ما إن انتهى هجوم أنقرة، حتى باشرت القوات التركية بقصف مناطق في شمالي وشرقي سوريا، مدّعية أن ذلك يتماشى مع حقّ الدفاع عن النفس، في وقت لم تجرِ فيه تحقيقاتٍ حول الهجوم.
القصف التركي، الذي شارك فيه أيضا “الجيش الوطني” المدعوم من أنقرة، بدأ مساء أمس الأربعاء، واستمر حتى صباح اليوم الخميس، حيث استهدف بشكل خاص البنى التحتية، وأدى إلى وقوع قتلى وجرحى من المدنيين.
ضحايا مدنيون
التصعيد التركي، غير المبرّر، أدى إلى مقتل 12 مدنيا، بينهم طفلان، إضافة إلى إصابة 25 آخرين، بينهم إصابات بليغة، وفق بيان لـ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، اليوم الخميس.
بحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فقد قُتل 8 عمال بمحطة للغاز في السويدية بريف القامشلي شمالي الحسكة جراء غارة جوية تركية، بينما أصيب 15 مدنياً بإصابات متفاوتة، حيث نُقل المصابون إلى المستشفى، بينما رُجّح ارتفاع أعداد القتلى لوجود جرحى بحالة حرجة.
وقتل 4 مدنيين، من عائلة واحدة، في تل رفعت بريف حلب الشمالي، نتيجة قصف مدفعي تركي، استهدف المنازل ليلا، وفق “المرصد“.
منذ مساء أمس الأربعاء، وحتى صباح اليوم الخميس، شهدت المنطقة غارات مكثفة من الطائرات الحربية والمسيّرات التركية، استهدفت أرياف الحسكة، الرقة، عين العرب (كوباني)، منبج بريف حلب الشرقي، إضافة إلى ريف حلب الشمالي.
القوات التركية استهدفت اليوم الخميس، حاجز عويجة قرب محطة القطار في القامشلي، وموقعاً في قرية هرمي شيخو التابعة لمدينة عامودا، إضافة إلى فرن مدني ومحطة تحويل كهربائي في مدينة عامودا بريف القامشلي، وضربات أخرى استهدفت مواقع حيوية في بلدة معبدة بريف الحسكة ومحطة كهرباء في عين العرب (كوباني).
التركيز على البنى التحتية
بيان “قسد” قال إن تركيا قامت بموجة هجمات جديدة استهدفت البنية التحتية الأساسية لحياة الأهالي في مناطق شمال وشرق سوريا وكذلك التجمعات المدنية وقوى الأمن المسؤولة عن حماية المنطقة.
وأشار إلى أن الأفران ومحطات الكهرباء والنفط وحواجز قوى الأمن الداخلي المسؤولة عن حماية الأهالي كانت أهدافاً للطائرات الحربية والمسيّرة، وكذلك القصف المدفعي التركي، حيث تم استهداف 42 موقعاً، جميعها مؤسسات خدمية وأساسية.
واعتبرت “قسد” أن “العدوان الهمجي المتكرر يعبر بوضوح عن حالة العداء التركي لشعبنا في شمال وشرق سوريا وتذكير صارخ لخطورة الذهنية الإجرامية التركية على شعوب المنطقة والسلام فيها، وهي محاولة تركية لتصدير أزماتها الداخلية على حساب شعبنا ونشر الفوضى ودفع المنطقة إلى المزيد من التوترات”.
قائد “قوات سوريا الديمقراطية” مظلوم عبدي، قال اليوم الخميس، إن القصف التركي “العشوائي غير المبرر”، الذي يستهدف المراكز الخدمية والصحية والمدنيين شمال شرقي سوريا، يُعد “جريمة حرب حقيقية”.
وزارة الدفاع التركية أعلنت بعيد منتصف ليل الأربعاء- الخميس، أن “قواتها قصفت 32 هدفاً لحزب العمال الكردستاني وحلفائه في شمال العراق وسوريا”، رغم نفي “قسد” المتكرر عن وجود أية عناصر للحزب في سوريا أو ارتباطه به بشكل مباشر.
الوزارة التركية ذكرت أن قواتها شنّت عملية في 23 تشرين أول/أكتوبر الجاري بما يتماشى مع حقّ الدفاع عن النفس، وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وأوضحت أن هدف العملية القضاء على خطر “الهجمات الإرهابية” التي تستهدف الشعب والقوات التركية وضمان أمن الحدود.
من جهتها، دمشق لم تعلّق على القصف وأسلوب أنقرة في تقرير حق الدفاع عن النفس داخل الأراضي السورية، دون تشكيل لجنة تحقيق من الطرفين حول حادثة أنقرة وارتباطها بمجموعات داخل سوريا.
هجوم أنقرة
وجاء ذلك بعد أن شهدت أنقرة، عصر الأربعاء هجوماً إرهابياً استهدف مصنع طائرات مسيّرة لشركة الصناعات الجوية والفضائية التركية “توساش” في منطقة كهرمان كازان، حيث أشارت وسائل إعلام تركيّة، إلى أنّ المهاجمين تسلّلوا إلى داخل الشركة واحتجزوا رهائن في صالة توجد فيها مقاتلات “F-16”.
وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، أعلن “تحييد إرهابيين اثنين نفّذا هجوماً على شركة (توساش) في أنقرة، ومقتل 5 أشخاص وإصابة 22 آخرين بجروح، في حصيلة غير نهائية للهجوم”.
لكن السلطات التركية لم تُجرِ أي تحقيقات في الحادث ولم تعلن هوية منفذي الهجوم، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها.
بين الحين والآخر، تشنّ أنقرة ضربات بطائرات مسيرة تستهدف مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”، بينما نفذت تركيا، منذ 2016، ثلاث عمليات عسكرية في سوريا استهدفت بشكل رئيس المقاتلين الأكراد الذين طالما أعلنت أنقرة سعيها لإبعادهم عن المنطقة الحدودية.
إذا، هجوم أنقرة كانت بمثابة شمّاعة لبدء الهجوم على الأراضي السورية، في شمالي وشرقي البلاد، فيما يُعتبر انتهاكاً صارخاً للمواثيق والمعاهدات الدولية، باستهداف البنى التحتية، بينما سقط قتلى وجرحى مدنيون.
- حماة تدخل بوضع جديد.. وحراك سياسي دولي بعد التطورات في سوريا
- تبعات “ردع العدوان” تظهر في دمشق ودير الزور.. ماذا جرى؟
- وسط انهيار كامل للجيش السوري.. فصائل المعارضة تتقدم في ريف حماة
- دمشق تتواصل مع السعودية ومصر وهذه آخر التطورات الميدانية بحلب
- “ردع العدوان”.. ما هي الأسباب التي أدت إلى التقدم السريع للمعارضة؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.