في يوم العمال العالمي، الذي يصادف الأول من أيار/مايو من كل عام، وبينما يتمتع العمال بحقوق وأجور معقولة في معظم الدول المتقدمة، تنسى العديد من دول العالم الثالث حقوق العمال الذين يشكلون الجزء الأهم في المجتمعات، ومن أبرز هذه الدول، سوريا التي لم تستطع حتى الآن تنمية وبناء جزء صغير من اقتصادها وتحسين الواقع المعيشي في سوريا وخاصة الفئة الضعيفة ومن بينهم العمال.

لا تدعم حكومة دمشق قطاع العمال؛ خاصة من ناحية التأمينات، وهضم الحقوق سواء عبر غياب القانون، أو عدم وجود دور فاعل لنقابة العمال، إضافة إلى تدني مستوى الأجور، فضلا عن عدم إنصافهم كليا من جانب الحكومة والقطاع الخاص، وسط هيمنة رؤوس الأموال والفساد على الفئة المهمشة في هذه البلاد.

70 ألف عائلة مصيرها معلق!

صحيفة “الوطن” المحلية، ذكرت، اليوم الأحد، نقلا عن رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، جمال القادري، خلال جلسة الحكومة مع أعضاء المجلس المركزي للاتحاد العام لنقابات العمال، أن “أغلب المطالب العمالية تتعلق بضرورة تحسين الواقع المعيشي، مع تفهمنا للأعباء التي تتحملها الخزينة، لكن أصبح واقع العاملين في القطاعين العام والخاص صعبا جدا”.

وأضاف القادري خلال الجلسة، أن معادلة توازن الدخل والإنفاق أصبحت مستحيلة، نتيجة عجز الجميع عن ضبط الأسعار.
ولفت القادري إلى أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم، صرح أنه “ليس من مهمة الوزارة خفض الأسعار إنما فقط توفير المواد في السوق”، وهذا غير صحيح لأنه يجب العودة إلى التسعير الجبري للمنتجات والمستوردات، بهدف تحسين الأسعار وبالتالي الواقع المعيشي نوعا ما في البلاد، وفق القادري.

وأكد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، على أن هناك أكثر من 70 ألف عامل وخلفهم 70 ألف عائلة مازالوا غير مستقرين (غير مثبتين في وظائفهم) وهم قلقون على حياتهم الوظيفية، رغم وجودهم في الوظيفة منذ 10 سنوات، وعملية تثبيتهم لن تكلف خزينة الدولة أي أعباء، بحسب قوله.

من جانبه، قال رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، أن الحكومة تتأثر بما يجري في البلاد من أعباء معيشية، ولكن الحكومة في الوقت ذاته محملة في إدارة موارد البلاد بشكل عقلاني، في ظل الحرب في البلاد، وفق زعمه.

وزعم رئيس مجلس الوزراء أن الحكومة مستمرة في تحسين الدخل للعمال من خلال تطوير نظام الحوافز والتعويضات وربط الأجر بالإنتاج، ووضع أسس واضحة لمنح الحوافز، لكن لا وجود لأي تطبيق فعّلي لهذا الكلام على أرض الواقع.

قد يهمك: “الدراجات النارية” وسيلة نقل طلاب الجامعات في سوريا

أوضاع العمال في سوريا

في السياق ذاته، طالب رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال، تشميل جميع عمال الإطفاء بقانون المهن الخطرة والشاقة وزيادة طبيعة العمل لهم لأنها اليوم لا تتجاوز 5 بالمئة.

كما ودعا إلى ضرورة الإسراع بتسديد ديون مؤسسة الرعاية الصحية العمالية المترتبة على الوحدات الإدارية، والإسراع في إقرار التأمين الصحي للمتقاعدين.

بدوره، قال وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سيف الدين، أن الجمعيات الاستهلاكية مشمولة بقانون العمل 17 وبالتالي لا يطبق على العاملين فيها قانون العاملين الأساسي ولا يستفيدون من زيادات الرواتب والمنح التي تقدمها الدولة.

مطلع شهر آذار/مارس، اندلع حريق في مول “لاميرادا” بشارع الحمرا في العاصمة دمشق. وقضى ما لا يقل عن 11 شخصا، وأصيب آخرون بحروق مختلفة، إثر ذلك.

وفي ذلك الوقت، نفى مصدر في المؤسسة السورية للتأمين وجود عقد تأمين ضد الحريق خاص بمول “لاميرادا”، وأنه تم مراجعة المؤسسة قبل سنوات من وكيل تأمين لإبرام عقد تأمين على المول وتم تقديم عرض تأمين له دون أن يبادر لإبرام عقد تأمين، وفق صحيفة “الوطن” المحلية وقتذاك.

وأضاف، مدير عام هيئة الإشراف على التأمين، رافد محمد، في حديثه للصحيفة المحلية، “أن بيانات قطاع التأمين تظهر تدني حصة التأمين ضد الحريق من إجمالي محفظة التأمين وأنه رغم تنامي عدد المطالبات في قطاع التأمين ضد الحريق العام الماضي، وكانت بحدود ملياري ليرة سورية مقارنة مع العام الذي سبقه إلا أن هذا النوع من التأمين مازال ضعيفا.

وأشار إلى أن العديد من شركات التأمين تأثرت بالعقوبات الاقتصادية المطبقة على البلد وتراجع النشاط الاقتصادي خلال الفترة الماضية.

ولم يشر المسؤول الحكومي إلى حقوق العمال والتأمينات الاجتماعية لهم في حالة إصابتهم أو وفاتهم، أي كل ما يتعلق بمسألة السلامة المهنية، أو إذا تم اتخاذ إجراءات فيما يتعلق بالتعويضات أو التأمينات لعوائل الضحايا الـ 11 في مول “لاميرادا”.

وبحسب أحد الموظفين العاملين في المؤسسة السورية للتأمين، الذي تحدث وقتذاك لموقع “الحل نت”، والذي فضل عدم ذكر اسمه، فإن “ما يقارب من 95 بالمئة من أرباب العمل في القطاع الخاص لا يسجلون عمالهم، وذلك للتحايل والتهرب من مسؤولية دفع حقوق العامل في حال من إصابته أو وفاته”.

وأضاف لـ “الحل نت”: “في سوريا لا يوجد حد أدنى للمعايير المهنية للعمال، معايير تحترم شروط السلامة وتضمن حقوق العمال”، في إشارة إلى كمية الفساد والمحسوبية المنتشر في منظومة المؤسسات الحكومية.

عيد العمال

يعود أصل عيد العمال إلى الحركة النقابية في الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر في عام 1889، حيث تبنى المؤتمر الاشتراكي الدولي قرارا لمظاهرة دولية كبيرة طالبوا فيها بعدم إجبار العمال على العمل لأكثر من 8 ساعات في اليوم، وفق تقارير صحفية.

ومن ثم أصبح هذا اليوم حدثا سنويا وتم الاحتفال في الأول من أيار/مايو بعيد العمال. وتم الاحتفال بعيد العمال لأول مرة في الأول من أيار/مايو عام 1890، بعد إعلانه من قبل المؤتمر الدولي الأول للأحزاب الاشتراكية في أوروبا في 14 تموز/يوليو 1889.

معدلات البطالة

وفي اليوم العالمي للعمال، أصدرت المنظمات الأممية والحقوقية مشكلة البطالة على مستوى الدول كافة، إذ تشير تقديرات منظمة العمل الدولية أن من المتوقع أن تصل البطالة العالمية إلى 205 ملايين شخص في عام 2022.
ويبلغ إجمالي قوة العمل حول العالم بنحو 3.4 مليار نسمة، أي أن نسبة البطالة عالميا قد تبلغ بحلول نهاية العام الجاري 6 بالمئة، من متوسط 5.5 بالمئة في عام 2019.

وفي حال تحقق توقعات منظمة العمل الدولية فإن الرقم سيتجاوز بشكل كبير مستوى 187 مليونا المسجل فعليا في عام 2019.

أما بالنسبة لسوريا، فلا توجد أرقام دقيقة حول معدل البطالة في سوريا، لكن معظمها يتقاطع حول فكرة ارتفاعها بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية نتيجة الحرب السورية التي ألقت بظلالها على مختلف جوانب الحياة، لا سيما الجانب الاقتصادي، حيث وصلت أوضاع البلاد إلى مستويات متدنية، لدرجة أن أكثر من 83 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر وفق تقارير أممية، الأمر الذي خلق صورة غامضة وسوداء لمستقبل جيل بأكمله ينتظر فرص العمل أو ربما المجهول.

هذا وقد شهدت الأسواق خلال الفترة الأخيرة حالة غير مسبوقة من الركود وانخفاض مستويات الأجور مقارنة بمتطلبات المعيشة وارتفاع الأسعار، وهذا ما يدفع السوريين إلى البحث عن فرص عمل تتناسب مع الواقع المعيشي في سوريا بحيث يوفر لهم ولأسرهم الاحتياجات الأساسية، لكن فرص العمل الجيدة في سوريا باتت شبه مستحيلة، خاصة وأن قيمة الليرة السورية تتراجع يوما بعد يوم.

وقد ارتفعت نسب البطالة خلال السنوات الماضية إلى مستويات قياسية وصلت 48.5 بالمئة عام 2015 لتنخفض بعدها، لكن مع بقائها عالية تزيد على 31 عام 2019 و الرقم الوحيد الذي حصلنا عليه من المكتب المركزي للإحصاء أن النسبة حاليا تزيد قليلا على 21 بالمئة بعد تواصلنا معه لمعرفة تركيبة هذه النسبة حسب مستويات التعليم لكن لم نحصل على الأرقام، وفقا لموقع “هاشتاغ” المحلي، في تقرير نشره قبل أسابيع.

أما صحيفة “البعث” المحلية، فقد نشرت قبل نحو شهر ونصف، تقريرا تقول فيه، أن نسبة البطالة في سوريا ارتفعت من 8 بالمئة في عام 2011، إلى 56 بالمئة في عام 2013، وبالرغم من عدم وجود إحصائيات رسمية لنسب البطالة خلال السنتين الأخيرتين لكنها بكل تأكيد تفوق الـ 60 بالمئة بحسب آراء عدد من المختصين خصوصا بين الخريجين في الجامعات والمعاهد التقانية، مؤكدين أن العاطلين عن العمل هم من خيرة الكفاءات والخبرات القادرة على إيجاد المخارج والحلول لمشاكلنا والسير وإن كان ببطء نحو تحقيق الأهداف.

قد يهمك: سوريون في تركيا ضحايا التزوير و”موظفين حكوميين” بين المتورطين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.