شهدت العلاقات الدولية في الأعوام الأخيرة، العديد من التغيرات والتقلبات، والتي ترتبط بالأحداث المهمة والمفصلية التي تحدث في مختلف المناطق، وإلى أمد قريب كانت الحرب في سوريا، أبرز أسباب هذه التغيرات، التي أدت إلى إيجاد تكتلات وتحالفات متضاربة.

ومؤخرا، وبعد الغزو الروسي لأوكرانيا، بدأت العلاقات الدولية تدخل في مرحلة إعادة تشكيل متسارعة ومختلفة، لتكون متناسبة وقادرة على الوقوف في وجه تداعيات هذا الغزو، لتظهر على الساحة تحالفات جديدة، كان أطرافها حتى الأمس يناصبون بعضهم البعض العداء.

فبعد التطبيع في العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة، وإسرائيل، اتجهت العلاقات نحو التطبيع والمصالحة بين الإمارات وسوريا من جهة، وبين الإمارات وتركيا من خلال الزيارات التي قام بها كل من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد لتركيا، وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإمارات، ويوم أمس زيارة الرئيس الإسرائيلي لتركيا.

صفحة علاقات جديدة

العلاقات التركية- الإسرائيلية شهدت توترات كبيرة وقطيعة، بعد وصول حزب العدالة والتنمية للحكم، منذ نحو 15 عاما، بسبب قضايا سياسية واقتصادية عدة، ولكن تخلل هذه العلاقات تحسن في بعض الأحيان، لتعود إلى التحالف من جديد.

ويوم أمس، استقبل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نظيره الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، في زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول إسرائيلي بهذا المستوى منذ 15 عاما، حيث وصل الرئيس الإسرائيلي، على رأس وفد إسرائيلي رفيع المستوى، لفتح صفحة جديدة في العلاقات التركية- الإسرائيلية، حسبما صرح الرئيس الإسرائيلي، قبل مغادرته مطار بن غوريون متجها نحو تركيا، حسب موقع “السورية نت” المحلي.

وسبق الزيارة، اتصال هاتفي أجراه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مع نظيره الإسرائيلي، هرتسوغ، ورئيس الوزراء، نفتالي بينيت، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وهي المحادثات الأولى من نوعها منذ عام 2013، حيث دارت المحادثات حينها حول “دبلوماسية الغاز”، حين أبدى الرئيس التركي استعداد بلاده للتعاون مع إسرائيل ضمن مشروع خط أنابيب غاز شرقي البحر المتوسط.

ويرى الكاتب السياسي،حسان الأسود، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن الظروف الدولية تغيرت في الشرق الأوسط، وخاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، فهناك تحالفات جديدة ستنشأ، وهناك مصالح ستتلاقى وأخرى سوف تتضارب، ومن أجل ذلك ستقوم تركيا بإعادة حساباتها حتى ولو كانت زيارة الرئيس الإسرائيلي لأنقرة مجدولة مسبقا.

وأضاف الأسود، أن العلاقات التركية- الإسرائيلية، سوف تتعمق بشكل أو بآخر على اعتبار أن تركيا تقع على حافة الصراع، الروسي- الأوكراني، فهي تطل على البحر الأسود، وتربطها علاقات تاريخية مع روسيا، لا تخلو من المصالح المشتركة، وعلاقات ومصالح مع أوكرانيا، لذلك ستدخل في تحالفات جديدة ومن بينها التحالف مع إسرائيل.

وهناك من جهة أخرى، موضوع حقول الغاز في منطقة شرق المتوسط، وهي حقول تشترك فيها كل من تركيا، وإسرائيل وسوريا وليبيا ولبنان، وهو من أهم المواضيع التي تدعو تركيا للتحالف مع إسرائيل، حسب الأسود.

قد يهمك:دور جديد للإمارات في الملف السوري

ما دور الضغوط السياسية والاقتصادية في علاقات تركيا؟

تعاني تركيا منذ بداية الأزمة السورية من العديد من المشاكل، بعد أن كانت تتبع سياسة “صفر مشاكل”، التي عمل على ترسيخها رئيس وزراء تركيا السابق، أحمد داوود أوغلو، ولكن نتيجة للتحديات التي فرضتها الأزمة السورية، كان لا بد من التدخل التركي في هذا الملف، تحت ذرائع مختلفة، أبرزها الحفاظ على مصالحها، وحماية أمنها القومي من التهديد.

ويعتقد حسان الأسود، أن الوضع الاقتصادي التركي تأثر خلال الأزمة السورية، ويتأثر الآن نتيجة للغزو الروسي لأوكرانيا، لذلك لا بد أن تقوم تركيا بإعادة بناء علاقات متوازنة مع دول الخليج بشكل عام، ومع إسرائيل، فالعلاقات بين الدول تبنى على المصالح وتوازن القوى.

وأشار الأسود، إلى المصالح المتقاطعة بين تركيا، وإسرائيل، وإيران، والإمارات، حيث تتقاطع مصالح إيران مع تركيا، في سوريا، من خلال رغبة إيران بتهدئة الأوضاع في سوريا لتتمكن من تثبيت نفوذها، بينما تتعارض مع مصالح الإمارات وإسرائيل في سوريا، باعتبار إيران عدو لهما في هذا البلد، على الرغم من أن العلاقات الإيرانية- الإماراتية، تربطها مصالح اقتصادية وتجارية.

فهمناك، حسب الأسود، العديد من التشابكات لا يمكن الوقوف على عمقها بسهولة، وبالتالي فإن إعادة بناء العلاقات التركية- الإسرائيلية، والعلاقات مع دول الخليج عامة، والإمارات بشكل خاص، هي مصلحة تركية ستتعافى من ورائها البنية الاقتصادية التركية، كما سيكون هناك قدرة على التعامل مع بعض الملفات العالقة، وهي مصلحة لجميع الأطراف، وسيتحقق بعض من الأمن المفقود في المنطقة.

إقرأ:إسرائيل تستثمر ملايين الدولارات لمواجهة إيران في سوريا.. متى ستقع المعركة؟

كيف ستتأثر سوريا بهذه العلاقات؟

تعتبر سوريا حاليا ساحة للحرب وتصفية الحسابات، بين العديد من الدول، ومن بينها تركيا، وإسرائيل وإيران، إضافة إلى الدول الأخرى الفاعلة في الملف السوري، ولم يعد لسوريا أي دور في رسم سياسات وتحالفات المنطقة كما في السابق.

لذلك يرى حسان الأسود، أن سوريا حاضرة في قلب هذه التشابكات، وسيكون هناك تفاهم من نوع ما حول سوريا، فإسرائيل من مصلحتها استمرار النزاع في سوريا، من أجل تدمير بنية الدولة السورية، ليبقى الشعب السوري بعيدا عن التفكير بالمطالبة بحقوقه في الجولان المحتل، بينما تركيا تريدالحفاظ على التوازنات في سوريا، ومن مصلحتها أن تزداد الضغوط الإسرائيلية على إيران في سوريا، وهو ما سيخفف عنها القيام بذلك.

قد يهمك:استراتيجية حرب جديدة تتبعها إسرائيل لضرب إيران في سوريا

توازنات جديدة، وتحالفات جديدة، مصالح مترابطة ومتشابكة في منطقة تتشكل علاقاتها من جديد وفق مصالح استراتيجية واقتصادية، لكن ليس لسوريا أي مكان فيها، حيث لا يوجد حكومة أو معارضة سورية، قادرة على لعب دور مهم ليكون لسوريا مكان في كل ما يجري

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة