مع تصاعد وتيرة الانتقادات من قبل الشارع السوري للحكومة السورية، لا سيما بعد الأزمات الاقتصادية التي فشلت دمشق باحتوائها، يبدو أن السلطة في سوريا متجهة لكم الأفواه، وتقييد الحريات لمنع حتى رواد مواقع التواصل الاجتماعي من توجيه النقد للحكومة.

الرئيس السوري بشار الأسد، صادق الإثنين على قانون خاص بالجرائم المعلوماتية، ويقضي“بتشديد العقوبات المتعلقة بالنشر عبر الوسائل الإلكترونية، ويجرّم بالحبس والتغريم المالي كل من ينشر محتوى رقميا على الشبكة بقصد قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة، أو النيل من هيبة الدولة والمساس بالوحدة الوطنية“.

عقوبات قد تصل للسجن 15 عاما

وبحسب نص القرار الذي نشرته وكالة “سانا” يوم أمس فإن القانون (رقم 20 للعام 2022) يقضي بإعادة تنظيم القواعد القانونية الجزائية للجريمة المعلوماتية التي تضمنها المرسوم التشريعي (رقم 17 للعام 2012)، ويهدف إلى مكافحة الجريمة المعلوماتية بما يتوافق مع التطور التقني الحاصل وارتفاع نسبة انتشارها في المجتمع، وحماية للمصالح القانونية وتنظيم الحريات في العالم الافتراضي والحد من إساءة استعمال الوسائل التقنية.

وتتراوح العقوبات التي نص عليها القانون الجديد، بين الغرامات المالية والسجن، فتصل إلى السجن من شهر إلى السجن 15 سنة، وتتراوح الغرامات المالية عن العقوبات السابقة ما بين 200 ألف إلى 15 مليون ليرة سورية.

قد يهمك: بعد قتل زوجها.. سوريّة تقتل نفسها في لبنان

ونصت المادة (27) من القانون الجديد على العقاب بـ“الاعتقال المؤقت من 7 إلى 15 سنة وغرامة من 10 إلى 15 مليون ليرة، بحق كل من أنشأ أو أدار موقعا إلكترونيا أو صفحة إلكترونية أو نشر محتوى رقميا على الشبكة بقصد إثارة أفعال تهدف أو تدعو إلى تغيير الدستور بطرق غير مشروعة، أو سلخ جزء من الأرض السورية عن سيادة الدولة، أو إثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة بموجب الدستور أو منعها من ممارسة وظائفها المستمدة من الدستور، أو قلب أو تغيير نظام الحكم في الدولة“.

وتضمّنت المادة (28) من ذات القانون أنه “يعاقب بالسجن المؤقت من 3 إلى 5 سنوات وغرامة من 5 إلى 10 ملايين ليرة، كل من قام بإحدى وسائل تقانة المعلومات بنشر أخبار كاذبة على الشبكة من شأنها النيل من هيبة الدولة أو المساس بالوحدة الوطنية“.

وبحسب المادة (29)، فإنه “يعاقب بالسجن المؤقت من 4 إلى 15 سنة وغرامة من 5 إلى 10 ملايين ليرة، كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو صفحة إلكترونية أو نشر محتوى رقمياً على الشبكة بقصد إحداث التدني أو عدم الاستقرار أو زعزعة الثقة في أوراق النقد الوطنية أو أسعار صرفها المحددة في النشرات الرسمية“.

مخالفة للدستور السوري

ويرى المحامي حسان الأسود أن القانون الجديد، هو شكل من أشكال الملاحقة القانونية، ووضع العقبات في وجه أي انتقاد لسياسات الحكومة الفاشلة، في ظل تصاعد وتيرة الانتقادات لقرارات الحكومة مؤخرا.

وحول دستورية هذا القانون يقول الأسود في حديثه لـ“الحل نت“: “يعتبر هذا القانون من وجهة نظر دستورية، مخالفا للدستور السوري، باعتباره يخالف المواد الصريحة في الدستور، الذي وضعه النظام عام 2012، والذي تنص على حرية الاعتقاد وحرية التعبير والرأي“.

ويضيف “هذه القوانين تستهدف الحاضنة الشعبية للنظام بالدرجة الأولى.. النظام يهدد بالاعتقال لفترات طويلة والغرامات الهائلة. الهدف هو كم الأفواه ومنع السوريين من انتقاد أفعال السلطة، اللا قانونية واللا إنسانية“.

ويؤكد المحامي السوري أن القانون الجديد، يخالف أيضا القوانين الدولية، “وذلك أنه يمنع الناس من التعبير عن آرائها، يخالف المواثيق الدولية والمنظومة الدولية، ومجموع المعاهدات الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان“.

ومن خلال توسيع سيطرته على وسائل التواصل الاجتماعي، سيمنح القانون الجديد أساسا قانونيا للإجراءات المعمول بها بالفعل لإسكات المعارضة ضد التضخم المتزايد، وانخفاض قيمة العملة المحلية، وزيادة الفقر، بالإضافة إلى السوريين الذين يستخدمون أسماء مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي لتجنب تحديد الهوية.

فرع مكافحة الجرائم الإلكترونية

وكانت الحكومة السوريّة هددت في وقت سابق بسجن روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، بتهمة “إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصريّة أو المذهبية“، وذلك عبر التذكير بقانون العقوبات الإلكترونيّة الذي أقرته السلطات لأول مرة في آذار/مارس في العام 2019، وخضع لعدة تعديلات فيما بعد.

من جانبه قال رئيس لجنة الإعلام والاتصالات في مجلس الشعب آلان بكر، إن العمل على القانون الخاص بالجريمة المعلوماتية جرى من قبل فريق حكومي لمدة عام، حيث قُدّم من قبل وزارة الاتصالات بالتعاون مع وزارتي العدل والداخلية والجهات المعنية الأخرى، ثم أُرسل لمجلس الشعب، وتم تشكيل لجنة مشتركة لدراسته.

واعتبر بكر في تصريحات لإذاعة “شام إف إم” المحلية، يوم أمس الاثنين، أن القانون يجرم نشر ومشاركة منشور أو عبارات تمس الوحدة الوطنية وتحض على الكراهية والتفرقة بكل المجالات ومنها الرياضي، ويُعاقب صاحب المنشور وكل من يعلق عليه ويتداوله على منصات التواصل الاجتماعي كافة “فيسبوك، تيليغرام، واتساب“.

مبينا أن المس بهيبة الدولة هي حالة غير قابلة للقياس، لكنها لا تعني حماية وزير أو أي مسؤول.

وكان الأسد قد أصدر في 29 من مارس/ آذار الماضي، قانونا تضمن تعديلات على أحكام قانون العقوبات العام، بما فيها عقوبة “الأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة“.

وتضمن القانون الجديد موادا حول ملاحقة ومعاقبة من ينشرون “أخبارا كاذبة” تمس بـ “الهوية الوطنية“، وتدعو إلى تقسيم سوريا وإيقاظ النعرات الطائفية، حسبما ورد فيه.

وجاء في نص القانون “من قام في سورية، في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها، بدعوات ترمي إلى المساس بالهوية الوطنية أو القومية أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية عوقب بالاعتقال المؤقت“.

وأضاف “يستحق العقوبة نفسها من نقل في سورية، في الأحوال عينها، أنباء يعرف أنها كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها بث اليأس أو الضعف بين أبناء المجتمع. وإذا كان الفاعل يحسب هذه الأنباء صحيحة فعقوبته الحبس ثلاثة أشهر على الأقل“.

اقرأ أيضا: خناقة عالهوا واتهامات بـ”التشبيح” بين فؤاد حميرة ومنتج “كسر عضم”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.