الدروز في السويداء.. ثقة مفقودة بالحكومة الانتقالية والرئيس “الشرع”

بعد سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر الماضي، تواجه سوريا مرحلة جديدة من الاضطرابات السياسية، حيث تسعى الحكومة المؤقتة بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى فرض سيطرتها على البلاد من خلال توحيد الفصائل المسلحة التي نشأت خلال الحرب التي امتدت لنحو 14 عاماً. 

ووفق تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” فإن هذه المهمة تبدو معقدة، خاصة في ظل الشكوك التي تبديها القوات المسلحة الدرزية والكردية تجاه الحكومة الجديدة. 

الدروز وموقفهم من الحكومة المؤقتة

ومنذ كانون الثاني/ يناير، دخلت عدة ميليشيات درزية قوية في مفاوضات مع الحكومة حول شروط انضمامها إلى الجيش الوطني الجديد، غير أن تلك المفاوضات تعثرت بعد اندلاع أعمال عنف طائفية في مناطق ذات غالبية علوية، ما أثار مخاوف الدروز حيال التزام الحكومة بحماية الأقليات. 

مظاهرة في السويداء ترفض التدخل الإسرائيلي في سوريا – انترنت

وتقول الصحيفة إن القادة الدروز يشعرون بقلق متزايد إزاء نوايا الحكومة المؤقتة، خاصة وأن الرئيس المؤقت أحمد الشرع، كان عضواً في جماعة إسلامية متمردة تسيطر عليها الأغلبية السنية، وكانت لها صلات بتنظيم “القاعدة”، في إشارة منها إلى “جبهة النصرة/ هيئة تحرير الشام”. 

ورغم أن الشرع أجرى بعض التعديلات في حكومته، بما في ذلك تعيين وزير كردي للتعليم ووزيرة مسيحية ووزير درزي، إلا أن الوزارات السيادية، مثل الدفاع والخارجية والداخلية، بقيت تحت سيطرة حلفائه المقربين في “هيئة تحرير الشام”. 

وتشكل الميليشيات الدرزية اليوم قوة أمنية رئيسية في الجنوب السوري، حيث عززت حضورها في محافظة السويداء لمواجهة الفراغ الأمني الناجم عن سقوط نظام الأسد. وقد تضاعف عدد مقاتلي “لواء الجبل”، أحد أكبر الفصائل الدرزية المسلحة، من 2000 إلى أكثر من 7000 مقاتل، في ظل غياب توافق واضح مع الحكومة المؤقتة حول دمجهم في الجيش الوطني. 

وأكد شكيب عزام قائد “لواء الجبل” لـ”نيويورك تايمز”، أن الدروز لا يرفضون مبدئياً الانضمام إلى الدولة الجديدة، لكنهم يريدون ضمان حقوقهم السياسية والعسكرية قبل تسليم سلاحهم. 

التدخل الإسرائيلي يعقد الوضع بالسويداء

أحد العوامل التي تضيف تعقيداً إضافياً للمشهد في سوريا عموماً وفي السويداء خصوصاً، هو الدور الإسرائيلي في الجنوب السوري، فمنذ سقوط بشار الأسد، كثفت إسرائيل من غاراتها الجوية على سوريا، مستهدفة مستودعات الأسلحة التي كانت تابعة للنظام السابق، وذلك لمنع وقوعها في أيدي جماعات قد تعتبرها تهديداً لها. 

الحكومة الإسرائيلية حذرت من أنها لن تتسامح مع انتشار قوات الحكومة الجديدة المدعومة من تركيا، في جنوب دمشق، معتبرة إياها “متطرفة”. 

كما أعلنت إسرائيل صراحة، استعدادها لحماية الدروز من أي قمع أو هجوم من جانب دمشق، في إشارة إلى العلاقة التاريخية بين إسرائيل وأقلية الدروز داخل أراضيها، ومع ذلك، رفضت القوات الدرزية العرض الإسرائيلي، مشددة على رغبتها في البقاء مستقلة، وفق ما أشارت إليه الصحيفة. 

واقع متأزم وعلاقات باردة

محافظة السويداء، المعقل الأساسي للدروز في سوريا، تعاني من انهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية، فالكهرباء متوفرة لمدة ساعة واحدة يومياً، وإمدادات المياه غير مستقرة، ورغم قبول القادة الدروز بتعيين محافظ مؤقت للمنطقة من قبل الحكومة الانتقالية، إلا أنهم ما زالوا يفرضون سيطرتهم العسكرية عليها. 

ويقول مصطفى بكور المحافظ المؤقت للسويداء، لـ”نيويورك تايمز”، إن الوضع في المحافظة “كارثي”، وإنه يعمل على تقديم المساعدات الإنسانية في ظل المفاوضات المتعثرة بين الحكومة والدروز. 

وفي ظل هذا المشهد المعقد، يبقى مستقبل سوريا مجهول الملامح، فبينما تحاول الحكومة المؤقتة فرض سيطرتها وتوحيد القوى المسلحة، تواجه معارضة قوية من القوات الدرزية وكذلك من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي يقودها الأكراد في شمال شرقي سوريا. 

وبالنظر إلى التدخلات الإقليمية من إسرائيل وتركيا، تبدو البلاد مهددة بمزيد من الانقسامات ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، تضمن وجود وتمثيل وحقوق جميع الأطراف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
3 1 صوت
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات