “مجزرة الزيتون” إلى إسقاط حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، إذ أجبرته على تقديم استقالته، بضغط من “مرجعية النجف”، التي يقودها المرجع الديني الأعلى لدى الشيعة في العراق والعالم، آية الله علي السيستاني.
وخرجت “انتفاضة تشرين” في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 ضد الفساد السياسي والبطالة وسوء الخدمات وضد الميليشيات المسلحة الموالية لإيران، واستمرت 6 أشهر، وقمعتها السلطات العراقية عبر “قوات مكافحة الشغب” والميليشيات الولائية، إذ قُتل 650 متظاهرا، وأُصيب 25 ألفا، منهم 5 آلاف بإعاقة دائمة.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.