تتالت أنباء بمغادرة سفن عسكرية روسية من قاعدتها البحرية في ميناء طرطوس بالساحل السوري، وهو ما يتزامن مع تقدم فصائل “المعارضة السورية” المدعومة من تركيا ضد قوات الجيش السوري.

وبعد أن رجح موقع “نافال نيوز” المهتم بقضايا الدفاع البحري إلى أن التحول الدراماتيكي في الخطوط الأمامية في سوريا يعرض الآن القاعدة البحرية الروسية في طرطوس السورية للخطر، وأن ثمة “دلائل تشير إلى أن روسيا ربما تقوم بإخلاء سفنها البحرية من ميناء طرطوس”، كشفت صور الأقمار الصناعية عن سحب روسيا لكامل أسطولها من القاعدة البحرية بميناء طرطوس “في خطوة قد تشير إلى أن موسكو لا تنوي إرسال تعزيزات كبيرة لدعم الرئيس السوري، بشار الأسد”، بحسب ما أفاد به “معهد دراسات الحرب” (Institute for the Study of War).

روسيا تغادر ميناء طرطوس!

وفي حين لم تؤكد صحة هذه المعلومات مصادر رسمية، أظهرت الصور التي التقطت، في الثالث من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، إخلاء روسيا لثلاث فرقاطات حربية وغواصة وسفينتين مساعدتين من القاعدة البحرية، وهو مجموع ما تمتلكه موسكو في قاعدتها البحرية في طرطوس، طبقا لـ”معهد دراسات الحرب” (ISW) ومقره واشنطن.

ولفت “معهد دراسات الحرب” إلى أمر لافت، وهو أن “روسيا لا تستطيع إعادة نشر هذه السفن إلى موانئها في البحر الأسود، بسبب التزام تركيا باتفاقية (مونترو) التي تمنع عبور السفن الحربية الروسية عبر المضائق التركية”. 

وعليه، من المرجح أن تعيد روسيا نشر هذه السفن في قواعدها بشمال غربي روسيا ومقاطعة كالينينغراد.

من ناحية أخرى، أشار تقرير المعهد المطول إلى أن المديرية العامة للاستخبارات العسكرية الأوكرانية قالت إن موسكو نشرت قوات من “فيلق إفريقيا” في سوريا في 3 كانون الأول/ ديسمبر، وهي القوات التي أنشأتها لتحل محل مجموعة “فاغنر” على القارة الإفريقية بعد مقتل مؤسسها يفغيني بريغوجين.

في الوقت عينه، لم يؤكد المعهد ما إذا كانت هذه القوات قد تم نشرها أم لا، لمنه لفت إلى أنه إذا كانت هذه التقارير دقيقة، فإنها تعني أن “القيادة العسكرية الروسية تتجنب إعادة انتشار القوات العسكرية الروسية النظامية من مسرح عملياتها ذي الأولوية في أوكرانيا إلى سوريا”.

ويقول المعهد إن الإخلاء الروسي لطرطوس والتقارير عن نشر هذه القوات، يشير إلى قلق موسكو من أن فصائل “المعارضة السورية” قد تتقدم جنوبا نحو حماة (على بعد حوالي 80 كيلومترا شمال شرق طرطوس) وتهدد قاعدتها البحرية في طرطوس.

21 قاعدة روسية بسوريا

تعتبر قاعدة البحرية الروسية في طرطوس حاسمة لدعم الرئيس السوري بشار الأسد وطموحاته على المسرح العالمي.

وبالعودة إلى تقرير موقع “نافال نيوز“، فإنه أضاف أن “القاعدة البحرية الروسية في طرطوس تتعرض لتهديد وشيك مع تحول الحرب الأهلية ضد نظام بشار الأسد. ومع اقتراب الخطوط الأمامية، بدأت روسيا بالفعل في اتخاذ الاحتياطات اللازمة”.

وأشار موقع “نافال نيوز” إلى أنه لوحظ أن إحدى هذه السفن وهي السفينة المساعدة “يلنيا” غادرت طرطوس صباح 2 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، مع معلومات تشير إلى أن بعض أو كل السفن الأخرى غادرت أيضا.

على الرغم من أن حركة السفن هذه غير مؤكدة، فمن المرجح أن تكون مرتبطة بشكل مباشر بالوضع الحالي على الأرض، إذ سيطرة فصائل “المعارضة السورية” المدعومة من تركيا على ثاني أكبر المدن بسوريا، حلب، فضلا عن مناطق أخرى في ريف إدلب ومدينة حماة.

وفي هذا الصدد، لفت المحلل البحري دروكسفورد ماريتايم على منصتي “ X” و”Bluesky” إلى أن “هناك احتمال واقعي أن يكون الرحيل مرتبطا بتدهور الوضع في سوريا. (يلنيا) هي سفينة من طراز Project 160 Altay، وهي من الأصول القيمة والمهمة للحفاظ على القوة الروسية في البحر الأبيض المتوسط. وتشير المعلومات إلى أن الغواصة والفرقاطات وسفينة مساعدة أخرى أبحرت أيضا من طرطوس”.

في العموم، إذا ظلت طرطوس تحت السيطرة الروسية فمن المرجح أن يتم استخدامها لأي تعزيزات روسية ثقيلة. وإذا تخلت روسيا عن طرطوس، فسيكون لذلك آثار جيوسياسية يصعب التنبؤ بها.

تبحر سفينة الصواريخ البحرية الروسية “فيليكي أوستيوغ” من المنشأة البحرية الروسية في طرطوس، سوريا، للقيام بدورية في شرق البحر الأبيض المتوسط، الخميس 26 سبتمبر 2019. (صورة AP / ألكسندر زيمليانيتشينكو)

تمتلك روسيا 21 قاعدة و93 نقطة عسكرية في سوريا، بحسب مركز “جسور” للدراسات، الذي أشار إلى أن روسيا أنشأت قاعدة حميميم لتكون أول قاعدة جوية روسية دائمة في الشرق الأوسط والقاعدة الجوية الدائمة الوحيدة خارج الاتحاد السوفياتي السابق.

في ضوء ذلك، يمكن القول إن هذا التغيير المفاجئ في خريطة سوريا منذ أيام معدودة يجعل الوضع مربكا إقليميا، خاصة بعد أن قامت حليفة دمشق، روسيا، غض الطرف عن الهجوم في حلب ووصول فصائل “المعارضة السورية” المدعومة من أنقرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة