هل تنقذ اتفاقية “الأمم المتحدة” البنوك السورية؟.. وخطة مساعدات ضخمة خلال 3 سنوات

أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) عن توقيع اتفاقية بقيمة 2.9 مليون دولار مع أربعة بنوك سورية، بهدف تنفيذ مشروع تجريبي لأسعار الفائدة المدعومة، في خطوة تُعد الأولى من نوعها في البلاد، وتستهدف تمكين أكثر من 1600 مستفيد من الوصول إلى التمويل.

وتأتي الاتفاقية في إطار رؤية مشتركة لتعزيز النمو الاقتصادي الشامل، وتأكيدًا على التزام البرنامج بتوسيع الشمول المالي وتيسير الوصول إلى الائتمان لتحسين سبل المعيشة، بحسب ما أعلن البرنامج  عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك”.

آلية تمويل غير واضحة

شملت الاتفاقية أربعة بنوك سورية، هي: “مصرف الإبداع”، “مصرف الأول للتمويل الأصغر”، “بنك بيمو السعودي الفرنسي”، و”المصرف الوطني للتمويل الصغير”.

لم يوضح البرنامج آلية التمويل التي ذكرتها الاتفاقية، كما لم تعلن الحكومة السورية عن أي تفاصيل.

علق الخبير المالي ورئيس جمعية المحللين الماليين، الدكتور إحسان كيالي، على الاتفاقية، مؤكدًا أنها ذات أهمية كبيرة، بحسب ما نقل عنه موقع “هاشتاج”.

ورأى أن هناك بعض التحديات ستواجهها البنوك عند تنفيذ مشروع الاتفاقية، مثل ضعف البنية التحتية المالية، إضافة إلى الصعوبات التي تظهر في تنفيذها بسبب نقص الخبرة في التمويل الأصغر أو غياب الضمانات الكافية من المقترضين.

مبلغ محدود

أضاف الخبير المالي، أن المبلغ المحدد وهو 2.9 مليون دولار يعد محدودا نسبيا؛ إذ سيكون نصيب الفرد في المتوسط أقل من 2000 دولار، وقد لا يكون كافيا لتحقيق تأثير واسع، ومع ذلك، يمكن أن تكون هذه الاتفاقية بذرة لمبادرات كبرى.

وأشار إلى أن سوريا تعاني انهيارا اقتصاديا بسبب التضخم، وانخفاض قيمة الليرة، ونقص السيولة، والعقوبات الدولية، وهذا جعل الوصول إلى التمويل صعبا، خاصةً للفئات الهشة من أصحاب المشاريع الصغيرة من النساء والشباب.

النظام المصرفي السوري يعاني ضعفًا بالثقة والسيولة، وهذا يحد من قدرته على تقديم قروض بقيم معقولة، ومن شأن تقديم القروض بفائدة مخفضة أن يُخفف العبء على المقترضين، ويحفز النشاط الاقتصادي الصغير، وهذا يؤثر إيجاباً في سبل العيش.

الخبير المالي ورئيس جمعية المحللين الماليين، الدكتور إحسان كيالي

وبيّن وفق البيان، أن 1600 شخص قد يستفيدون من المشروع، بما في ذلك رواد الأعمال الصغار، النساء المعيلات للأسر، ومشاريع زراعية أو حرفية صغيرة.

ورجح الخبير المالي، أنه في حال نجاح المشروع، قد يُسهم ذلك في تحفيز قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتقليل الاعتماد على القطاع غير الرسمي، وفتح باب لمشاريع مشابهة بدعم دولي، كما قد يُعمم على بنوك أخرى أو يُوسع نطاقه، وهذا يعزز ثقافة التمويل الأصغر في سوريا.

وأكد أن توقيع الاتفاقية بحضور مسؤولين أمميين وسوريين مثل وزير الاتصالات وحاكم مصرف سوريا المركزي قد يُفسَّر خطوة لتحسين صورة التعامل مع المؤسسات الدولية على الرغم من العقوبات.

معضلة العقوبات الاقتصادية

تطالب الإدارة السورية الجديدة بضرورة رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، التي تعتبرها أحد العوامل الرئيسة التي تعوق التعافي الاقتصادي في البلاد، بهدف إنعاش الاقتصاد المنهك ودعم جهود إعادة الإعمار بعد نحو 14 عاماً من الحرب.

أكد حاكم “مصرف سوريا المركزي” في تصريحات لوكالة “رويترز” رغبة بلاده في الالتزام بالمعايير المالية العالمية، مشيرًا إلى أن العقوبات تعيق التقدم الاقتصادي، وأن سوريا تتطلع للاندماج في النظام المالي العالمي، داعياً المجتمع الدولي إلى المساعدة في إزالة العقبات أمام هذا المسار.

وكشف المدير الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، عبدالله الدردري، أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حصل على إعفاء خاص من وزارة الخزانة الأمريكية، لجمع تمويل يصل إلى 50 مليون دولار بهدف إصلاح محطة دير علي لتوليد الكهرباء جنوب دمشق.

وأشار إلى أن العقوبات المفروضة على سوريا لا تزال تشكل عائقًا كبيرًا أمام مسار النمو الاقتصادي، مؤكداً حاجة البلاد إلى استثمارات ومساعدات فنية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وهو ما يصعب تحقيقه في ظل العقوبات الراهنة.

في المقابل، تقول دول مثل الولايات المتحدة الأميركية إنها ستراقب سلوك السلطات الجديدة ومدى احترامها حقوق الإنسان قبل اتخاذ قرار برفع العقوبات، مفضّلةً منح إعفاءات مؤقتة ومحددة الأهداف بدلاً من الرفع الكامل.

خطة على مدار ثلاث سنوات

في سياق موازٍ، أعلن الدردري أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يعتزم تقديم مساعدات لسوريا بقيمة 1.3 مليار دولار على مدار 3 سنوات، وذلك لدعمها في قطاعات مثل إعادة بناء البنية التحتية، ودعم الشركات الناشئة الرقمية.

وأوضح في تصريحات نقلتها عنه وكالة “رويترز” للأنباء، خلال زيارة إلى دمشق، أن خطة البرنامج الكاملة لسوريا على مدار 3 سنوات تبلغ 1.3 مليار دولار، وأن هذا ليس مجرد رقم بل استراتيجية شاملة تغطي جميع جوانب الدعم”، مشيراً إلى أن المساعدات قد تشمل إدخال الذكاء الاصطناعي، ووضع برامج للحماية الاجتماعية، وإعادة بناء البنية التحتية.

هناك ضرورة لجمع أموال من مصادر مختلفة مثل البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وكذلك من الدول الأخرى في المنطقة مثل السعودية وتركيا.

المدير الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)

وكان تقرير صدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في فبراير قدّر أنه، وفق معدلات النمو الحالية، ستحتاج سوريا لأكثر من 50 عاماً لاستعادة المستوى الاقتصادي الذي كانت عليه قبل الحرب، داعياً إلى استثمارات ضخمة لتسريع هذا المسار.

وبحسب التقرير، يعيش 90 بالمئة من السوريين حالياً تحت خط الفقر، ويعاني ربع السكان من البطالة، فيما تقلّص الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى أقل من نصف ما كان عليه في عام 2011، بداية الحرب.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة