في خضم المعارك المستمرة بين فصائل “المعارضة السورية” وقوات الجيش السوري، والتي أصبحت تتركز في ريف مدينة حلب ومدينة حماة الواقعة وسط البلاد، رجح موقع إلكتروني مهتم بقضايا الدفاع البحري بأن التحول الدراماتيكي في الخطوط الأمامية في سوريا يعرض الآن القاعدة البحرية الروسية في طرطوس السورية للخطر. 

ولفت موقع “نافال نيوز” الذي يبث من باريس، إلى أن ثمة “دلائل تشير إلى أن روسيا ربما تقوم بإخلاء سفنها البحرية من ميناء طرطوس بالساحل السوري”.

هذا وتعتبر قاعدة البحرية الروسية في طرطوس حاسمة لدعم الرئيس السوري بشار الأسد وطموحاته على المسرح العالمي.

احتمالية انسحاب روسيا من طرطوس!

يقول التقرير المنشور في الموقع المهتم بقضايا الدفاع البحري، إن “القاعدة البحرية الروسية في طرطوس تتعرض لتهديد وشيك مع تحول الحرب الأهلية ضد نظام الأسد. ومع اقتراب الخطوط الأمامية، بدأت روسيا بالفعل في اتخاذ الاحتياطات اللازمة”.

وتمتلك روسيا حاليا خمس سفن بحرية وغواصة تتمركز في طرطوس. وتتكون هذه القطع من فرقاطتين من طراز جورسخوف، وفرقاطة من طراز جريجوروفيتش، وسفينتين مساعدتين، وغواصة من طراز “كيلو” المطور، طبقا للموقع الغربي.

وأشار موقع “نافال نيوز” إلى أنه لوحظ أن إحدى هذه السفن وهي السفينة المساعدة “يلنيا” غادرت طرطوس صباح 2 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، مع معلومات تشير إلى أن بعض أو كل السفن الأخرى غادرت أيضا.

على الرغم من أن حركة السفن هذه غير مؤكدة، فمن المرجح أن تكون مرتبطة بشكل مباشر بالوضع الحالي على الأرض، إذ سيطرة فصائل “المعارضة السورية” المدعومة من تركيا على ثاني أكبر المدن بسوريا، حلب، فضلا عن مناطق أخرى في ريف إدلب ومدينة حماة.

وبالتالي، إذا غادرت السفن الروسية ميناء طرطوس بالفعل، فهذه أول إشارة واضحة إلى أن روسيا تنقل أصولا قيمة خارج سوريا.

وفيه هذا الصدد، لفت المحلل البحري دروكسفورد ماريتايم على منصتي “ X” و”Bluesky” إلى أن “هناك احتمال واقعي أن يكون الرحيل مرتبطا بتدهور الوضع في سوريا. (يلنيا) هي سفينة من طراز Project 160 Altay، وهي من الأصول القيمة والمهمة للحفاظ على القوة الروسية في البحر الأبيض المتوسط. وتشير المعلومات إلى أن الغواصة والفرقاطات وسفينة مساعدة أخرى أبحرت أيضا من طرطوس”.

آثار جيوسياسية “كبيرة”

تشكل القاعدة البحرية الروسية في طرطوس على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​في سوريا موقعا استراتيجيا لروسيا. وتحتفظ البحرية الروسية بالقاعدة البحرية هناك منذ عام 1971، لكنها أصبحت قيد الاستخدام بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وفق موقع “نافال نيوز”.

إذا تخلت روسيا عن طرطوس، فسيكون لذلك آثار جيوسياسية يصعب التنبؤ بها-“وكالات”

ومنذ بداية النزاع بسوريا في عام 2012، زاد الاستخدام مرة أخرى وأصبحت القاعدة البحرية الرئيسية لروسيا في الخارج. ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022، اكتسب الأمر أهمية أكبر. وعززت روسيا وجودها العسكري في طرطوس قبل الغزو من أجل مواجهة وردع التدخل المباشر لـ”حلف شمال الأطلسي” (الناتو)، وخاصة من خلال حاملات الطائرات في البحر الأبيض المتوسط.

كما وكانت طرطوس أيضا بمثابة قاعدة انطلاق للسفن الحربية الكبرى التي تنوي الانضمام إلى القتال في البحر الأسود. وكما تبين، فقد منعت تركيا معظم هذه السفن، بما في ذلك طرادات إضافية من طراز “سلافا”، من دخول البحر الأسود بعد بدء الغزو. وظلوا في البحر الأبيض المتوسط ​​لتقديم الدعم. ومنذ ذلك الحين، كافحت روسيا للحفاظ على هذا المستوى من الوجود البحري في البحر الأبيض المتوسط، لكن السفن الحربية والغواصات في طرطوس تظل أساسية.

وحتى شباط/ فبراير 2024، حافظت روسيا على عمليات نقل منتظمة للسفن إلى البحر الأسود، أطلق عليها اسم “التعبير السوري”. لكن هذه العمليات توقفت على الأرجح بسبب التهديد المتزايد من الطائرات البحرية المسيّرة الأوكرانية (USVs) في البحر الأسود، بحسب التقرير.

يُظهر هذا المنظر الجوي علم “المعارضة السورية” يرفرف فوق ساحة السوق في وسط حلب في 30 نوفمبر 2024. (تصوير محمد حاج قدور/ وكالة الصحافة الفرنسية)

أيضا، لفت إلى أنه حاليا يتعين على السفن الإبحار حول أوروبا للوصول إلى بحر البلطيق. وإذا كانت روسيا تسعى بشدة لتعزيز وجودها في سوريا أو لإجلاء معدات ثقيلة، فقد تحاول استخدام طريق البحر الأسود مجددا. ومع ذلك، فإن القيام بذلك سيعرضها لهجمات الطائرات البحرية المسيّرة الأوكرانية.

في العموم، إذا ظلت طرطوس تحت السيطرة الروسية فمن المرجح أن يتم استخدامها لأي تعزيزات روسية ثقيلة. وإذا تخلت روسيا عن طرطوس، فسيكون لذلك آثار جيوسياسية يصعب التنبؤ بها.

وتأتي هذه الخطوة غير المتوقعة بعد عدة أيام من الهجوم “المباغت” من قبل فصائل “المعارضة السورية” وعلى رأسهم “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا) ضد الحكومة السورية، والسيطرة على كامل مدينة حلب ومناطق في ريفي إدلب وحماة.

ولذلك، فإن هذا التغيير المفاجئ في خريطة سوريا يجعل الوضع مربكا إقليميا، خاصة بعد أن قامت حليفة دمشق، روسيا، غض الطرف عن الهجوم في حلب ووصول فصائل “المعارضة السورية” المدعومة من أنقرة. وعليه عاود الوضع في سوريا إلى دائرة دائرة التجاذب بين القوى الإقليمية والدولية، حيث تتسارع التصريحات التي تفصح عن محاولات عديدة لبدء جولة من المفاوضات وإعادة ترسيم حدود النفوذ والمصالح.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة