انتهت الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بعد أسابيع من حملات نحو 12 من المرشحين، حيث فاز في هذه الدورة كل من، الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون بنسبة 27,6 من بالمئة من الأصوات، ومارين لوبان بنسبة 23 بالمئة (من اليمين المتطرف الفرنسي)، حسب تقديرات أولية، فيما ستقام الدورة الثانية في 24 نيسان/أبريل الحالي.

أما مرشح أقصى اليسار جان لوك ميلنشون، الذي كان يعد أحد كبار المرشحين، فقد حصل على على 22,2 بالمئة من الأصوات، ليحتل المركز الثالث،  بينما حصل اليميني المتطرف إيريك زمور الذي أظهر طموحات كبيرة خلال الحملة كما كان شأن أنصاره، على 7 بالمئة، حسب تقارير صحفية فرنسية.

هذا وسيستأنف كلا المرشحين (ماكرون ولوبان) حملتهما الانتخابية في هذا الأسبوع، كما أن المرشحين الخاسرين دعوا أنصارهم لدعم كل من ماكرون ولوبان، حيث دعم معظم المرشحين الآخرين من اليسار ماكرون، كما فعلت فاليري بيكريس، لكن المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال قالت إنه كان يجب على الرئيس الآن أن “يحقق” النصر، بينما طالب كل من إريك زمور، إلى جانب المرشح القومي نيكولا دوبون أيغنان أنصارهما بدعم لوبان، بينما حذر ميلينشون، الذي قد يلعب مؤيدوه دورا حاسما في تحديد هوية الرئيس المقبل، أنصاره قائلا “يجب ألا نعطي صوتا واحدا لمارين لوبان”، وكرر هذا النداء مرارا، لكنه على عكس المرشحين الآخرين، لم يدعم الرئيس ماكرون.

ما هي توجهات كل من ماكرون ولوبان؟

يُحسب ماكرون على الليبراليين الاقتصاديين،من ذوي النظرة العالمية، أما لوبان فهي قومية ومتشككة بشدة في الاتحاد الأوروبي والتي كانت حتى الغزو الروسي لأوكرانيا، تعبر صراحة عن إعجابها بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حسب تقارير صحفية.

أما من الناحية الاقتصادية، تعتبر لوبان من دعاة الحمائية الاقتصادية، أي تنفيذ سياسة “اشترِ الفرنسي” على المناقصات العامة وخفض الحد الأدنى لسن التقاعد إلى 60 لمن بدأوا العمل قبل بلوغ سن العشرين، وإلغاء ضريبة الدخل لمن تقل أعمارهم عن 30 عاما، وخفض ضريبة القيمة المضافة على الطاقة إلى 5.5 بالمئة من 20 بالمئة، بالإضافة للتخطيط لإنفاق ملياري يورو على مدى خمس سنوات لرفع رواتب العاملين بالمستشفيات وتوظيف 10 آلاف غيرهم، كما سترفع رواتب المعلمين 15 بالمئة على مدى خمس سنوات.

أما ماكرون، فيخطط لمضاعفة إصلاحات السوق الحرة التي نفذها خلال فترة ولايته الأولى، إذ كان البند الرئيسي في برنامجه هو زيادة الحد الأدنى لسن التقاعد من 62 إلى 65 سنة، كما تعهد بجعل بعض مزايا الرعاية الاجتماعية مشروطة بساعات تدريب تتراوح بين 15 و20 ساعة، على غرار السياسات المتبعة في دول مثل الولايات المتحدة أو بريطانيا.

قد يهمك:أبرز المرشحين للرئاسة الفرنسية.. ما موقفهم من سوريا؟

احتمالات فوز اليمين وتأثيره على الملف السوري

قبل أسابيع فقط، كانت استطلاعات الرأي تشير إلى فوز سهل لماكرون، المؤيد للاتحاد الأوروبي، والذي تعزز موقفه بفضل دبلوماسيته النشطة بشأن أوكرانيا، والتعافي الاقتصادي القوي، بالإضافة إلى ضعف المعارضة المتشرذمة،  لكن شعبيته تراجعت لعدة أسباب، منها دخوله المتأخر إلى الحملة الانتخابية، إذ لم يعقد سوى تجمع انتخابي واحد كبير، وهو الأمر الذي اعتبره أنصاره مخيبا للآمال.

بينما قامت لوبان المنتمية لليمين المتطرف، والمتشككة في الاتحاد الأوروبي، والمناهضة للهجرة، بجولة في فرنسا، بالإضافة إلى قوة موقف لوبان قبل الانتخابات الرئاسية الفرنسية من خلال التركيز المستمر منذ شهور على تكاليف المعيشة.

وحول تأثير فوز اليمين في فرنسا على الملف السوري، قال المحلل السياسي درويش خليفة، في حديثه لـ”الحل نت”، إن اليمين المتطرف منفتح على دمشق، وبالتالي قد تغاير إدارة لوبان إذا استطاعت الوصول للرئاسة موقفها من الملف السوري ليكون مغايرا عن الرؤساء السابقين، وقد تذهب باتجاه بعض العلاقات مع دمشق، غير أن ذلك لا يعني انفتاحا أو تطبيعا بشكل كامل، “فالمؤسسات في فرنسا والبرلمان الفرنسي، رافض لهذا التوجه عبر التعامل مع حكومة دمشق، وفق رأي خليفة.

ولكن من جانب آخر، يرى خليفة، أن الأمر يعود لمدى تقديم دمشق لمزيد من التنازلات، كالإفراج عن المعتقلين والمغيبين قسريا، وإيقاف العمليات العسكرية، وهي مطالب فرنسية من دمشق.

إقرأ:الانتخابات الرئاسية الفرنسية: هل يكون اللاجئون السوريون ضحية صعود اليمين المتطرف؟

ماكرون لن يغير موقفه من سوريا

لطالما عرف الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته، إيمانويل ماكرون بدعمه للشعب السوري، ووقوفه ضد حكومة دمشق ومطالبته بمحاسبتها على الجرائم التي ارتكبتها في سوريا، ولم يتغير موقفه خلال السنوات الماضية.

ويرى خليفة، أن ماكرون لن يغير تعامله مع الملف السوري في حال فوزه بالانتخابات، فهو يعتبر نفسه رئيس دولة عظمى وأحد الفاعلين في محور الاتحاد الأوروبي و”حلف الناتو” في مواجهة روسيا، والتي بدورها تدعم دمشق، ودمشق أول من اعترف بالمناطق الانفصالية في أوكرانيا، ودعمت الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأوضح خليفة، أن الملف السوري ليس مهما في الغرب في الوقت الحالي، حيث تصب كل الاهتمامات الغربية في الوقت الحالي على مواجهة روسيا وإخضاعها، وإبقاء العقوبات الاقتصادية، وهذا سيكون موقف ماكرون، بحسب تعبيره.

أيام قليلة تفصل الفرنسيين، والمهتمين بالشأن الفرنسي وتأثير الانتخابات على ملفات عديدة، حتى يظهر ساكن قصر الإليزيه الجديد، فيما ينظر السوريين بأمل في فوز ماكرون، بينما قد ينتظر آخرون فوز لوبان لإعادة تشكيل خارطة علاقات ستلعب فيها فرنسا دورا جديدا مجهولا في حال فوز لوبان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.