في ضوء زيارة الوفد الروسي إلى العاصمة  دمشق، قبل نحو يومين، والتي كانت الأولى منذ سقوط نظام بشار الأسد، سادت حالة من الغضب والجدل في الأوساط السورية، وبناء عليه، أجرى موقع “الحل نت” استطلاعا للرأي داخل سوريا، أبدى فيه السوريون رفضهم لإعادة العلاقات مع روسيا.

وطرح مراسل “الحل نت“، سؤالا مفاده، (ما رأيك بزيارة الوفد الروسي لدمشق، ودعوتهم لوزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني لزيارة موسكو؟).

وتمحورت مجمل الآراء حول أن روسيا هي من دعمت النظام السوري البائد، ولولاها لسقط نظام “آل الأسد” منذ ما يقرب من عشر سنوات. وبذلك أكدوا رفضهم إعادة العلاقات مع موسكو التي دمرت مناطق واسعة من سوريا وقتلت الآلاف وشردت الآلاف في المخيمات، إضافة إلى أنها ساعدت الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على الفرار ومنحته حق اللجوء.

رفض إعادة العلاقات مع روسيا

وقال أحد المدنيين في استطلاع الرأي الذي أجراه “الحل نت”: “نحن نرفض رفضا تاما. هذا الشيء إذا كان فيه أي مفاوضات أو مبادرة للصلح. نحن عانينا ما عانينا من بطش النظام بمساندة دولة مجرمة مثل روسيا. تعد روسيا دولة مجرمة، أجرمت بحق السوريين كثير كثير. نحن لآخر لحظة من سقوط النظام عانينا وكانت إدلب تقصف. يعني نحن ليش رح نتصالح مع الروس؟ لحتى نضيع دم شهدائنا؟ لنعمر منازلنا من جديد منتصالح مثلا؟ نحن لحد الآن ما ظل عندنا بنى تحتية. يعني كثير ناس لهلأ بالمخيمات. نحن اليوم هدول أهلنا على أشو بدون يتصالحوا؟ على أنه الروس هدم بيوتهم ولا على قتل ولادون”.

فيما قال آخر لـ”الحل نت”: “طبعا هذا الحكي مرفوض كليا، روسيا ارتكبت مجازر وقصفت السوريين لسنوات. وكانت بتساوي كل مجزرة أكبر من الثانية. الروس وقفوا مع النظام السوري البائد لآخر لحظة، بالوقت يلي كانوا الفصائل عم يحرروا حلب، هنن كانوا عم يقصفونا في إدلب”. 

كذلك، شارك مواطنين آخرين في استطلاع “الحل نت”، بقولهم: “إن وجود روسيا في سوريا غير مقبول به بالمطلق.. وإذا دخلوا سوريا سيثور عليهم كل الشعب”، معزين ذلك بالقول: “الروس قتلوا نصف الشعب السوري، ودعموا نظام الأسد حتى دمروا بيوتنا وقتلونا، فعلى أي أساس نتصالح مع الروس المجرمين؟”.

“سياسة تتطلب التنازلات”

ورغم الرفض الواسع من قبل الشارع السوري لإعادة العلاقات مع روسيا، إلا أن هناك آراء تقول إن روسيا من الدول الكبرى، ومن مصلحة سوريا عدم مقاطعتها بشكل كامل، لكن يجب أن يتم ذلك بعد أن تقدم موسكو تعويضات للشعب السوري ومن ثم إقامة العلاقات السياسية، وأن تكون على أساس المصلحة السورية.

فقالت إحدى المواطنات السوريات المشاركات في الاستطلاع لـ”الحل نت”: “إذا بدنا نحكي عن التقارب الروسي-السوري فهو تقارب بشقين. الشق العاطفي يلي فينا نحكي عن موضوع إنو الشعب وتعويض الشعب الناس اللي فقدت، الناس اللي فقدت بيوتها، الناس اللي فقدت أحبابها، واللي نهجرت وعانت من معاناة التهجير والتشريد. فهاي أكيد محتاجة كتير تعويض للضرر يلي حصلون”.

وتابعت في حديثها: “إذا بدنا نحكي من الجانب السياسي فروسيا أكيد دولة عظمى ونحن أكيد ما رح نعادي دولة عظمى ولكن رح يكون بشرط أن المبادئ والمصالح السورية هي الأهم وهي بالمقدمة مبدئيا”.

كذلك، شارك أحد المواطنين السوريين لـ”الحل نت” برأيه، فقال: “سياسيا، العلاقة مع موسكو، جيدة، لأنها دولة عظمى في النهاية. لا يمكن إلغاؤها من المجتمع الدولي أو من من العلاقات السياسية أو العسكرية في المستقبل. ولكن قبل أي تفاوض بين سوريا وروسيا بالمصالح المستقبلية، يجب أن تعتذر روسيا من شعب السوري وتعترف بمشاركتها في ارتكاب جرائم ضد الشعب السوري”.

السوريون يرفضون إعادة العلاقات مع روسيا- “إنترنت”

وقال مواطن سوري آخر لـ”الحل نت”، “أكيد بالسياسة دائما، لا يوجد صديق دائم، ولا يوجد عدو دائم. وبنفس الوقت، لا ننكر مشاركة روسيا بقتل السوريين وبتدمير الكثير من المدن السورية. ولكن، بحال قدمت روسيا مبادرات صريحة وواضحة وصادقة لإعادة إعمار سوريا ومساعدة السوريين على النهضة بالبلد ومع تقديم هذا الشيء على أرض الواقع، فممكن نحاول كإدارة سوريا جديدة نتقارب مع الحكومة الروسية. بالإضافة أيضا لتسليم رؤوس النظام السابق، وأولهم بشار الأسد ومعاوينيه، مع سحب كافة كافة القواعد والقوى الروسية الموجودة بسوريا، كونها ما زالت تعتبر قوى احتلال”.

مطالب السوريين مقابل العلاقات مع روسيا

هذا وأثارت زيارة الوفد الروسي إلى دمشق واللقاء مع الرئيس الفعلي للإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، حالة من الغضب والجدل في أوساط الشارع السوري.

ورأت النسبة الأكبر من السوريين أن على روسيا أولا تلبية العديد من المطالب المحقة للسوريين، بما في ذلك تسليم الرئيس المخلوع بشار الأسد وتقديمه للمحاكمة، ومن ثم سيكون هناك مجال للحديث عن إقامة “علاقات طبيعية” مع موسكو.

بينما رأت مجموعة أخرى، وهي صغيرة بحسب متابعة “الحل نت“، أنه من أجل المصلحة السورية والمرحلة التي تمر بها البلاد، لا بد من إقامة علاقات مع دول تعتبر كبرى، كروسيا.

ليس ثمة شك، أن موسكو عمدت إلى تأزيم الوضع في سوريا، بل وعسكرة الصراع الذي تسبب في إطالة أمد الصراع، فضلا عن تدمير العديد من المدن والمناطق السورية، بغية إنقاذ نظام الأسد المخلوع.

إضافة إلى توقيع شراكات اقتصادية استراتيجية مع النظام السوري البائد، ولعل أبرزها إدارة ميناء طرطوس من قبل شركة روسية لمدة 49 عاما، في عام 2019. واللافت أن هناك بندا في الاتفاقية وينص على تجديد الاتفاق تلقائيا لمدة 25 عاما، ما لم يعترض أحد الطرفين. وهو ما اعتبره السوريون نهبا لثرواتهم. ويرون أنه من الأفضل أن يتم استثمار المرفأ من قبل الدولة السورية، أو بالتعاون مع شركات أجنبية.

وعليه، توالت الردود الغاضبة على زيارة نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، للعاصمة دمشق، يوم الثلاثاء الفائت.

لقاء أحمد الشرع مع الفود الروسي في العاصمة دمشق- “إنترنت”

ويسعى الحكام الجدد في سوريا إلى إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول تقريبا، حيث سبق وأن صرح أحمد الشرع بأن “روسيا هي ثاني أقوى دولة في العالم ولها أهمية كبيرة”، ولا يريد أن تخرج روسيا بشكل لا يليق بعلاقتها مع سوريا.

لكن ثمة تساؤل ملح في ضوء ذلك، “هل سيقبل الشعب السوري أن تقيم سلطات بلاده علاقات طبيعية مع روسيا، من دون تحقيق مطالبهم المحقة؟ وفي الجوهر، هل يمكن أن تكوّن دمشق علاقة (صحية وسليمة)؟”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات