منذ الإطاحة بالنظام المخلوع، ينظر أهالي محافظة درعا إلى أن الإدارة السورية الجديدة تعمل على تهميش المحافظة ودورها، بدءا من لحظة إعادة فتح معبر نصيب – جابر مع الأردن، وصولا إلى التعيينات الأخيرة من أبناء المحافظة، والتي اقتصرت على مسؤولين محسوبين على “هيئة تحرير الشام” فقط. 

إذ اعتبر ناشطون تحدثوا لموقع “الحل نت“، أن سياسة التهميش باتت واضحة ومتعمّدة، وظهرت خلال “مؤتمر النصر” وفرض بعض التعيينات، بينما يتعرض أبناء المحافظة لمضايقات على الحواجز، خاصة على مدخل العاصمة دمشق.

تهميش متعمَّد؟

تعتبر محافظة درعا، جنوبي سوريا، مهد الثورة السورية، حيث انطلقت منها شرارة الثورة في الـ 18 آذار/مارس 2011، وسقط في ذات اليوم قتيلين وجرحى برصاص قوات النظام، في حين يرى ناشطون أن الإدارة السورية تعمل على تهميشها بعد سقوط الأسد، رغم دورها المحوري، إلى جانب المحافظات الأخرى.

وقال ناشط إعلامي من درعا، رفض الكشف عن هويته، إن الإدارة الجديدة واضحة بسياستها تجاه المحافظة، من حيث التهميش وفرض القرارات، إذ لم يتم توظيف عدد من أبناء المحافظة في معبر نصيب الحدودي مع الأردن بعد إعادة تشغيله، متسائلا حول سبب إقصائهم رغم أنهم من أبناء المنطقة وبينهم منشقون كانوا يعملون سابقا في المعبر. 

“الدعوات التي وُجهت لقادة فصال درعا لحضور مؤتمر النصر كانت خجولة واقتصرت على 6 قادة فقط، في حين تمت دعوة عصمت العبسي وألقى كلمة، رغم أنه لم يكن قائدا عسكريا في السابق، معتبرا أن هذا تهميشا متعمدا”، أضاف لـ “الحل نت”.

العبسي كان رئيس “دار العدل” في حوران قبل تهجيره إلى الشمال السوري في عام 2018، حيث عمل هناك في مجال التوجيه المعنوي لعناصر “الجيش الوطني”، بينما انتخب كرئيس لمجلس محافظة درعا في إدلب، في حين تم تعيينه مؤخرا كـ “مستشار في إدارة التوجيه المعنوي في الجيش السوري الجديد”. 

وأشار الناشط الإعلامي، إلى أن الحكومة تعمل على “صناعة” وظيفة أو شاغر لتعيين شخص معين وضمه، معتبرا أن ما وصفه بـ “الفوضى بالتعيينات” مقصودة.  

مضايقات على الحواجز

صباح اليوم الأربعاء، تعرض أمين عام نقابة إعلاميي درعا، عبد الله قطيفان، إلى مضايقات على أحد حواجز إدارة الأمن العام، أثناء توجهه بصحبة والده إلى دمشق لتلقي العلاج، إذ تم توجيه أسئلة له تتعلق بانتمائه لأحد الفصائل العسكرية بدرعا.

نشطاء إعلاميون من درعا بعد إعلان تأسيس نقابة إعلاميي درعا – انترنت

وقال قطيفان (المعروف بـ أبو الطيب)، إن عناصر الحاجز أوقفوه لنحو نصف ساعة وتأخر عن موعد المستشفى، رغم أنه تحدث عن وضع والده، لكن لم يستجيبوا لذلك، ووجهوا له سؤالا فيما إذا كان ينتمي لـ “اللواء الثامن”، الذي يقوده أحمد العودة، بدرعا. 

وأشار في حديث لـ “الحل نت”، إلى أنه كان هناك سلاح فردي في السيارة التي كان يستقلها، مؤكدا أن المشكلة ليست بوجوده وحمله، في ظل عدم استقرار الأمن في البلاد، وحمل الكثيرين للأسلحة الفردية لحماية أنفسهم، بينما تم إيقافه دون غيره، إذ أكد أن حمل السلاح الفردي لحماية نفسه من فلول النظام و”داعش”. 

واعتبر ناشطون من محافظة درعا، أن ما حصل مع قطيفان ليس الموقف الأول، مطالبين الإدارة الجديدة بإعادة النظر بالتعامل مع “مهد الثورة”، إذ قال أحمد رشيد أبازيد عبر “فيس بوك”: “حواجز تابعة للأمن العام توقف أبناء من محافظة درعا، وعملت على إهانتهم وتفتيش أغراضهم وحاجياتهم الخاصة، وسؤالهم اذا كانوا من جماعة احمد العودة او داعمين له!!!.. يبدو انكم لم تتعلموا من سابقكم!!”.

بينما اعتبر أيمن أبو نقطة، أن ما حصل مع قطيفان لا يتعلق بشخص بعينه، بل بأهل درعا عامة، مطالبا بمحاسبة المخطئ وتبيان سياسة التعامل مع الأهالي بشكل علني من قِبل المسؤولين. 

وعلم موقع “الحل نت” أن ما حصل من مضايقات من قبل عناصر الحاجز وصلت إلى مسؤولين في “حكومة تصريف الأعمال”، إذ يجري العمل على معالجتها، بينما يطالب ناشطو درعا بأن يتم محاسبتهم والاعتذار عما حصل. 

شمّاعة الاندماج

صحفي من درعا، رفض الحديث باسمه، يرى بأنه ليس هناك تهميش متعمَّد لمحافظة درعا، لكن يمكن وصف ما يحدث بأنه “بطء بالتعامل مع المحافظة ككل”. 

وأضاف لـ “الحل نت”، أن “الإدارة السورية حذرة ومتحفظة بالتعاطي مع درعا لأسباب “أولها فصائل الجنوب مثل الفيلق وغيره وأتوقع هاذ السبب زال”، مشيرا إلى أن خلفية “هيئة تحرير الشام” (الجبهة سابقا) لديهم تحفظ على فصائل الجنوب و”عندهم نوايا وأحكام مسبقة”.

يأتي ذلك في حين أثارت تصريحات وزير الدفاع في “حكومة تصريف الأعمال”، مرهف أبو قصرة، لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، جدلا حول رفض “اللواء الثامن” الانضمام تحت مظلة الوزارة، وهو ما نفاه اللواء لاحقا، بينما اجتمع قادة من اللواء اليوم الأربعاء مع أبو قصرة في مبنى الأركان العامة بدمشق. 

القيادي في “اللواء الثامن”، العقيد نسيم أبو عرة، أكد أنه تم توضيح الالتباس الذي حصل، إذ “قال وزير الدفاع لم يرد في تصريحه ما أُشيع على الإعلام وإن الصحيفة تواصلت معه وتم توضيح الموقف”. 

“بالنسبة للاندماج سيتم تقديم قوائم المقاتلين وخطة الانتشار والموقف القتالي خلال الاسبوع القادم. ولم يحصل أي تأخير، إنما كانت الأمور جيدة ولا يوجد أي اختلاف، إنما كان هناك توافق على متابعة الخطوات”، بحسب حديث أبو عرة لـ “الحل نت”.

وأضاف أنه سيتم تعيين الضباط والمقاتلين حسب الاختصاص، وتتم الترقية حسب المعايير المتبعة في وزارة الدفاع وأن الجميع سينال حقه. مؤكدا على وضع كل الإمكانيات تحت تصرف الوزارة و”نحن على جاهزية عالية لتنفيذ أي مهمة تبسط الاستقرار وتحقق الأمن لأهلنا”. 

عصمت العبسي، قال في لقاء متلفز إن هناك مطالب لدى بعض الفصائل كالدخول على أساس الكتل ضمن وزارة الدفاع، أو الحصول على امتيازات، لكنه رفض تسميتها بهدف عدم تأزيم المفاوضات، في حين أكد أن مطالب فصائل الجنوب هي ضمن السياق الطبيعي. 

وأكد في الوقت ذاته أن فصائل الجنوب لم تطلب الدخول تحت مظلة وزارة الدفاع ككتلة واحدة، لكن لديها تحفظات على كيفية إدارة الملف والتهميش، إذ يجري العمل على معالجتها. 

ونفى العبسي وجود تعيينات عسكرية من خارج درعا، مشيرا إلى أن قائد “فرقة درعا” بنيان الحريري وفريقه كاملا، من أبناء المحافظة.

وخلال “مؤتمر النصر” في 30 كانون ثاني/يناير الماضي، أُعلن الناطق باسم “إدارة العمليات العسكرية” في سوريا، حسن عبد الغني، عن جملة قرارات تضمنت حل جميع الفصائل العسكرية والأجسام السياسية الثورية والمدنية ودمجها في مؤسسات الدولة، وحل الجيش وإعادة بنائه على أسس وطنية، إضافة إلى حل جميع الأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد وحل جميع المليشيات التي أنشأها النظام.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات