تتصاعد حدة الضربات المتبادلة بين إسرائيل و”حزب الله”، بشكل يوحي باحتمال وقوع حرب شاملة في أي لحظة، إذ استهدف الحزب اللبناني “لأول مرة” عمق إسرائيل، من خلال إطلاق صاروخا باليستيا وصل إلى تل أبيب.
وبعد ساعات من استهداف تل أبيب، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يشنّ غارات “موسعة” على مناطق في جنوب وشرق لبنان. وقد صرح قبل قبل: “هاجمنا مستودعات أسلحة وبنية تحتية أخرى لحزب الله في النبطية”. في الأثناء أفادت وسائل الإعلام أن “حزب الله يستهدف مصنع متفجرات بمنطقة زخرون ومستوطنة كريات موتسكين الإسرائيلية بصواريخ (فادي). وبالتالي، فإن هذا يعزز من سيناريوهات بدء إسرائيل “حرب شاملة” ضد “حزب الله”، بما في ذلك تنفيذ هجمات برية محدودة في لبنان.
“حزب الله” يضرب تل أبيب
أطلق “حزب الله” صاروخا بالستيا باتجاه تل أبيب للمرة الأولى، اليوم الأربعاء، بحسب ما أكد الجيش الإسرائيلي.
ودوّت صافرات الإنذار فجرا في تل أبيب التي تبعد نحو مئة كيلومتر عن الحدود اللبنانية، عندما أطلق “حزب الله” صاروخ أرض-أرض بالستيا قال الجيش إنه تم اعتراضه، موضحا أنها “المرة الأولى التي يصل فيها صاروخ لحزب الله إلى منطقة تل أبيب”.
واعتبر الجيش الإسرائيلي هذا الاستهداف “تصعيدا”، مشيرا إلى أن حوالي 40 قذيفة أُطلقت من لبنان في اتجاه شمال إسرائيل وتمّ اعتراض عدد كبير من المقذوفات.
ويرى مراقبون أن هذا الأمر خطوة “غير مسبوقة” ويمثل خطوة تصعيدية جديدة في الصراع بين إسرائيل و”حزب الله”.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت، على مواقع التواصل الاجتماعي لحظة اعتراض أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية لصاروخ “حزب الله”.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم اعتراض الصاروخ بالقرب من تل أبيب، المدينة التي يسكنها أكثر من 4 ملايين نسمة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، مضيفا أن القوات الجوية ضربت منصة إطلاقه في منطقة النفاخية بجنوب لبنان.
وكان مدى صواريخ “حزب الله” في هجماته ضد الأهداف الإسرائيلية وصل الأيام الأخيرة إلى مدن صفد وعكا وحيفا التي تبعد عن الحدود اللبنانية بمسافات تتراوح بين 20 و60 كيلومترا.
ووصف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نداف شوشاني الصاروخ بأنه “ثقيل وبعيد المدى”، مضيفا أن “إنها المرة الأولى التي يطلق فيها حزب الله صاروخا باتجاه تل أبيب”.
بدورها أكد “حزب الله” أنه أطلق صاروخا باليستيا من طراز “قدر 1” استهدف مقر جهاز المخابرات الإسرائيلي “الموساد”.
غير أن شوشاني قال إنه لا يمكنه تأكيد ما كان “حزب الله” يستهدفه حينما أطلق الصاروخ من قرية في لبنان، مضيفا: “كانت النتيجة هي توجه صاروخ ثقيل صوب تل أبيب، صوب مناطق مدنية في تل أبيب. ولا يقع مقر الموساد في تلك المنطقة”.
هذا ولم ترد أنباء عن وقوع أضرار أو إصابات. وقال الجيش الإسرائيلي إنه لم يطرأ أي تغيير على تعليمات الدفاع المدني.
“حرب إسرائيلية شاملة”
إزاء ذلك، قال البيت الأبيض الأربعاء إن إطلاق “حزب الله” صاروخا على تل أبيب الإسرائيلية “مقلق للغاية”، لكنه شدد على وجود مجال للدبلوماسية لتجنب “حرب شاملة”.
وصرّح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي في مقابلة مع شبكة “سي إن إن”، “من المؤكد أن هذا الأمر مقلق للغاية، للإسرائيليين بالطبع، وكذلك لنا”. وأضاف “نعتقد أنه ما زال هناك وقت ومجال للتوصل إلى حل دبلوماسي لخفض التوترات وتجنب حرب شاملة”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن طائراته نفّذت غارات كثيفة وموسعة في جنوب لبنان وشرقه، وذلك بعد ساعات من اعتراض صاروخ باليستي أطلقه “حزب الله” في أجواء منطقة تل أبيب.
وقال الجيش في بيان إنه “يشنّ هجمات واسعة في جنوب لبنان وفي منطقة البقاع” الواقعة عند الحدود الشرقية مع سوريا، مضيفا أنه سيعلن “تفاصيل إضافية لاحقا”، لافتا إلى أنه يضرب أهدافا لـ”حزب الله” ومنشآت تخزين أسلحة.
ووسط كل ذلك، قالت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير، الثلاثاء، إن إسرائيل كانت تعد العدة على مدى عقود لحرب ضد “حزب الله”، والآن مع تضاؤل قدرات حركة “حماس” في غزة، شرعت إسرائيل في وضع خطتها الحربية موضع التنفيذ.
يمكن القول إنه إذا لم يتوقف “حزب الله” عن إطلاق الصواريخ وامتد إلى عمق إسرائيل، فإن ذلك سيدفع إسرائيل إلى شنّ “حرب شاملة” ضده، وليس من المستبعد أن تشمل هجمات برية محدودة ونوعية.
وتنقل الصحيفة عن متحدثين إسرائيليين القول إن كثيرين في إسرائيل يعتقدون أنه كان يجب التحرك بشكل حازم ضد “حزب الله”.
“لقد كان الجيش يبني ويعيد بناء الخطة لسنوات”، تقول ميري إيسين، وهي ضابطة استخبارات سابقة في الجيش الإسرائيلي، واطلعت بحسب الصحيفة على المداولات الأمنية.
وأضافت: “كل شيء أصبح جاهزا الآن للمرحلة الافتتاحية. الضربات التي وجهتها في الأيام القليلة الماضية، جزء من سيناريوهات حرب مفصلة تم التخطيط لها بدقة لسنوات. فعلت حماس في السابع من أكتوبر ما كان الجميع ينتظر أن يفعله حزب الله”.
وأشارت إيسين إلى أن “رؤساء أجهزة الأمن في إسرائيل دفعوا إلى وضع الخطط موضع التنفيذ بعد أيام قليلة من السابع من أكتوبر”، وهي الرواية التي أكدها دبلوماسي غربي “كبير” تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة مسائل حساسة، وفقا لـ”واشنطن بوست”.
“دخلنا مرحلة جديدة”
في سياق متصل، قال الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، إنه سيستدعي لواءين إضافيين من قوات الاحتياط لتنفيذ مهام عملياتية على الجبهة الشمالية.
وذكر الجيش في بيان “استدعاء اللواءين سيسمح بمواصلة الجهود القتالية ضد منظمة حزب الله.. وحماية مواطني دولة إسرائيل، وخلق الظروف لإعادة سكان الشمال بأمان إلى منازلهم”.
في سياق آخر، نقل بيان للجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، عن قائد القيادة الشمالية بالجيش القول إن إسرائيل دخلت مرحلة جديدة من حملتها، ويجب أن تكون مستعدة “للمناورة والتحرك”، وفق ما نقلته قناة “العربية”.
ولم يذكر البيان الإسرائيلي ما إذا كانت هذه التصريحات تشير إلى توغل بري محتمل في جنوب لبنان.
ونقل بيان الجيش عن الميجر جنرال أوري جوردين القول خلال زيارة أمس الثلاثاء لقوات على الحدود الشمالية لإسرائيل “دخلنا مرحلة جديدة من الحملة”.
وأضاف: “بدأت العملية بضربة كبيرة لقدرات حزب الله، بالتركيز على قدراته لإطلاق النار، وضربة كبيرة للغاية لقادة المنظمة وعناصرها. وفي ضوء هذا، نحتاج إلى تغيير الوضع الأمني، ويجب أن نكون على أهبة الاستعداد تماما للمناورات والتحرك”.
كما وقال موقع “واللا” الإسرائيلي، الأربعاء، إن القيادة الشمالية تجري تدريبات للقوات البرية تحاكي القتال البري في لبنان.
وأضاف الموقع الإسرائيلي أن التدريبات التي تجريها القيادة الشمالية استعدادا لسيناريوهات العمل البري في لبنان شملت أساليب قتال كانت تطبق في قطاع غزة، مشيرا إلى أن فرق تشارك في مناورات القيادة الشمالية منها الفرقة التاسعة والفرقة 179.
وبحسب ما ذكرت وسائل إعلام، فإن الحكومة الإسرائيلية المصغرة ستعقد اجتماعا في وزارة الدفاع في تل أبيب الليلة. ولذلك، يمكن القول إنه إذا لم يتوقف “حزب الله” عن إطلاق الصواريخ وامتد إلى عمق إسرائيل، فإن ذلك سيدفع إسرائيل إلى شنّ “حرب شاملة” ضد الحزب، وليس من المستبعد أن تشمل هجمات برية محدودة ونوعية.
ويأتي هذا بينما شنت إسرائيل مزيدا من الضربات الجوية على لبنان، اليوم الأربعاء، وأطلق “حزب الله” اللبناني وابلا من الصواريخ صوب إسرائيل في أعنف تبادل لإطلاق النار بين الطرفين خلال عام.
وصرح وزير الصحة اللبناني لقناة “العربية“، بأن “عدد ضحايا الاستهدافات الإسرائيلية تخطى الـ600 شخص و1800 جريح حتى الآن والرقم في تصاعد”.
ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا، اليوم الأربعاء بناء على طلب فرنسا. وهيمنت المخاوف من التصعيد في المنطقة على اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. بينما حذّر وزراء خارجية مصر والعراق والأردن من أن “إسرائيل تدفع المنطقة نحو حرب شاملة”.
- مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان.. ماذا نعرف عنها؟
- على خطى نصر الله.. نعيم قاسم وسياسات حافة الهاوية إلى ماذا تقود؟
- قتلى وجرحى بغارات إسرائيلية على القصير بحمص.. ماذا استهدفت؟
- قتلى بهجوم صاروخي لـ”حزب الله” وإسرائيل تطلب إخلاء 10 قرى جنوب لبنان
- بيان إيراني ينفي تدهور العلاقات مع الأسد: محاولة إيرانية للتمسك بسوريا؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.