في عام 2017، اجتمع رؤساء تركيا وروسيا وإيران لمناقشة الوضع في سوريا، وأسست اجتماعاتهم السابقة، في سوتشي وأنقرة، ما يسمى بمناطق خفض التصعيد في عدة مناطق، بما في ذلك إدلب، مما أدى إلى خفض العنف مؤقتا. ولكن مع الاختلاف الواضح في المواقف بين تركيا وروسيا حول غزو الأخير لأوكرانيا، وإمداد أنقرة بالطائرات المسيرة لكييف، يبدو أن موسكو تسعى لمعاقبة تركيا على الأراضي السورية.

لا توافقات روسية – تركية في سوريا

في يوم الأحد الفائت، أفاد مراقبون حرب، أن القوات الحكومية قصفت عربة عسكرية تركية، بالقرب من مدينة الأتارب التي تسيطر عليها المعارضة، غربي محافظة حلب، ما اعتبره البعض أنه بداية التصعيد الروسي على تركيا. وبحسب المحلل العسكري، العقيد مصطفى فرحات، فإن العلاقة التركية الروسية في وضع خطير بعد الاحتكاك المباشر.

فرحات قال في حديثه لـ”الحل نت”، إنه على المدى الاستراتيجي أو الربط الاستراتيجي، قواعد الاشتباك مضبوطة بحدود ونسب كبيرة جدا، حتى مع الاختراقات في من حين إلى آخر. ولكن باعتقاده أن الأمور باتجاه التطويق وضبط الإيقاع.

وبما أن الساحة السورية، هي ساحة لتصفية الحسابات، ورسائل متبادلة بين كل من روسيا من جانب وتركيا من جانب والأطراف الأخرى المتواجدة على الجغرافيا السورية من جانب آخر. فما يحدث في أوكرانيا ترك أثره ليس فقط على الساحة في سوريا، وليس فقط على علاقة تركيا وروسيا. وإنما على العلاقات الدولية عموما والاستقطابات الدولية عموما وعلى تواجد التواجد الروسي في سوريا بشكل خاص، طبقا لحديث فرحات.

وعن ما يقوم به الجيش الروسي، من تدريب وتأهيل للقوات النظامية، يعتقد المحلل العسكري، أن هذا الموضوع يندرج في إطار أن روسيا تريد تأهيلها. لأن موضوع العلاقة مع تركيا أصبح بلا توافقات مطلقة، ولم تكن هناك علاقات شراكة أو تعاون متبادل بكل معنى الكلمة.

وبات ما يربط هذه العلاقة، هو فقط أنه توجد بعض المصالح المشتركة. فعلى سبيل المثال، مصالح اقتصادية ومنها مصالح عسكرية، كشراء تركيا لصواريخ “إس 400” من روسيا.

للقراءة أو الاستماع: تدريبات عسكرية في إدلب.. رسائل روسيّة بالنار؟

بوتين قد يخلط الأوراق في سوريا

وحول التصعيد الأخير، يستبعد فرحات الاحتكاك المباشر بين الطرفين، إلا أنه لم يخف أن تكون هناك أوامر روسية للجيش السوري بالتقدم على محاور معينة. وقد يكون إعادة لإحياء الهدف المرحلي، وهو الوصول إلى الطريق الدولي.

وبرأي فرحات، بهذا التصرف، “تكون تركيا قد ضربت عصفورين بحجر، احداها أنها حققت هذا الهدف والوصول إلى الطريق ” إم 4″. ومنها تكون قد انتقمت بصورة غير مباشرة من الطرف التركي، لما أبداه من دعم لمواقف أوكرانيا وانحيازه يعني لطرف الناتو”.

وأضاف فرحات، “اليوم إن كان هناك فرضا تصعيد من قبل روسيا تجاه مواقع تابعة لتركيا في سوريا، فلن تستطيع تركيا جلب الناتو لدعمها”.

وبحسب المحلل العسكري، فقد تكون الأيام القادمة حبلى بمفاجآت وتداعيات للغزو الروسي على أوكرانيا. ويعتقد أنه في حال اصطدم العمل العسكري الروسي في أوكرانيا بجدار صد، أو لم يحقق أهدافه، فإن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين،  سوف يحاول خلط الأوراق في سوريا، وفي غيرها. وبالتالي فكل ما يجري أوكرانيا، سوف تكون تداعياته خارجها، وبشكل خاص في مناطق التواجد الروسي ومنها على سبيل المثال سوريا.

للقراءة أو الاستماع: إدلب: تطورات عسكرية تُنذر ببدء معركة جديدة

روسيا تدرب الجيش السوري بإدلب

لعل أكثر ما شغل الساحة السورية في الأيام القليلة  الماضية، هي التحركات العسكرية المتبادلة بين القوات الحكومية السورية من طرف والقوات التركية من طرف آخر، لا سيما بعد عدة استهدافات للجيش التركي في سوريا من قبل القوات النظامية، والتي ترافقت في تحليق دوري لطيران “البيرقدار” التركي.

مصادر عسكرية من المعارضة السورية، قالت في حديث خاص مع موقع “الحل نت”، إن مروحيات للجيش السوري حلقت خلال الأسبوع الفائت، على علو منخفض فوق مناطق حاس ومعرة النعمان، ومدينة كفرنبل الواقعات تحت سيطرة القوات الحكومية، حيث تأتي تلك التحركات في ظل تدريبات عسكرية.

وأضافت المصادر، أن ضباط روس يشرفون على تدريبات عسكرية مكثفة لعناصر من الجيش السوري، في عمليات الإنزال الجوي. إضافة للتعامل مع أسلحة المدفعية المتطورة والروسية حصرا، كمدافع الكراسنبول الليزرية، والقتال الليلي. إذ أكدت المعلومات أن التدريبات كانت للفرقة 25 المدعومة من روسيا بشكل مباشر. والتي تقع تحت قيادة من يعرف باسم “سهيل الحسن”، المعروف بولائه لبوتين.

واعتبرت المصادر العسكرية في حديثها، أن “التدريبات التي تعمل عليها القوات الحكومية تأتي ضمن إطار التحركات العسكرية التي بدأت مطلع شهر آذار المنصرم. ورجحت أن تكون ضمن خطة الاستعدادات التي تعمل عليها روسيا، في حال شنت عملية عسكرية برية على محافظة إدلب”.

تعطي معظم التحليلات أهمية كبيرة لطبيعة المواجهة والحرب التاريخية بين تركيا وروسيا، وهم يستنتجون أن العلاقات بين البلدين لا بد أن تكون متوترة. وحتى في حالة حدوث انتعاش، كما كان الحال منذ عدة سنوات، فإن ذلك لن يؤخذ على محمل الجد. فبالنظر إلى الماضي التركي الروسي الذي كان متضاربا في كثير من الأحيان، لا يمكن إعطاء التقارب التركي الروسي قيمة حقيقية.

للقراءة أو الاستماع: طبول الحرب تقرع.. تحركات عسكرية روسية في إدلب

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.