تسعى سوريا للانضمام إلى مجموعة “بريكس”، حيث تجري مفاوضات جادة في هذا الصدد، على أملٍ أن تنقذ هذه الخطوة، إن تمت، التدهور الاقتصادي المستمر منذ أكثر من عقد، من خلال تجاوز العقوبات المفروضة على دمشق.
لكن خبراء اقتصاديين يرون أن الانضمام إلى “بريكس” لا يُعتبر حلّاً لمشاكل الاقتصاد السوري، ويُعتبر خطوة استراتيجية بعيدة المدى، بينما تعاني سوريا من مشاكل إدارية داخلية، يجب العمل عليها أولا.
خطوة بعيدة المدى
السفير السوري لدى روسيا بشار الجعفري، أعلن يوم السبت الفائت، على هامش منتدى “شمال القوقاز: فرص جيوستراتيجية، أن بلاده قدمت طلبا رسميا للانضمام إلى مجموعة “بريكس”، إذ قال الجعفري “نحن مهتمون للغاية بالانضمام إلى مجموعة بريكس”.
“بريكس” هو تكتل اقتصادي وسياسي عالمي يشمل كبرى الاقتصادات الناشئة وأكبر التكتلات السكانية في العالم وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، حيث سمي “BRICS” لأنه اختصار للأحرف الأولى لأسماء الدول باللغة الإنجليزية.
لا يعول على انضمام سوريا إلى “بريكس” كثيرا في تحسين الاقتصاد، إذ قال الخبير ورجل الأعمال عصام تيزيني، إن الأمل الذي انتشر بين السوريين بتحسين واقعهم الاقتصادي بعد انضمام بلادهم إلى “بريكس” لا يبدو في مكانه الدقيق.
انضمام سوريا إلى مجموعة “بريكس” لا يشكّل حلّاً جذرياً للاقتصاد السوري في الداخل، كما أن هذا الانضمام يُعدّ خطوة بعيدة المدى على المستوى الاستراتيجي ولا يمكن التعويل عليه وحده، وفق تيزيني.
وأضاف أن الحل للوضع الاقتصادي الراهن يكمن في تحسين أداء العمل الداخلي الإداري باتخاذ خطوات بسيطة جدا تسهّل سير العمل وتدعم الاقتصاد والإنتاج، وفق موقع “هاشتاغ” المحلي.
ومن المقرر أن تناقش قمة “بريكس” التي ستُعقد في قازان في الأيام من 22 إلى 24 تشرين أول/أكتوبر الحالي، إمكانية انضمام دول جديدة.
تجاوز العقوبات
الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور مجدي الجاموس، قال إن سوريا تمرّ بوضع اقتصادي غير جيّد، لذا فإن الدخول بمثل هذه المفاوضات سيكون حتماً لمصلحة الاقتصاد الوطني.
أهم ما تعاني منه سوريا بالوقت الحالي هو عدم استقرار سعر الصرف الذي يعني عدم القدرة على الإنتاج والاستيراد وحدوث فوضى بالأسعار، وفق الجاموس، وبالتالي فإن مجرّد الانضمام إلى هذا التحالف الاقتصادي من شأنه منح قوة للعملة المحلية، إذ سيصبح واجباً على الدول الأعضاء دعم هذه العملة أمام الاهتزازات الاقتصادية.
الانضمام إلى مجموعة “بريكس” سيكون إيجابياً بالمطلق ضمن الظروف الحالية المتدهورة التي تمرّ بها سوريا، لكون المنتج المحلي يعاني من ارتفاع تكاليف الاستيراد وارتفاع سعر الصرف وغير ذلك من العقبات، وفق حديث الجاموس لصحيفة “الوطن” المحلية.
الجاموس تساءل فيما إذا كانت هذه الخطوة في حال تنفيذها ستريح الاقتصاد السوري من العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا كقانون “قيصر”، وهل ستستطيع الدول الأعضاء خرق هذه العقوبات وتجاوز ومواجهة أميركا؟ إذ توقع أن هذا التحالف سيكون حلاً لاختراق الحصار الاقتصادي المفروض على سوريا.
نهج توجيهي
لكن الانضمام إلى “بريكس”، في حال تحقق، لا يُعتبر حلّا سحريا للاقتصاد السوري، في ظل وجود عقبات أمام الصناعيين والتجار السوريين، إذ إن الاستثمار يتطلب وجود بيئة جاذبة تعمل الحكومة على تهيئتها.
وفق تيزيني، فإن أكثر ما يعيق الصناعيين والتجار السوريين، يكمن في منع التعامل بالنقد الأجنبي بالرغم من أنه أساس حركة العمل التجاري والاقتصادي، إذ اعتبر أن الإدارة النقدية التي تعتمد على تجفيف السيولة بهدف تثبيت سعر الصرف أدت إلى مضاعفة الأسعار، وتجميد السيولة هذه أدت إلى نفور التجار والصناعيين وابتعادهم عن الإنتاج.
صانع القرار في الاقتصاد السوري غالباً ما يتبع نهجاً توجيهياً وليس نقدياً، إذ ينتظر رئيس الدائرة توجيه المدير، والمدير ينتظر توجيه الوزير، والوزير ينتظر توجيه رئاسة الوزراء، إذ لا توجد جرأة في تحليل الواقع الاقتصادي ونقده وتقديم حلول من القائمين على القرار، بحسب تيزيني.
وأضاف أن المنصة، وعدم السماح للصناعي بإنشاء مصنع إلا ضمن المدن الصناعية، تُعدّ من العراقيل أيضاً، إذ يتم اتخاذ هذه الإجراءات وكأن البلاد في حالة استقرار وليست في وضع اقتصادي منهار.
واستغرب تيزيني من إصرار صناع القرار على قراراتهم على الرغم من كل الطروحات في الإعلام من خبراء الاقتصاد، فمثلاً قانون حماية المستهلك لم يحمِ المستهلك أو التاجر، بل عرقل العمل، مدلّلاً باعتراف رئيس “مجلس الوزراء” السابق حسين عرنوس بخطأ هذا المرسوم في أحد المؤتمرات الاقتصادية العام الفائت، مؤكداً ضرورة تعديله، غير أنه ما يزال على حاله ولم يطرأ عليه أي تعديل.
إذاً، الحل بالنسبة للاقتصاد السوري لا يتوقف عند الانضمام لمجموعة “بريكس”، فهو رهن الإرادة السياسية في البلاد، حيث يتوجب تغيير النهج المعمول به لكسب ثقة المستثمرين السوريين في الداخل والخارج، وهي فرصة أمام الحكومة السورية الجديدة، إن أرادت ذلك.
- بعد سيطرة “الفصائل” على حماة.. اجتماع ثلاثي بين سوريا والعراق وإيران
- فصائل المعارضة تستعد للتقدم نحو حمص.. ماذا عن الجنوب السوري؟
- حياد في السلمية وحوار دولي مع الطائفة العلوية: الساحل السوري يشهد موجة تغيير؟
- الجولاني يبعث رسالة للعراق.. وإيران أرسلت “ظل قاسم سليماني” لدمشق
- مدينة حماة تنضم إلى حلب وإدلب.. والجيش السوري يعلن الانسحاب
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.