في الوقت الذي برز الحديث فيه عن سعي الحكومة السورية للتنسيق مع روسيا من أجل إبعاد الإيرانيين عن المنطقة وتخفيف نفوذهم، تظهر تحركات مناقضة من قبل دمشق تجاه طهران.

السفير الإيراني بدمشق مهدي سبحاني، اجتمع مع وزير الداخلية السوري محمد الرحمون اليوم الجمعة، وبحثا سبل تسهيل سفر الزوار الإيرانيين إلى سوريا.

ونقلت وكالة “إرنا” الإيرانية، أن السفير أكد استئناف زيارات الزوار الإيرانيين للمراقد المقدسة بسوريا، وعبر ارتياحه للظروف التي وفرتها الحكومة السورية لتهيئة الأرضية لقدوم الزوار الإيرانيين. فيما يعتبر توسعا إيرانيا آخر في سوريا من بوابة السياحة الدينية.

اقرأ أيضاً: مع استمرار مفاوضات فيينا: هل التوافق الأميركي-الإيراني يعرقل المخططات الروسية في سوريا؟

السياحة الدينية ليست المشروع الأبرز

في سياق مواز شهدت “مكتبة الأسد” في العاصمة السورية دمشق، أمس الخميس حفلا تأبينيا لقائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني، قاسم سليماني، والذي قتل بغارة أمريكية في بغداد، قبل عامين.

وقد نشرت وكالة “سانا”، اليوم الجمعة نص الكلمة التي ألقتها شعبان بالنيابة عن بشار الأسد، وتضمنت في القسم الأعظم منها عبارات إشادة بـ”جهاد ونموذج قاسم سليماني في سوريا”.

واعتبرت شعبان نقلا عن الأسد أن “سليماني فهم جوهر الاستراتيجية المعادية لمحور المقاومة، وعمل من خلال كل مهمة تصدى لها على تقويض أسس هذه الاستراتيجية حيثما وجدت وبكل السبل المتاحة له”.

وفي مطلع عام 2020 كان الأسد قد منح “أرفع وسام في الجمهورية العربية السورية” لسليماني، الضالع بجرائم حرب في عدة بلدان عربية، في مقدمتها سوريا والعراق.

في غضون ذلك كان اللافت في كلمة الأسد التي ألقتها شعبان الترويج لمشروع الربط السككي بين إيران والعراق وسوريا.

وقالت شعبان: “قد يشكل الربط السككي والكهربائي بين إيران والعراق وسوريا، بداية طيبة لربط دول المنطقة بعلاقات مفتوحة تصب في خدمة أبنائها ومنعة دولها وازدهار شعوبها”.

مشاريع إيران في سوريا تتحدى روسيا

وكان وزير الطرق وإعمار المدن الإيراني، رستم قاسمي قد وقع خلال زيارته إلى العراق، قبل أيام اتفاقا مع الحكومة العراقية، يقضي ببدء الأعمال التنفيذية لمشروع “الربط السككي” بين شلمجة الإيرانية والبصرة العراقية بعد توقف دام 20 عاما، وفق وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”.

وتزامن إعلان تدشين المشروع، مع حديث وسائل إعلام إيرانية عن أهمية المشروع، بخاصة أنه سيسمح لشبكات السكك الحديدية الموجودة في العراق بربط إيران بسوريا، في طريق يمر من البصرة إلى بغداد، ومنها إلى مدينة القائم على الحدود العراقية- السورية.

أعلن علي بهادري جهرمي، المتحدث باسم الحكومة الإيرانية في 30 كانون الأول/ ديسمبر 2021، عن تدشين مشروع الربط السككي بين إيران والعراق بحلول كانون الثاني عام 2022، ما سيسمح بإنشاء طريق بري من إيران إلى سوريا عبر العراق.

الباحث في الشأن الإيراني، إسلام المنسي، قال في وقت سابق لـ “الحل نت”، ” إن هذا الموضوع يأتي في إطار مشروع الهلال الشيعي وربط المنطقة كاملة من إيران والبحر المتوسط بكل السبل، ضمن العديد من المشاريع ومنها الربط السككي”.

ولفت المنسي، إلى أنه تم الإعلان عن مشروع السكك الحديدية التي تربط إيران بالعراق بسوريا منذ سنوات  ولم ينفذ نتيجة عقبات مالية وسياسية، ولكن إيران تصر عليه بهدف ربط اقتصادات هذه البلاد فيها، وتعمل بالتوازي على وتر التغيير الديمغرافي.

وقال المنسي، إن موقف إيران الضعيف في سوريا مقارنة مع روسيا، دفعها إلى تغيير أسلوب عملها، إذ 

“لجأت إلى تغيير شكل المجتمع السوري نفسه عبر نشر التشيع وتوطين ميليشيات أجنبية شيعية وتجنيد السوريين”.

اقرأ أيضاً: محادثات فيينا حول الملف النووي الإيراني: هل ستتنازل واشنطن وطهران عن شروطهما الأساسية للتوصل لاتفاق؟

إيران تسعى للسيطرة على اقتصاد سوريا

في عام 2019، بحث مدير البنك المركزي الإيراني، مع نظيره السوري مسألة إنشاء مصرف مشترك وتسهيل نشاط رجال الأعمال.

ونتج عن المباحثات، اتفاق الجانبين على تأسيس لجنة مصرفية مشتركة، تضم ممثلين عن بنوك البلدين وتحت رعاية المصرفين المركزيين في إيران وسوريا، لمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة بينهما.

وأعلنت إيران في كانون الأول/ ديسمبر 2020،عن إطلاق “سويفت” محلي (شبكة المزود الدولي لخدمات التراسل المالي المؤمن)، من أجل الاتصال بين المصارف الإيرانية والسورية لمواجهة الحظر المفروض الدولي الذي فرضته أمريكا على عدد من البنوك السورية منها “بنك الشام” و”المصرف العقاري السوري”، و”المصرف الصناعي”، و”المصرف الزراعي التعاوني”، و”مصرف التوفير”، و”مصرف التسليف الشعبي”.

اتفاقيات سابقة للهيمنة على الاقتصاد

في 2017 وقعت خمس اتفاقيات بين سوريا وإيران، في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة والنفط والاتصالات والموانئ في طهران.

واعتبر رئيس مجلس الوزراء السوري عماد خميس هذه الاتفاقيات “نواة لكتلة كبيرة من التعاون المشترك بين البلدين في مجال الاقتصاد والاستثمار وإنشاء المصانع وإعادة الإعمار”، وفق ما نقلته وكالة سانا في وقت سابق من 2021.

وخصصت هذه الاتفاقيات 5000 هكتار في سوريا لإنشاء ميناء نفطي، و5000 أخرى أراض زراعية، ومناجم الفوسفات جنوب مدينة تدمر، بالإضافة إلى منح ترخيص لمشغل إيراني للهاتف المحمول ليكون المشغل الثالث في سوريا.

وفي نفس العام، وقعت مذكرة تفاهم بين البلدين من أجل التعاون في مجال القطاع الكهربائي، وتضمن المذكرة إنشاء محطات توليد ومجموعات غازية في الساحل السوري، إضافة إلى إعادة تأهيل محطات طاقة في دمشق وحلب وحمص ودير الزور وبانياس.

وتحاول إيران مؤخرا بسط هيمنتها في المجال الاقتصادي في سوريا، من خلال افتتاح مشاريع اقتصادية متعلقة بالتجارة والصناعة ومجال الطاقة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.