بعد الإطاحة بالنظام السوري السابق، يجري الحديث عن إعادة بناء سوريا، بعد أن دمرتها آلة الحرب، التي شاركت فيها روسيا وإيران، لدعم حليفهم بشار الأسد، الذي هرب إلى موسكو مع عائلته، محملا بأطنان الذهب ومئات ملايين الدولارات.

إذ إن الحديث عن عملية إعادة الإعمار يتطلب دعماً دولياً، بينما تعتبر هذه العملية حاجة ملحة في المرحلة الحالية، نظراً لتهالك البنية التحتية ودمارها، ناهيك عن الحاجة إلى تأمين السكن للسوريين، الذي دُمرت بيوتهم.

يأتي ذلك بينما يجري ربط البدء بإعادة الإعمار بتحقيق السلطة الجديدة في دمشق للانتقال السياسي في البلاد وترجمة الأقوال إلى أفعال وضمان الحريات العامة والحقوق للسوريين.

إعادة الإعمار مشروط

المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، عن خطط أممية لدعم إعادة الإعمار في سوريا بالتعاون مع الإدارة الجديدة في دمشق، معرباً عن تفاؤله بشأن إعادة الإعمار شريطة نجاح الانتقال السياسي في البلاد.

مسؤولون أمميون يلتقون في دمشق القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع – انترنت

وشدد على ضرورة أن تكون الفترة الانتقالية آمنة ومبنية على توافق بين السوريين بمختلف طوائفهم وانتماءاتهم.

عبد المولى أشار إلى وجود مقترحات دولية، بينها دعوة دول مجلس التعاون الخليجي لعقد مؤتمر دولي للمانحين في الربيع المقبل، بهدف جمع موارد لدعم إعادة الإعمار.

وقال إن الأمم المتحدة تتشاور مع الإدارة السورية الجديدة لإعداد المشاريع التنموية اللازمة، بما يشمل تقدير كلفتها لعرضها في المؤتمر، كاشفاً عن تجهيز الأمم المتحدة برنامجاً تنموياً متكاملاً لتحسين البنى التحتية والخدمات الأساسية، بما فيها الكهرباء والصحة والزراعة والري، لدعم الاقتصاد السوري.

وأكد المسؤول الأممي أن الخطة الأممية “استراتيجية التعافي المبكر”، التي أطلقت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ما تزال قائمة رغم عدم تسجيل صندوقها المالي في نيويورك حتى الآن، موضحاً أن الصندوق المقترح سيخصص لإعادة الإعمار بمجرد انطلاق هذه الجهود.

دعوة لرفع العقوبات

فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على سوريا، دعا عبد المولى إلى رفع القيود التي تضر بالشعب السوري، بينما أشار إلى نتائج اجتماع الرياض الذي أوضح وجود نية دولية جادة للتخفيف من العقوبات أو رفعها.

المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى - انترنت
المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى – انترنت

وأشار إلى الخطوة الأميركية بتعليق بعض العقوبات لـ 6 أشهر، متوقعاً أن يناقش الاتحاد الأوروبي نهاية الشهر الجاري رفع العقوبات جزئياً أو كلياً لدعم الاقتصاد السوري وتسهيل الوصول إلى المساعدات.

عبد المولى لفت إلى تعقيد رفع العقوبات المفروضة بموجب قوانين، مثل “قانون قيصر”، الذي يتطلب تعديلات تشريعية، إلا أنه أكد مع ذلك أهمية تخفيف آثار هذه العقوبات والعمل على تبني تشريعات تلغيها بالكامل لدعم جهود إعادة الإعمار.

وكشفت وثيقة غير رسمية لمجلس الاتحاد الأوروبي عن مناقشات بين دول التكتل لوضع أسس وجدول زمني لرفع واسع النطاق للعقوبات على سوريا، بينما من المقرر أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا خلال اجتماع في بروكسل يوم 27 كانون الثاني/يناير الجاري. 

وقالت الوثيقة التي وقّعتها ألمانيا وفرنسا وهولندا وإسبانيا وفنلندا والدنمارك، إن الاتحاد الأوروبي “يتعين عليه البدء في تعديل نظام العقوبات بشكل فوري”. 

العمل على التنمية

الأمم المتحدة استأنفت نشاطها التنموي في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد، حيث أعلنت عودة العمل على التنمية بعد تعطيل استمر منذ عام 2012، وفق عبد المولى.

وأكد أن الأمم المتحدة تسعى لدعم جميع المناطق الجغرافية، بغض النظر عن الجهة السياسية المسيطرة، مع التركيز على توفير المساعدات الإنسانية لكل السوريين.

البعثة الأممية ترى أن رفع العقوبات سيعزز قدرة سوريا على الحصول على قروض ومنح من الصناديق الدولية والبنك الدولي، ما يسرّع جهود إعادة الإعمار ويدعم الاقتصاد المحلي، بحسب عبد المولى.

وشدد المنسق المقيم للأمم المتحدة على التزام المنظمة الدولية بخدمة الشعب السوري بعيداً عن الأجندات السياسية، مشيراً إلى أن الجهود مستمرة لتوفير بيئة آمنة تمكن السوريين من استعادة حياتهم واستقرارهم الاقتصادي والاجتماعي.

يأتي ذلك بينما أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، خلال زيارته إلى العاصمة دمشق، أن 90 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر. إذ شدد على أن رفع العقوبات المفروضة على سوريا بات ضرورة ملحة لتخفيف معاناة السكان وتحسين الأوضاع الاقتصادية المتدهورة.

وقال المفوض الأممي خلال مؤتمر صحفي، أمس الأربعاء، بعد لقائه مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، إن المهمة الأساسية اليوم في سوريا هي إنقاذ الأرواح. بينما أكد على أهمية رفع العقوبات والعمل الجاد لتحقيق ذلك من أجل تلبية احتياجات الشعب السوري.

وأضاف أن مكتب الأمم المتحدة سيدعم عملية سياسية شاملة تضم جميع السوريين، مع ضرورة إعادة تأهيل قطاعات التعليم والصحة والإيواء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة