تعاني الشبكة المصرفية السورية من أزمة سيولة، في ظل ارتفاع الكتلة النقدية المطلوبة لتأمين رواتب وأجور العاملين والمتقاعدين في الجهات العامة، وهو ما يؤثر بدوره على مستحقات الموظفين الحكوميين.
وتتسبب الأعطال وشحّ السيولة في الصرافات الآلية التابعة للمصرفين التجاري والعقاري في دمشق والمدن السورية، في وقوف الموظفين مع بداية كل شهر بطوابير انتظار طويلة ومُرهقة من أجل استلام رواتبهم الشهرية، فتأخر تسليم تلك الرواتب قد يتسبب في كارثة معيشية لآلاف من السوريين في ظل ندرة فرص العمل وضعف الأجور.
عوامل تسببت بالأزمة
في بلد يعمل في قطاعه العام نحو مليون و250 ألف، شخص بحسب السلطات، يضطر هؤلاء الموظفين إلى الوقوف ساعات في طوابير أمام فروع المصارف الحكومية أو أجهزة الصّراف الآلي، بينما يأخذ بعضهم إجازة من عمله لقضاء يوم كامل في محاولة لسحب جزء بسيط من رواتبهم، ويؤثر ذلك على المودعين الراغبين في سحب بعض من مدّخراتهم بالليرة السورية.
لا يتجاوز راتب الموظف الحكومي السوري 250 ألف ليرة أي ما يعادل 25 دولارًا أميركيًا.

وتعود أزمة السيولة في سوريا إلى عدة عوامل أبرزها زيادة الطلب على الليرة السورية بعد عودة السوريين من الخارج، فالسوق المحلية كانت قبيل سقوط نظام بشار الأسد تحتاج إلى 80 مليار ليرة يوميًا، بينما تحتاج الآن إلى 120 مليار ليرة وما يتم ضخه في السوق أقل من ذلك بكثير.
وضاعفت هذه الأزمة أعباء السوريين في بلد يعيش 90 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر، بينما بلغت نسبة الفقر المدقع 66 بالمئة، وفقاً للأمم المتحدة.
وفرض “المصرف المركزي” في شهر شباط/ فبراير قيوداً على سحب الأموال النقدية من المصارف والصّرافات الآلية، مما وضع السوريين أمام أزمة نقدية تضاف إلى سلسلة من المشكلات الاقتصادية التي يعانونها موروثة في غالبها من حكم الأسد.
وعمّم البنك المركزي على المصارف الحكومية والخاصة الالتزام بسقف يومي بسحب 200 ألف ليرة (نحو 20 دولارا) للفرد، يمكن رفعها حين تتوفر السيولة، بحسب موظفة في مصرف خاص.
تحدٍ كبير يوميًا
في محاولة لتفسير ما يحدث، كشف مدير في “المصرف العقاري” أن صرّافات دمشق وحدها تحتاج إلى نحو 5 مليارات ليرة يومياً لضمان تقديم الخدمة بالشكل المطلوب، وهو ما يمثّل تحدّياً يومياً أمام المصرف، وفق ما نقلت عنه صحيفة “الوطن”.
أوضح المدير أن كتلة الرواتب والأجور لمواطنين حساباتهم لدى “العقاري” تتجاوز 100 مليار ليرة سورية شهريًا، ومع صدور المنحة الأخيرة، تضاعف هذا الرقم ليصل إلى حوالي 200 مليار ليرة، ما فاقم من حجم الضغوط على منظومة الصرافات الآلية، التي تعاني أساساً من محدودية قدرتها على تلبية الطلبات المتزايدة خلال فترة قصيرة.
وأكد أن نحو 25 بالمئة من كتلة الرواتب والأجور والمنحة لشهر آذار لا تزال قيد الصرف، ما يعكس حجم الإرباك الذي تواجهه الشبكة المصرفية في تأمين السيولة اللازمة.
ضرورة الإصلاحات الجذرية
أرجع المسؤول بالمصرف العقاري، السبب وراء ذلك إلى عدة عوامل أبرزها نقص تغذية الصرافات بالأموال بشكل منتظم، وضعف البنية التحتية للصرافات من حيث العدد والتوزيع الجغرافي.
ويثير هذا الواقع استياء شريحة واسعة من المواطنين الذين يضطرون للانتظار طويلاً أمام الصرافات، خاصة في أوقات صرف الرواتب والمنح، ويطالب كثيرون بضرورة زيادة عدد الصرافات العاملة، وتحديث منظومتها الفنية، بالإضافة إلى تحسين آلية تغذيتها بالنقد بشكل يومي لضمان سهولة وسرعة الحصول على المستحقات المالية.

تأتي هذه التحديات لتسلط الضوء على الحاجة الماسة لإصلاحات جذرية في القطاع المصرفي تواكب الزيادة في الكتلة النقدية وتلبي تطلعات المواطنين بالخدمة السريعة والمريحة.
ويعقد الموظفون والمتقاعدون آمالًا كبيرة على أن يتمكنوا من الحصول على رواتبهم الشهرية بطريقة ميسّرة، من دون الحاجة إلى الوقوف في طوابير طويلة، وبما يضمن كرامتهم وراحتهم بعد سنوات من الخدمة والعمل.
- الخطر الذي يتسلل مجدداً.. عن احتمالات عودة “داعش” إلى سوريا
- هيئتان لـ العدالة الانتقالية والمفقودين… ما المطلوب لضمان عمل مستقل؟
- “الليرة الجديدة”.. هل تنقذ الاقتصاد السوري أم تعمّق أزمته؟
- هل أصبحت سوريا مؤهلة لتلقي التمويلات الجديدة؟.. البنك الدولي يجيب
- وزير الدفاع يعلن دمج كافة الوحدات العسكرية.. ما دور بريطانيا بإعادة هيكلة الجيش؟
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
اشترك الآن اشترك في قائمتنا البريدية ليصلك كل جديد من الحل نت
الأكثر قراءة

وسط ترقب لانفراجة من واشنطن.. “المركزي السوري” يخفض سعر الدولار مقابل الليرة

وسط اتهام للمقاتلين الأجانب.. الأمن العام يفتح تحقيقا في مقتل أربعة أشخاص باللاذقية

هل تنجح قرارات المركزي الأخيرة في إعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري؟

هل تنتعش جيوب السوريين بعد رفع العقوبات الأميركية.. خبير يوضح

هل تبيع الحكومة الجديدة القطاع العام السوري كاملًا؟.. مستشار وزير الاقتصاد يجيب

نجوم سوريا يتفاعلون مع رفع العقوبات.. فرح وشكر من كل الأطراف!
المزيد من مقالات حول اقتصاد

“الليرة الجديدة”.. هل تنقذ الاقتصاد السوري أم تعمّق أزمته؟

هل أصبحت سوريا مؤهلة لتلقي التمويلات الجديدة؟.. البنك الدولي يجيب

العقوبات تُرفع والمراقبة تبدأ.. هل ينجح “الشرع” في تنفيذ الشروط الأميركية؟

مع دخول الصيف.. أزمة الكهرباء تفاقم الأوضاع في الحسكة ومطالب بالرقابة على “المولدات”

الوجود الأميركي في سوريا: فصل اقتصادي جديد؟

عملة سورية جديدة تطبع في النمسا: ما الفئات والرموز؟

من الرياض إلى أبوظبي.. حصيلة مكاسب “ترامب” الاقتصادية خلال جولته الخليجية
