أعلن الجيش الإسرائيلي، إنه تمكن من قتل ما يقرب من 20 قيادياً في “حزب الله” خلال هجمات على الضاحية الجنوبية لبيروت؛ وهذا غير مقتل حسن نصرالله الذي تسبب في حالة من الصدمة لإيران و”الحرس الثوري” على وجه التحديد، مع شيوع حالة من الضعف والخذلان والتراجع داخل الحزب مع كل غارة إسرائيلية يقتل فيها عدد من القيادات البارزة.
من هنا يبدأ السؤال: هل سيحاول “حزب الله” مع حالة الركود والانهيار الأمني وضعف الاستخباراتي والاختراقات العسكرية الواضحة أن ينتقم لمقتل القادة؟ وما أن طرح هذا السؤال، إلا وكثر الحديث على ما يطلق عليها وحدة “الظل” أو “الوحدة 910″، التي بحسب المحللين ربما تكون هي المنوط بها الثأر لمقتل القيادات. فما هي هذه الوحدة؟ وهل تستطيع بالفعل الثأر لمقتل القيادات؟
الوحدة السوداء.. سرعة الرد
وحدة “الظل” أو الوحدة “910” أو الوحدة السوداء، والتي تأسست في أوائل تسعينيات القرن العشرين، تعمل كوحدة عمليات خارجية لـ “حزب الله”، وهي مسؤولة عن تنفيذ العمليات خارج الأراضي اللبنانية.
وتنشر الوحدة أفرادها في مواقع مختلفة في جميع أنحاء العالم. وبحسب المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب والاستخبارات، الوحدة “910” هي وحدة نخبوية تابعة لـ “حزب الله” اللبناني، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بإبراهيم عقيل، الذي يُعتقد أنه كان قائدها الفعلي حتى قُتل في 20 أيلول/سبتمبر 2024.
ويُنظر إلى هذه القوة على أنها تهديد كبير من قبل الجيش الإسرائيلي، خاصة على حدوده الشمالية، حيث تعتبرها إسرائيل إحدى أهم الوحدات القتالية لـ “حزب الله” المدربة بشكل جيد والمجهزة بترسانة ضخمة من الصواريخ والأسلحة الأخرى.
وهذه الوحدة يشرف على عملها طلال حسني حمية، المعروف أيضًا باسم أبو جعفر، وهو عضو في مجلس الجهاد. ولا أحد يعلم إذا كان حميه قتل في غارة من الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية أما أنه ما زال على قيد الحياة في المقر الرئيسي للحزب.
ولعلل بقاء حمية حيا يمثل مصدر قلق من كون أن الوحدة ما زالت متماسكة من الداخل وخاص أنها لم تقوم بأي أعمال هجومية منذ فترة طويلة، ومما يساهم في زيادة الخوف من مزيد من الصراع والحرب المستمرة داخل لبنان، هذا مع مخاوف من أن الجيل الذي يعقب حسن نصرالله ربما يكون أكثر عدائية وميلا للعنف المضاد الذي في نظره له ما يبرره من الدفاع على الهيكلية الباقية للحزب هذا غير الانتقام لمقتل القادة السابقين.
الوحدة “910”
تعتمد الوحدة “910” على تحديث المعلومات بشكل مستمر وخاصة المعلومات الاستخباراتية حتى تكون على مستعدة للتنفيذ الهجوم السريع والأعمال العنيفة بناء على ما يتم توجيها إليه دون إهدار للوقت.
وبسؤال مصطفى النعيمي الباحث المشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية “أفايب” هل من المتوقع أن تقوم الوحدة “910” بالرد على مقتل القادة، أجاب في حدثيه مع “الحل نت” قائلا: “أعتقد بأن مستويات الحرب الثلاث والتي حيدت منظومة الاتصالات ومنظومة القيادة والسيطرة، فإن قيادات حزب الله، اليوم تقف عاجزة عن أي تحرك، والسبب الرئيسي في ذلك أن التواصل ما بين الداخل والخارج كحزب الله أصبح مقطوعا ولم يعد بمقدور الحزب في الداخل التعامل مع الأزمة بما يعدل حجم الآثار التي لحقت به”.
وبناء عليه لا يرجح النعيمي بأن تقوم الوحدة “910” بأي نشاط في هذه المرحلة بالتحديد؛ نظرا لأن هنالك مؤشرات من داخل إيران مفادها بأن الردود لن تكون مؤثرة إن حصلت، خاصة وأن اليوم هناك قراءة إيرانية لطبيعة التهديدات الإسرائيلية مفادها بأن إيران إن ردت عبر أراضيها أو عبر أذرعها فإن الهدف الإسرائيلي القادم هو تفكيك إيران من الداخل وبالتالي استشعروا هذا بشكل جيد ووصلتهم تلك الرسالة ولهذا عملوا على تغيير مكان إقامة المرشد الأعلى علي خامنئي.
ويضيف النعيمي: “لا توجد معلومات دقيقة حول عدد العناصر لتلك الوحدة ولكن العقيدة التي ينتمون إليها تنبع من المشروع الإيراني وقيادته في طهران أي أنها صنيعة المذهب الشيعي ذو مرجعية مدرسة قم وليس النجف، بمعنى أدق مرجعيتها الدينية تعود إلى إيران وليس العرب، وهذا بحسب تصريحات قائد الحزب السابق حسن نصرالله من خلال ما قاله حول سلاحهم وأموالهم وعناصر ينتمون إلى ولاية الفقيه وليس إلى الجغرافيا التي يعملوا فيها وهنا يقصد لبنان”.
الوحدة “910” شهد نشاطها حالة من السكون منذ عام 2020، وذلك بسبب انشغالها في الجغرافيا السورية والتي تمثل البوابة الرئيسية لتحركاتها. فقد بلغ عدد عملياتها في الفترة من 1992 إلى 2020 تسعة عمليات، واليوم كل المؤسسات التي ترتبط بالحزب باتت في مرمي العقوبات الدولية وليست في مقدورها تحويل الأموال عبر الوسطاء من دول الاتحاد الأوروبي أو من الولايات المتحدة إلى “حزب الله”.
نشاط وحدة “الظل”
الوحدة “910” تعتمد كعناصر مساعدة على بعض الأفراد من الشيعية الذين يتم اختيارهم بعناية شديدة دون الارتباط بجنسية معينة، فلا مشكلة من التعامل مع الجنسيات الأجنبية المختلفة طالما سيحقق ذلك التعامل الهدف منه هو الحصول على المعلومة والوثائق التي تساعدها على التحرك بحرية في جميع أنحاء العالم.
يخضع عناصر هذه الوحدة لعملية طويلة ومعقدة من التدريب الأمني حتى يتم ترخيصهم رسميًا كعملاء، بما في ذلك الأمن الميداني، والعمل تحت الغطاء، وتقنيات التخريب، بالإضافة إلى تقنيات التمويه في حالة مطالبتهم بالهروب من أي بلد معين.
وقد صرح فيما مضي ماثيو ليفيت، الخبير في مكافحة الإرهاب ومدير برنامج “راينهارد” لمكافحة الإرهاب في معهد “واشنطن” لسياسة الشرق الأوسط، بأن وحدة “العمليات السوداء” أنشئت في الولايات المتحدة تحت وحدة “910” في منظومة “حزب الله”، التي تضم خلايا نائمة مستعدة لمهاجمة أهداف في الولايات المتحدة وإسرائيل.
وبحسب ليفيت، فإن هذه الوحدة عملت أيضاً في السنوات الأخيرة في ما يسمى “حرب الظل” التي تشنها إيران ضد الغرب بشأن البرنامج النووي الإيراني. وبحسب التقارير الأميركية، خططت الوحدة “910” لشن هجمات على مواقع رئيسية، بما في ذلك مطار جون كينيدي في نيويورك.
وقد انكشفت أنشطة الوحدة في الولايات المتحدة عندما كشف علي كوراني، أحد عناصر “حزب الله” الذي ألقي القبض عليه في الولايات المتحدة، عن خطط المجموعة لشن هجمات في الولايات المتحدة وإسرائيل.
إلا أن النعيمي يؤكد وبشكل لا يدع مجال للشك بأنه لا يمكن للوحدة “910” القيام بأي أعمال إرهابية خاصة في ظل الصدمة الداخلية للحزب. وحسب حديث النعيمي، فإن الترتيب الداخلي التنظيمي للحزب يحتاج إلى أكثر من ثلاثة شهور.
وجاء استبعاد النعيمي لحدوث رد من الوحدة “910” بسبب المناخ الدولي المتوتر الذي لا يساعد على حدوث أي رد سواء على الداخل الإسرائيلي أو حتى على المجتمعات اليهودية نظراً لتعثر التواصل والاختراقات الأمنية وكذلك لأن القيادة المركزية في “حزب الله” مع “الحرس الثوري” باتت تعاني من الارتباك ليست بشأن القيادة والسيطرة اللبنانية، وإنما على صعيد القراءة الاستراتيجية لأولويات الملفات التفاوضية الإيرانية وذلك من خلال حديث الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ووزير خارجيته عباس عراقجي من حيث الميل للتهدئة.
كما أنه في ظل المناخ الدولي المتوتر والذي ربما يطيح بالنظام الإيراني بشكل كامل والسبب الرئيسي في ذلك أن تل أبيب قد اتخذت قرارها باقتلاع المشروع الإيراني من المنطقة العربية في المرحلة الأولى، ولن تقف عندها بل ستكمل طريقها وصولا إلى تعطيل البرنامج النووي كمرحله أولى وصولا إلى تدميره كهدف استراتيجي بعيد المدى. وهنا الاعتقاد بأن طهران هي التي أعطت الفرصة للجانب الإسرائيلي للتعامل مع هذا المتغير وبالمقابل تل أبيب تلقفت تلك الفرصة وعلى أعلى المستويات.
لماذا الوحدة “910”؟
إن وحدة “الظل” أو الوحدة “910” لها ما يميزها عن غيرها من الوحدات التابعة لـ “حزب الله”، وهذه المميزات هي ما تجعلها مرشحة دون غيرها من الوحدات للقيام بالرد على مقتل القادة وعلى رأسهم حسن نصرالله.
أولا، طبيعة تكوين وعمل هذه الوحدة من السرية التامة، حيث يتم إخفاء هوية أعضائها وعملياتها قدر الإمكان. هذا يعني أنه من الصعب للغاية الحصول على معلومات مؤكدة حول خططها المستقبلية.
ثانياً، التدريب المتخصص: فقد يتلقى أفراد الوحدة تدريباً عسكرياً مكثفاً على تنفيذ عمليات خاصة، مثل الاغتيالات والتفجيرات والخطف.
ثالثاً، الأهداف: تستهدف الوحدة بشكل رئيسي أعداء حزب الله، سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات، وتنفيذ عمليات في مختلف العالم.
رابعاً، الانتقام: تعتبر الانتقام أحد أهم أهداف الوحدة، حيث تقوم بشن هجمات رداً على أي اعتداءات تستهدف “حزب الله” أو قادته.
خامساً، الارتباط بإيران: هناك ارتباط وثيق بين الوحدة “910” و”الحرس الثوري” الإيراني، حيث تتلقي الدعم والتدريب من إيران.
هناك نقطة أخرى تجعلها هي المرشحة وبقوة دون غيرها لرد وهي أن هذه الوحدة قامت بالهجوم الانتقامي على السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين في 17 آذار/مارس 1992، وكان هذا أول هجوم انتقامي كرد فعل على تصفية زعيم “حزب الله” السابق عباس الموسوي في 16 شباط/فبراير 1992، أي بعد شهر واحد من مقتل الموسوي.
وهذه الوحدة تمثل مصدراً للخطر لأنها في جزء من تركبيها الداخلية تعمل على تهديد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم فقد يمكنها القيام بتنفيذ هجمات إرهابية واسعة المدي، مع قدرتها الخاصة على التصعيد التوترات بمعني أنها لديها القدرة على نقل الصراع من الإطار الإقليمي وتحوليه إلى صراع دولي من خلال اعتمادها على الأعمال الإرهابية غير قاصرة على مناطق جغرافية محدودة.
غير هذا، فإن قدرتها على استهداف المدنيين حيث لا تهتم الوحدة “910” بعدد الضحايا المدنيين، فما يهمها هو تحقيق هدفها بغض النظر عن سقوط الضحايا المدنيين. وفي هذا الصدد يؤكد النعيمي بأن الخطر المتمثل من الوحدة “910” في كونها تمثل الذراع العسكرية الخارجية لـ “حزب الله” أسوة بمشروع إيران بحرسها الثوري.
فضلا عن ذلك، فهذه الوحدة تتكامل بالأهداف فيما بينها مع مشروع المحور الإيراني الخارجي، وإدارتها مشتركه ما بين القيادة المركزية بـ “حزب الله” وما بين الفرعية بـ “الحرس الثوري”، فبالتالي التهديدات ستبقى مستمرة وعلى أعلى المستويات بالرغم من الضربات التي تكبدتها إلا أنها قد تقوم بتنفيذ عمليات عسكريه عدائيه تجاه التجمعات أو القنصليات أو الوفود أو السياح في العالم.
لكن ومن منطلق الأحداث الأخيرة، وبحسب توصيف النعيمي، فإننا مقبلون على تهدئه طويله الأمد لكن ستبقى تتلقى تلك “الوحدة” الصفعات المتتالية دون أن تقوم بأي رد ممكن، والمرحلة الحالية بالنسبة للمحور الإيراني ستنطلق من مبدأ الانحناء للعاصفة كما أشار المرشد في تغريدته قبل قرابه الثمانية أشهر من أن هناك هجمات كبيرة ستنال من محور “المقاومة” وعلى المحور أن ينحني قليلا حتى تمر بسلام.
- توحش “الحوثيين” يطال المنظمات الأممية.. نهب الموارد ونشر الرعب
- “الآن هم عراة، ليس لديهم القدرة على حماية أنفسهم”.. تفكيك “محور المقاومة”
- مرتبط بـ “حزب الله”.. “بارون المخدرات” اللبناني ينتقل إلى سوريا
- قصي خولي وديمة قندلفت في مسلسل تركي.. تفاصيل
- إسرائيل تعلن مقتل قياديين في إنتاج الصواريخ ومنظومة الاتصالات في “حزب الله”.. من هم؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.