في خطوة تهدف إلى معالجة الوضع الاقتصادي المتدهور في سوريا، أعلنت “الإدارة السورية الجديدة”، من خلال وزير خارجيتها أسعد الشيباني، اعتزامها خصخصة القطاع الحكومي وفي المقدمة الموانئ والمصانع المملوكة للدولة.
وأضاف الشيباني خلال مقابلة مع صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أن “الإدارة السورية” تعتزم أيضًا دعوة الاستثمار الأجنبي، وتعزيز التجارة الدولية، في إطار إصلاح اقتصادي يهدف إلى إنهاء عقود من الزمن في سوريا “كدولة منبوذة”.
التنمية الاقتصادية
تسعى “الإدارة السورية” الحالية إلى جذب بعض رؤوس الأموال إلى اقتصاد البلاد المدمّر بشكل شبه كامل، وبناء الاقتصاد من جديد، فبحسب الشيباني “رؤية رئيس النظام المخلوع، بشار الأسد، كانت تتلخص في دولة أمنية، أما رؤيتنا فهي التنمية الاقتصادية”.

وأضاف أنه “لابد من وجود قانون ورسائل واضحة لفتح الطريق أمام المستثمرين الأجانب، وتشجيع المستثمرين السوريين على العودة إلى سوريا”.
وأشار الشيباني إلى أن هناك تحديات هائلة، سوف تستغرق سنوات لمعالجتها، موضحاً أن “الحكومة الجديدة” تعمل على تشكيل لجنة لدراسة الوضع الاقتصادي والبنية الأساسية في سوريا، وستركز على جهود الخصخصة، بما في ذلك مصانع الزيوت والقطن والأثاث.
فساد حكومي
في السياق قال الخبير الاقتصادي، ماجد المصطفى، خلال حديث خاص لـ “الحل نت”، إن شركات القطاع العام في سوريا مجملا تعاني خسائر كبيرة وتهلهل إداري وكوادر بشرية فائضة عن حاجة هذه الشركات، ذلك نتيجة الفساد الحكومي ابتداء من رأس الهرم في الدولة بشار الأسد الذي كان كلّ همّه توظيف أبناء طائفته وكسب الولاءات لإطالة أمد حكمه.
“الإدارة السورية الجديدة” خلال فترة الخمسين يوما الماضية قضتها في دراسة وتقييم جميع المديريات والمنشآت والشركات التابعة والمملوكة للدولة، وتم الكشف عن وجود كوادر بشرية تم توظيفها دون حاجة هذه المنشآت لها، ما يتوجب إعادة دراسة أوضاعهم، خاصة وأنهم يقتطعون من الرواتب الحكومية.
الخبير الاقتصادي، ماجد المصطفى
وكشف أن هؤلاء وصلت نسبتهم إلى أكثر من 400% من حجم الاحتياج الفعلي للكوادر البشرية لكل منشأة، عدا عن الفساد المالي والوظيفي والترهّل في أداء الأعمال وعدم كفاءة أغلب الموظفين في تنفيذ أعمالهم مما يشكل عبئا كبيرا على خزينة الدولة والاقتصاد العام والشفافية في حجم البطالة في الدولة.
معالجة الوضع العام
أوضح الخبير الاقتصادي، أن ذلك الفساد استدعى قيام “الإدارة السورية” بالبحث عن حلول لمعالجة الوضع العام للشركات، مؤكدًا أن أحد أهم هذه الحلول؛ الخصخصة الكلية أو الجزئية بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وذكر أن آليات تطبيق عملية الخصخصة تحتاج إلى قوانين ناظمة وتحديد من هم المستثمرون المستهدفون فيها، سواء كانوا مستثمرين ورجال أعمال من الداخل السوري، وهذا سيعود على خزينة الدولة بالليرة السورية وسحب النقد من الأسواق وتعزيز كمية الليرة في الأسواق وتعزيز سعرها.
وأضاف أيضًا أن هناك مستثمرين أجانب ودوليين، ودورهم سيكون تعزيز خزينة الدولة وزيادة الاحتياطات النقدية من العملات الصعبة، ما يمكّنها من إعادة شراء الليرة وزيادة العملات في الأسواق بالضخ المباشر، كما يعزز أيضا قيمة الليرة، مؤكدًا أن الشركات والمستثمرين المستقطبين سيمدون الدولة بخبرات وكفاءات وابتكارات جديدة تضيف قيمة مضافة لها.
استراتيجية الخصخصة
بيّن الخبير الاقتصادي أن الشراكة مع المستثمرين تحتاج إلى دراسة مستفيضة لتحديد الدور الحكومي لأداء تلك الشركات، كدور رقابي وتشريعي وتطبيق الحوكمة فيها مع الإدارة للقطاع الخاص لتحفيز الشركات وزيادة الأعمال لتحقيق أرباح بدلا من الخسائر، إضافة إلى تحقيق نتائج وأداء أفضل يعزز خزينة الدولة، خاصة للشركات التي تدير أعمال منتجات سيادية للدولة مثل النفط والفوسفات.
بالنسبة للتأثيرات المباشرة وغير المباشرة لعملية الخصخصة، أشار الخبير الاقتصادي إلى أنها تتمثل في تخفيف الأعباء المالية على خزينة الدول، من خلال تحسين الكفاءة الاقتصادية والتشغيلية للشركات، خاصة وأن القطاع الخاص لديه كفاءات إدارية تحسّن من أداء الشركات وتحويلها من الخسائر إلى الربحية.
وأكد أن الخصخصة من شأنها أن تؤدي إلى زيادة معدلات البطالة بشكل مباشر نتيجة لتخلص الشركات من الكوادر والعمالة البشرية الزائدة، لكن من جانب آخر سيكون للكفاءات والخبرات دور أكبر في أداء الشركات وزيادة الاهتمام في الوعي الوظيفي وتحسين الأداء بشكل عام.
واختتم حديثه قائلًا إن تطبيق الخصخصة يحتاج إلى إعداد لجانٍ قانونية وإدارية وسياسية واجتماعية تضع دراسات، بحيث تضمن الدولة أن تلك العملية ستحقق نتائج إيجابية في جميع المحاور، وستضخ عوائد مالية كما هو مأمول.
القطاع الحكومي يتكبد خسائر بقيمة 70%
يُشار إلى أن رئيس “حكومة تصريف الأعمال” في سوريا، محمد البشير، أكد أن التحسن الحقيقي للواقع الاقتصادي يحتاج إلى خطة تنموية، وانفتاح العالم على سوريا بشكل حقيقي، وأن الإدارة الجديدة سوف تتجه إلى الخصخصة والسوق المفتوح.

أما وزير مالية “الحكومة الانتقالية” في سوريا، محمد أبازيد، كان قد أشار إلى أن أكثر من 70% من شركات القطاع العام ذات الطابع الاقتصادي “خاسرة”، رغم أنها تقدم خدمات حصرية للدولة، منها على سبيل المثال شركة الكهرباء وشركات معامل الدفاع.
وأشار إلى أن الحكومة تعمل على إصدار قوانين استثمار لجذب الاستثمارات الأجنبية إلى سوريا، وهو ما يعكس التوجه الاقتصادي للحكومة الجديدة، وخطواتها في الاتجاه المعاكس لما كان عليه النموذج الاشتراكي الذي اعتمده النظام السابق.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

وعود حكومية بلا تنفيذ.. هل توقفت بوادر حلول الأزمات السورية؟

وزير النقل السوري يتحدث عن آليات جديدة لتسعير السيارات.. ماذا قال؟

وزير الداخلية السوري: التعاون مع روسيا يخدم دمشق

وزارة الداخلية دفعت محمد الشعار إلى تسليم نفسه.. ماذا قالت؟

وثّقَ تعذيب السوريين بسجون الأسد.. تفاصيل جديدة عن “قيصر”

واشنطن تتحدث عن سحب قواتها من سوريا.. و”قسد” تؤكد عدم تلقيها خططا رسمية
المزيد من مقالات حول اقتصاد

بريطانيا تعتزم تعديل نظام العقوبات المفروضة على سوريا.. ما شرطها الوحيد؟

ما تفاصيل لجنة “الشرع” لاستهداف رجال الأعمال الموالين للأسد؟

حماية المستهلك يراهن على “السوق الحر” ويؤكد: انخفاض قريب بالأسعار

اللاجئون السوريون.. ما هي أصعب التحديات التي تقف عقبة أمام عودتهم؟

بعد أزمة فصل الموظفين.. القطاع العام السوري نحو تقليص العدد أم إعادة الهيكلة؟

انعكاسات محتملة.. ما مردود قرار تركيا رفع القيود عن الواردات السورية؟

رغم رفع جزء من العقوبات.. لماذا تفشل الإدارة السورية في جذب استثمارات جديدة؟
