بعد أن بدأت روسيا غزوها لأوكرانيا في الساعات الأولى من صباح الخميس الماضي، اندلع قتال عنيف في الأيام التي أعقبت العملية العسكرية في منطقة قريبة من كييف، مع تقدم القوات الروسية نحو العاصمة الأوكرانية، فيما تواصل القتال على عدة جبهات أخرى. وسط إدانة دولية وفرض عقوبات دولية على روسيا إثر عمليتها العسكرية على جارتها الغربية.

مدى احتمالية تكرار سيناريو سوريا في أوكرانيا

نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، مؤخرا تقريرا، خلص مضمون التقرير إلى مجموعة من الدروس التي يمكن أن يتعلمها الغرب من ما حصل خلال أكثر من 11 عاما  في سوريا.

ويقول الخبير في الأسلحة الكيماوية، هاميش دي بريتون -غوردون، والذي أعد التقرير: ” بالرغم من عدم استخدام أسلحة كيماوية في سوريا منذ نيسان/أبريل 2019، إلا أن سوريا أصبحت دولة روسية تسيطر عليها موسكو، باستثناء إدلب الخارجة عن سيطرة حكومة دمشق، ولكن الغرب أدار ظهره لها بالرغم من الأزمات الإنسانية داخل المحافظة”.

وأشار غوردون إلى أن ما يبعد القلق عن العالم هو أن رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، “على عكس الرئيس السوري الحالي بشار الأسد، لا يرحب ببوتين بأذرع مفتوحة”.

وأوضح غوردون، عن ما يقصده من تكرار السيناريو السوري، “أن دمشق تمثل وجودا روسيا وإيرانيا كبيرا على حافة أوروبا، وإذا سقطت أوكرانيا أيضا، فسوف يتحول ميزان القوى إلى حد كبير نحو الشرق”، بحسب الصحيفة البريطانية.

وحذر غوردون، من أن تشق روسيا طريقها عبر أوكرانيا لإنشاء قاعدة عمليات أمامية على أعتاب أوروبا، مثلما فعلت ذلك في سوريا، وخاصة في الموانئ على طول امتداد الساحل السوري.

من جهته قال الباحث في الشؤون الأميركية والشرق أوسطية، جو معكرون: “هناك فرق كبير بين الوضع في سوريا وأوكرانيا، حيث تشهد سوريا حربا أهلية أو صراعا داخليا إذا جاز التعبير، وهذا غير موجود في أوكرانيا”.

وتابع معكرون في حديث لـ “الحل نت”، الآن هناك محاولة إخضاع السلطة المحلية أو المركزية بأوكرانيا، حيث يبدو لم تحصل روسيا في المفاوضات على الضمانات الأمنية التي تريدها، لذا تتجه نحو محاولة إخضاع بالقوة العسكرية.

وأضاف معكرون، “لا أعتقد بالضرورة أنه سيكون هناك قواعد عمليات أمامية، لكن من الواضح أنه أصبحت لروسيا كلمة قوية في أوكرانيا في ظل تراجع القوى الغربية”، وأردف، “وبالتالي يمكن القول ستحاول روسيا فرض شروط على الحكومة المحلية التي ستكون موالية لموسكو، وليس بالضرورة نشر قواعد عسكرية روسية، حيث تغيرت المعادلة والدينامية”.

ووفقا للباحث في الشؤون الأميركية والشرق أوسطية، من واشنطن، “من الواضح في محاولة لفرض عقوبات دولية صارمة على روسيا، لكني لا أعرف ما إذا كانت حكومة فولوديمير زيلينسكي، ستبقى صامدة أم ستكون هناك حكومة جديدة موالية لموسكو، وفي هذه الحالة سيكون هناك صراع داخلي وقد يستمر”.

وحول مدى مواجهة الغرب وأمريكا من عدم تكرار السيناريو الذي حدث في سوريا، رجح الباحث السياسي إلى أن “الغرب وأمريكا ليس لديهما سوى فرض المزيد من العقوبات ومحاولة الضغط للتوصل إلى صفقة من خلال الفرنسيين أو غيرهم، ولا يمكن توقع أكثر من ذلك الآن، خاصة وأن بوتين قد غير المعادلة في عمليته العسكرية، لذا علينا الانتظار لحين انتهاء العملية العسكرية وكيف وأين ستنتهي، وبعد ذلك يمكننا إجراء تقييم جاد لما سيحدث في المرحلة المقبلة”.

وخلص بالقول في حديثه لـ “الحل نت”، “تقريبا روسيا هي القوة العسكرية الوحيدة في أوكرانيا، بينما الأمر مختلف تماما في سوريا، حيث يتشارك العديد من القوى الخارجية الدولية المتورطة في النزاع الداخلي في سوريا”، في إشارة إلى أن السيناريو السوري ليس من المرجح أن يتكرر في أوكرانيا، وأن الغرب وأمريكا لن يسمحا بحدوث ذلك.

قد يهمك: الأسد وبوتين شركاء في عقوبات دولية على مستوى العالم

حكومة دمشق تؤيد الغزو الروسي وعقوبات دولية ضد موسكو

وعقب الغزو الروسي لأوكرانيا، كان الرئيس السوري بشار الأسد، قد أعرب للرئيس فلاديمير بوتين، عن دعمه القوي للعملية العسكرية الروسية لحماية دونباس، في محادثة جرت بينهما يوم أمس، حسب موقع “روسيا اليوم”.

ونقل بيان للرئاسة السورية عن الأسد تأكيده خلال المحادثة ،أن ما يحصل اليوم هو تصحيح للتاريخ وإعادة للتوازن إلى العالم الذي فقده بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وأن الهيستريا الغربية تأتي من أجل إبقاء التاريخ في المكان الخاطئ لصالح الفوضى التي لا يسعى إليها إلا الخارجون عن القانون، ومشيرا إلى أن روسيا اليوم، لا تدافع عن نفسها فقط وإنما عن العالم وعن مبادئ العدل والإنسانية. وتعد روسيا أحد اللاعبين الأساسيين في الأزمة السورية.

فيما أعلنت واشنطن عن حزمة عقوبات أولى على روسيا، مع التلويح بعقوبات إضافية إذا ما استمرت روسيا في غزوها على أوكرانيا، وتضمنت العقوبات التي فرضتها واشنطن على موسكو إجراءات اقتصادية جديدة، فيما أقرت قيودا على التصدير إلى روسيا.

وصرح الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن أربعة مصارف روسية ستدرج على قائمة العقوبات، وسيتم حرمان روسيا من أكثر من نصف وارداتها من المنتجات التكنولوجية المتطورة، مبينا أن هذه العقوبات ستكبد الاقتصاد الروسي تكاليف باهظة، على الفور وعلى المدى البعيد في آن واحد.

وتابع بايدن، أن فرض عقوبات مباشرة على الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وعزل روسيا عن نظام سويفت للتعاملات المصرفية، ستبقى خيارات قائمة.

وشملت العقوبات، أكبر مؤسستين ماليتين في روسيا، وهما شركة الأسهم العامة (سبيربنك) وشركة VTB Bank العامة للأوراق المالية المشتركة (VTB Bank)، وأن هذه العقوبات ستحد من قدرة المؤسستين على العمل، إذ تجريان معاملات صرف أجنبي بقيمة 46 مليار دولار على مستوى العالم، 80 بالمئة منها بالدولار الأميركي، وستعطل العقوبات نسبة كبيرة من هذا النشاط.

قد يهمك: بعد إيران وسوريا.. عقوبة مالية ضخمة تنتظر روسيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة