سلّطت صحيفة إيرانية محلية، في تقرير لها، الضوء على الوضع الاقتصادي في سوريا، وكيف يمكن أن تخسر طهران حليفتها دمشق، التي دعمتها لأكثر من عقد من الزمن، سياسيا واقتصاديا وعسكريا، بينما تعاني روسيا من الحرب على أوكرانيا، مما يجعل حلفاء إيران في وضع صعب، مشيرة إلى أن أحدهما في حرب استنزاف ومكلفة للغاية في أوكرانيا، والآخر في وضع سيء للغاية في مجال الاقتصاد.
التقرير الذي نشرته صحيفة “آفتاب”، حمل عنوان “السيناريو السوري لروسيا.. الحرب الأوكرانية تستهدف اقتصاد روسيا”، فنّدت الأحداث الإقليمية والدولية المتسارعة وتداعياتها السلبية؛ الاقتصادية والجيوسياسية، على كلٍّ من الرئيسين السوري بشار الأسد والروسي فلاديمير بوتين، إضافة لطهران.
الصحيفة ترى أن أفضل طريقة لخلق منصة لزيادة المنافسة الإقليمية بين إيران والجهات الفاعلة الأخرى تتلخّص في استعادة العلاقات الطبيعية والفورية مع الولايات المتحدة وأوروبا والمحيط الهادئ وشرق آسيا.
التضخم سيتسبب باحتجاجات
توقعات الصحيفة كانت متشائمة تجاه علاقات طهران مع دمشق وموسكو، حيث تعاني سوريا من اقتصاد سيء للغاية يمكن أن يؤدي إلى حراك شعبي، بينما توقّعت أن تتعرض روسيا لخسارة في اللعبة الدولية التي تجري في أوكرانيا، إذ أشارت إلى الاختراق الأوكراني للأراضي الروسية لأول مرة، والذي وصفته بأنه أول احتلال لروسيا منذ الحرب العالمية الثانية.
بحسب البنك الدولي، أدى 13 عاما من الصراع المدمر في سوريا إلى أزمات اقتصادية متتالية وعدم قدرة الملايين من الناس على تلبية احتياجاتهم الأساسية، وقد تسبب أكثر من عقد من الصراع في تدهور كبير في رفاهية الأُسر السورية، حيث يعيش 27 بالمئة من السوريين، أي نحو 7.5 مليون شخص، في فقر مدقع.
وقد أشار البنك الدولي إلى عدة عوامل خارجية ساهمت في “تناقص رفاهية الأُسر السورية” في السنوات الأخيرة. ومن بين هذه الأسباب، يمكن أن نذكر الأزمة المالية التي يعاني منها لبنان، جارة سوريا، منذ عام 2019، وتداعيات جائحة “كوفيد-19″، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، وفق ما ذكرت صحيفة “آفتاب”.
فيما يتعلق بتداعيات الأزمة الاقتصادية الحادة في سوريا واحتمالات حصول احتجاجات في هذا البلد، نقلت الصحيفة عن الباحث في قضايا الشرق الأوسط، محمد عثماني، أن التضخم الاقتصادي الحاد في سوريا أثّر بشكل كبير على حياة الناس اليومية، حيث ارتفعت أسعار السلع والخدمات بشكل كبير وانخفضت القدرة الشرائية للناس.
وقالت الصحيفة، إنه “في ظل الوضع الذي تتأثر فيه العديد من البلدان الأخرى في المنطقة بالأزمات الإقليمية مع زيادة التضخم وانخفاض القوة الشرائية؛ إنهم يواجهون استياءً اجتماعياً وسياسياً، ولهذا السبب، يمكن أن يتسبب ارتفاع التضخم في سوريا في احتجاجات وأعمال شغب، خاصة إذا لم تتمكن الحكومة من معالجة المشكلات الاقتصادية بشكل صحيح وفي الوقت المناسب وتحسين مستويات معيشة.”
ضعف سوريا يعني تراجع إيران
الصحيفة ترى أن الحكومة السورية أصبحت تعيش على المنفسة الاصطناعية لإيران وروسيا، بينما حذّرت من أن حكومة دمشق المضطربة ستواجه، بلا شك، دمارا كاملا، بعد أن أصبحت روسيا غير قادرة على تقديم الدعم الاقتصادي جراء الحرب على أوكرانيا، بينما تواجه إيران أزمات اقتصادية بسبب الحرب بالوكالة مع إسرائيل والتي بلغت ذروتها بعد 7 تشرين أول/أكتوبر.
لكن الأزمة الاقتصادية في سوريا وارتفاع التضخم قد يضعان إيران في موقف صعب. وتواجه إيران نفسها مشاكل اقتصادية وعقوبات دولية، وقد يكون لديها موارد محدودة لمواصلة دعم سوريا. لكن من المرجّح أن تستمر إيران في دعمها نظراً لأهمية سوريا الاستراتيجية بالنسبة لها، رغم أن هذا الدعم قد يتغير بأشكال مختلفة وينخفض تدريجيا.
الصحيفة أضافت أن إضعاف سوريا كحليف وثيق لإيران يمكن أن يكون له تأثيرات متعددة على سياسات إيران، إذ قد يؤثر تقليص قوة سوريا ونفوذها على موقف إيران في المنطقة، في حين تلعب سوريا، بموقعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط، دورا مهما في استراتيجيات إيران الإقليمية. فضعف سوريا قد يعني تراجعا في قدرة إيران على التأثير والتأثير في القضايا الإقليمية.
وأوضحت أن أي خطر يؤدي إلى سقوط الحكومة السورية سيفقد إيران حاجز المقاومة الحديدي في المنطقة ضد إسرائيل والغرب. ولهذا السبب، توقفت حركة اندماج سوريا في الجسم العربي، التي بدأت، بسبب قرب بعض الدول العربية في منطقة الخليج العربي من إسرائيل؛ لأن التحرك نحو المواجهة الجسدية مع تيار “المقاومة” في المنطقة قد بدأ، بحسب ما وصفت الصحيفة.
وختمت الصحيفة أنه يمكن للأزمات الاقتصادية والسياسية في سوريا أن تضع المزيد من الضغوط على إيران، وقد يتعين عليها تخصيص المزيد من الموارد للحفاظ على الاستقرار في سوريا وتجنّب الانهيار الكامل. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تفاقم مشاكل إيران الاقتصادية الداخلية وزيادة الضغوط الدولية عليها، لكن طهران تواجه أوضاعا خطيرة سياسيا داخليا وخارجيا؛ وإذا لم تتعامل مع هذه الصعوبات بعقلانية مبنية على المصالح الوطنية، فمن الممكن أن تضع نفسها في أي لحظة في موقف خطير.
- صحيفة إيرانية: تدهور الاقتصاد وارتفاع التضخم في سوريا يهدد بقاء الأسد
- جيبوتي تطرح مقترحاً لحل النزاع الصومالي الإثيوبي.. ما موقف مصر؟
- كيف باعت مدرسة باريس “الوهم” للصحفيين السوريين؟
- ليس من الأولويات.. تراجع السكن في سوريا يلقي بظلاله على الاستثمار
- أرقام صادمة لانتشار الأمراض النفسية في سوريا.. ما الأسباب؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.