رغم أنها لعبت دورا في دعم نظام الأسد خلال سنوات الثورة السورية، تسعى الصين إلى المضي قدما في علاقاتها مع الإدارة السورية الجديدة، بعد أن كانت حليفا للرئيس المخلوع، بشار الأسد، ودعمت نظامه، سياسيا واقتصاديا، بينما استخدمت حق النقض “الفيتو”، ضد قرارات أممية حول سوريا، إلى جانب روسيا.

وبعد مضي أزيد من شهرين على سقوط الأسد، التقى أول وفد صيني مع الإدارة السورية، للاطلاع على رؤية الإدارة الجديدة للبلاد.

أول اجتماع علني

أمس الجمعة، جرى أول لقاء رسمي علني بين الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، والسفير الصيني في دمشق شي هونغ وي، والوفد المرافق له، في قصر الشعب بالعاصمة السورية.

قائد الإدارة السياسية الجديدة في سوريا، أحمد الشرع (منتصف) ورئيس حكومة تصريف الأعمال، محمد البشير (يسار) ووزير الخارجية، أسعد الشيباني (يمين) – انترنت

وقالت الرئاسة السورية في بيان على حسابها بمنصة “إكس“، إن الشرع وبحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني، استقبل في قصر الشعب شي هونغ وي، سفير جمهورية الصين الشعبية لدى سوريا والوفد المرافق له.

بيان الرئاسة السورية لم يورد تفاصيل عن فحوى الاجتماع، لكنه يأتي ضمن سلسلة زيارات ولقاءات لمسؤولين إقليميين ودوليين، للاطلاع على رؤية الإدارة السورية الجديدة.

إضافة إلى ذلك، فإن بكين تسعى إلى إحياء العلاقات الصينية السورية، للحفاظ على مصالحها الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط، لذلك ستحاول بشتى الوسائل لكسب ود دمشق، عبر توظيف سياستها الناعمة في الدرجة الأولى، والتنازلات في الدرجة الثانية.

لكن ذلك لن يشفع دعمها لنظام الأسد على مدار 14 عاما من الثورة السورية، حيث قدمت الدعم الاقتصادي والسياسي، بينما استخدمت حق النقض في مجلس الأمن إلى جانب روسيا، ما ساهم في طول أمد بقاء الأسد في السلطة ووقوع آلاف الضحايا السوريين، ناهيك عن تدمير البلاد.

هذا اللقاء جاء بعد مؤتمر صحفي عقدته وزارة الخارجية الصينية الاثنين الماضي، أعرب خلاله المتحدث باسم الوزارة، قو جياكون، عن تحفظات الصين الشديدة بشأن اقتراح بعض الدول رفع العقوبات عن “هيئة تحرير الشام”.

جياكون أشار إلى وجود توافق دولي على أن الظروف الحالية لا تسمح برفع العقوبات التي تفرضها لجنة مجلس الأمن، وفقًا للقرار 1267، على بعض المنظمات السورية وأعضائها البارزين. 

كما أنه أعرب عن “تحفظات جدية” لدى الصين بشأن هذا الملف، داعيا الحكومة السورية إلى اتخاذ خطوات عملية لمعالجة مخاوف المجتمع الدولي، بما في ذلك الصين، فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.

مصالح بكين

لدى الصين مصالح استراتيجية في سوريا، تتمثل في الجانب الاقتصادي، إذ كانت تعتمد في السابق على حليفها الروسي، الذي كان يتمتع بنفوذ لدى دمشق قبل كانون أول/ديسمبر الماضي، لكن موسكو باتت اليوم أيضا تبحث عن الحفاظ على الحد الأدنى من وجودها في الساحل السوري.

السفارة الصينية في دمشق – أ ف ب

بالنسبة لبكين، فإن سوريا تعتبر حلقة مهمة في مبادرة “الحزام والطريق”، عبر الموانئ البحرية السورية، لضمان عملياتها التجارية، الأمر الذي يتطلب علاقات سياسية فاعلة.

إضافة إلى ذلك، فإن الصين تريد زج نفسها في ملف إعادة الإعمار في سوريا، إذ كانت تروج لنفسها لتكون جزءا من هذه المرحلة، لكن إبان حكم الأسد. لكن هذا الملف سيكون بوابة لترسيخ علاقاتها السياسية مع دمشق، رغم استبعاد القبول السوري.

من الملفات المشتركية بين بكين ودمشق، وجود مقاتلين من الإيغور، وهي أقلية عرقية في الصين أغلبها من المسلمين، في سوريا.

إذ تقول جماعات حقوقية غربية إنها تتعرض للاضطهاد من جانب بكين، في حين تنفي الصين الاتهامات الموجهة لها بارتكاب انتهاكات ضد الإيغور.

وكانت الصين، إلى جانب روسيا، من الدول التي تعارض فرض عقوبات على نظام بشار الأسد، إذ استخدمت حق النقض عدة مرات، وعرقلت تمرير قرارات في مجلس الأمن الدولي، بينما دعمت النظام السابق، سياسيا واقتصاديا وعسكريا.

ووقعت الصين عدة اتفاقيات اقتصادية مع نظام الأسد، تتعلق بالتجارة والبنية التحتية ومشاريع في مجال الطاقة والمواصلات، إضافة إلى اتفاقية تعاون اقتصادي، ومذكرة تفاهم مشتركة في مجال التنمية الاقتصادية، ومذكرة تفاهم في إطار مبادرة “الحزام والطريق”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة