يومًا بعد يوم يشهد الاقتصاد السوري الذي يقف أمام منعطف تاريخي يعج بالتحديات والفرص، تطورات جديدة تعكس مساعي الإدارة السورية الجديدة لمحاولة استعادة التوازن الاقتصادي بالبلاد، بعد أن عانى لسنوات من الدمار.

في هذا الإطار أعلن رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية في سوريا، عبد الرزاق قاسم، جاهزية البورصة من الناحية الفنية للعودة إلى العمل، متوقعًا عودة سوق دمشق للأسواق المالية للتداول خلال أسبوع مع عودة القطاع المصرفي.

ونقل موقع CNBC عربية، عن قاسم تأكيده بأن العقوبات الغربية أثرت على آلية عمل القطاع المصرفي والتمويل للمستوردات، وأن معظم المصارف وبسبب العقوبات غير قادرة على تمويل  التجارة الخارجية السورية.

نظرة متفائلة

أوضح رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية في سوريا، خلال حديثه، أن العقوبات دفعت معظم الشركاء الاستراتيجيين بالبنوك خلال المرحلة الماضية نحو الامتناع عن المشاركة الفعالة خوفا من تطبيقها عليهم، متوقعًا عودتهم للمساهمة بشكل فعال في إدارة المصارف وتمويل المستوردات وتعزيز أداء القطاع مستقيلا وتمويل عملية إعادة الإعمار.

وزارة المالية السورية- بعدسة “الحل نت”

ويسيطر قطاع البنوك على 86% من إجمالي الأسهم، عبر 15 بنك (11 بنك تقليدي و4 بنوك إسلامية)، يليه قطاع التأمين من خلال 6 شركات مدرجة.

فيما بلغ عدد المستثمرين القابلين للتداول 23,130 مستثمر حتى نهاية نوفمبر 2024، معظمهم من الجنسية السورية وبعض الأجانب من البلاد التي أبقت العلاقات مع سوريا، في حين أن عدد حسابات التداول المفتوحة لدى السوق حتى نهاية نوفمبر 2024 زاد عن 30 ألف.

إدراج شركات القطاع العام

وقال، إن سوق دمشق يعد إحدى القنوات المهمة لخصخصة شركات القطاع العام، وستلعب دورا مهما بطرح جزء من الشركات للاكتتاب العام وإدراجها، موضحًا أن إدراج شركات القطاع العام سيزيد من عدد الشركات المدرجة وأداء السوق.

لدى البورصة فكرة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة عبر إنشاء منصة للتمويل الجماعي، وعملت على تعديل تشريعي قانوني بشكل يتيح الترخيص للشركات التمويل الجماعي، وفقًا لرئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية في سوريا.

وأفاد قاسم بأن البورصة تخطط لإنشاء سوق ثانوي خارج إطار سوق دمشق للأوراق المالية OTC لإدراج أسهم الشركات المتوسطة والصغيرة، كما تم إصدار وإدراج مجموعة سندات في المرحلة الماضية لكن التداول عليها معدوم بسبب أن عملتها هي الليرة ومعدل الفائدة متدني مقارنة بمعدلات التضخم.

إطلاق صكوك إسلامية

وأشار رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية في سوريا، عبد الرزاق قاسم، إلى أن المصارف الحكومية فقط هي من كانت تكتتب في السندات، وأن الهيئة جاهزة لإطلاق صكوك إسلامية وسندات، موضحًا أنها انتهت من قانون للصكوك الإسلامية وتنتظر موافقة الحكومة لإقراره، كما توقع اصدارات من السندات والصكوك مستقبلا بالعملات الأجنبية لتمويل العجز.

وتشهد سوريا معدلات تضخم مرتفعة، وعلى الرغم من ذلك فإن العوائد المحققة في السوق فاقت في الأعوام 2017 و 2018 معدلات التضخم واستطاعت في العامين 2021 و 2022 مجاراتها.

من داخل مقر وزارة وزارة المالية- بعدسة “الحل

وتراجعت القيمة السوقية للسوق من 2.6 مليار دولار في مارس 2020 إلى حوالي 680 مليون دولار في يوليو 2021، نتيجة انهيار سعر صرف الليرة السورية الرسمي من 434 ليرة سورية للدولار إلى 2,500 ليرة سورية للدولار بين الفترتين.

وتخطت قيمة التداول خلال العام 2023 ال30.3 مليون دولار، منخفضة  بنحو 85% من عام 2010 حين قاربت الـ200 مليون دولار.

وتستحوذ 5 شركات مدرجة على أكثر من 50% من القيمة السوقية الإجمالية لسوق دمشق للأوراق المالية، وفق آخر الأرقام الرسمية الصادرة عن نهاية العام 2023.

دفعة قوية للاقتصاد

في هذا الصدد يعلق رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، في تصريح خاص لموقع “الحل نت” مؤكدًا أن عودة سوق دمشق للأوراق المالية للتداول من شأنه أن يعطي دفعة قوية للاقتصاد السوري الذي يواجه تحديات كبرى.

وبيّن يرق خلال تصريحه أن وجود قطاع مصرفي وسوق أوراق مالية جيد، من شأنه أن يساعد على تنشيط جميع القطاعات الاقتصادية بالبلاد، موضحًا أن جميع المعاملات الاقتصادية تمر من خلال هذا القطاع المصرفي.

 وأضاف أن وجود سوق أوراق مالية ذو شفافية ونشط بإمكانه أن يوفر اقتصادًا نشطًا لديه القدرة على جذب

 وأضاف أن وجود سوق أوراق مالية ذو شفافية ونشط بإمكانه أن يوفر اقتصادًا نشطًا لديه القدرة على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، خاصة وأنه يوفر مصداقية بشأن الوضع الاقتصادي بالبلاد.

تحديات اقتصادية

وقال رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، إن سوريا عانت خلال حرب مطولة استمرت أكثر من عقد، أنهكت اقتصادها، مشيرًا إلى أن النظام الجديد يواجه الكثير من التحديات الاقتصادية الكبيرة ما بين العزلة الدولية ودمار البنية التحتية.

بحسب بعض التقديرات، تتطلب إعادة البناء مئات المليارات من الدولارات، فحتى يناير 2022، قُدِّرَ إجمالي الأضرار في عدد من المدن والقطاعات السورية التي تم تقييمها (البنية التحتية الرئيسية، والقطاعات الاجتماعية، والبيئة والمؤسسات العامة) بما يتراوح من 8.7 إلى 11.4 مليار دولار.

شكلت قطاعات البنية التحتية المادية 68 بالمئة من الأضرار أو ما يتراوح من 5.80 إلى 7.8 مليارات دولار.

وذكر يرق، أن الإدارة السورية الجديدة عليها أن تبدأ ببناء الاقتصاد الذي وصف حالته بالضعيفة، من خلال إعادة الإعمار، عبر الاعتماد على الدعم الخارجي والمساعدات العربية والدولية، مؤكدًا أن هذا هو الحل الوحيد للعبور من هذه المرحلة.

التقارب الدولي

وأكد أن تقارب النظام السوري الجديد مع الدول المختلفة سواء كانت العربية منها أو الغربية، سيكون له تأثيرًا ملموسًا على الاقتصاد السوري خاصة في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها، مشيرًا إلى أن سوريا لديها ثروة من الموارد الأولية والطبيعية التي يمكن استغلالها بعد مرحلة الإنهاك لكنها تحتاج إلى وقت طويل لالتقاط الأنفاس.

جدير بالذكر أن “سوق دمشق للأوراق المالية” والتي مقرها دمشق تأسست في عام 2006.

ويتداول في السوق الشركات المساهمة السورية، وسندات الدين التي تصدرها تلك الشركات، إضافة إلى سندات الخزينة الصادرة عن الحكومة السورية، والوحدات الاستثمارية السورية الصادرة عن صناديق وشركات الاستثمار، إضافة إلى أي أوراق مالية أخرى يتم اعتمادها من قبل مجلس مفوضي هيئة الأوراق المالية والسوق المالية السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات