في أول خطوة من نوعها منذ اندلاع الثورة قبل أزيد من 14 عاما، عيّن صندوق النقد الدولي رئيسا لبعثته إلى سوريا، وهو ما يُعد تحوّلا لافتا في العلاقة بين دمشق والمؤسسات المالية الدولية 

وقال وزير المالية السوري، محمد يسر برنية، في بيان رسمي نشره عقب مشاركته في اجتماع الربيع السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، إن صندوق النقد الدولي عيّن الاقتصادي المخضرم، رون فان رودن، رئيسا لبعثته إلى سوريا. 

بطلب من دمشق

بحسب وكالة “رويترز”، فإن تعيين فان رودن، جاء بناء على طلب من الحكومة السورية الانتقالية. بينما نشر وزير المالية السوري، صورة تجمعه برئيس البعثة الجديد، عبر حسابه في موقع “لينكد إن”.

وزير المالية السوري محمد برنية (يمين) رفقة رون فان رودن خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن – وسائل التواصل)

ووصف برنية التعيين بأنه خطوة مهمة تمهّد الطريق لحوار بنّاء بين صندوق النقد وسوريا، بهدف مشترك يتمثل في دفع عجلة التعافي الاقتصادي وتحسين معيشة الشعب السوري. 

لم يكن لسوريا أي تعاملات رسمية مع المؤسسة خلال الأربعين عامًا الماضية، وكانت آخر بعثة زارت دمشق في أواخر عام 2009، أي قبل اندلاع الاحتجاجات المناهضة للرئيس المخلوع بشار الأسد، بحسب الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي. 

ونقلت “رويترز” عن مصدر مطلع تأكيده صحة تعيين فان رودن، رغم امتناع المكتب الصحفي لصندوق النقد عن إصدار بيان رسمي حتى اللحظة. 

وكان فان رودن يشغل منصب مدير مساعد في إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد، ويشرف حاليًا على بعثة الصندوق إلى الأردن. كما يمتلك خبرة في العمل مع الدول الخارجة من النزاعات، من بينها العراق وأفغانستان وأوكرانيا واليمن، وفقًا لما ذكره الوزير السوري في منشوره. 

ماذا يعني ذلك؟ 

خطوة صندوق النقد الدولي جاءت في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية متدنية في سوريا، بينما تحتاج البلاد إلى إعادة إعمار وتحسين الخدمات الأساسية، التي تصل تكلفتها إلى مئات المليارات، في حين تقف دمشق عاجزة عن إحراز أي تقدم يُذكر في هذا الملف.

وتسعى دمشق لاستعادة علاقاتها مع المؤسسات المالية الدولية والحصول على الدعم منها، وتسريع وتيرة رفع العقوبات المفروضة عليها، والتي تعرقل جهود إعادة البناء. 

يُعد هذا التعيين مؤشرًا على بداية تحول في العلاقة بين سوريا والمؤسسات المالية الدولية، لا سيما في ظل المساعي الجديدة التي تبذلها الإدارة السورية الحالية لإعادة تأهيل البلاد اقتصاديا وسياسيا بعد تغيير السلطة في كانون الأول/ديسمبر 2024. 

ويشارك وزير المالية وحاكم “مصرف سوريا المركزي” عبد القادر الحصرية، في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين التي تُعقد في واشنطن، بهدف إعادة إحياء التعاون مع المؤسسات المالية الدولية، وفتح قنوات ‏للدعم الفني، وبناء القدرات، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية “سانا” عن برنية.‏ 

وقال الوزير إن الاجتماعات تأتي في إطار عدة لقاءات ستجريها سوريا، بما يخدم برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي ومصالح البلاد.

المديرة التنفيذية للصندوق، كريستالينا غورغييفا، صرّحت لموقع “الشرق” الاقتصادي، في شباط/فبراير الماضي بجاهزية الصندوق لدعم سوريا، موضحة أن “التواصل بدأ بالفعل بين موظفينا والمسؤولين السوريين”، لتفهّم حاجة المؤسسات الرئيسية في البلاد كمصرف سورية المركزي. 

وأضافت في مقابلة على هامش فعاليات “مؤتمر العُلا لاقتصادات الأسواق الناشئة” أن “التواصل يأتي حالياً للحصول على دعم يمكنهم من بناء قدرات المؤسسات حتى تؤدي بكفاءة بما يفيد الاقتصاد والشعب”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة