بغية تحسين الأوضاع الاقتصادية في الشمال السوري، أعلنت الإدارة الأميركية استثناءها الخاص بشأن إعفاء بعض مناطق الشمال السوري من العقوبات المفروضة على سوريا ضمن إطار عقوبات قانون “قيصر”.

مشاريع لدعم الاستقرار

وزارة الخزانة الأميركية، أعلنت مساء يوم أمس الخميس، عن إصدار ترخيص عام يمنح المناطق شمالي سوريا غير الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق استثناءات من عقوبات “قيصر” في مجموعة من القطاعات ما عدا مناطق إدلب وعفرين.

وبحسب بيان الخزانة الأميركية فإن الاستثناء يغطي مناطق شمال شرق وشمال غرب سوريا باستثناء مناطق عفرين وإدلب. حيث يشمل قطاعات الزراعة والاتصالات والبنية التحتية للكهرباء والتمويل والطاقة النظيفة والنقل والتخزين وإدارة المياه والنفايات والخدمات الصحية والتعليم والتصنيع والتجارة، بينما يستثني القرار التعاملات المتعلقة بالنفط.

كما يذكر النص الأصلي للقرار في صفحة وزارة الخزانة الأميركية، أن القرار سيستثني أي منطقة أو كيان مرتبط بالجماعات المتعلقة بالمنظمات المحددة كجماعات إرهابية في الولايات المتحدة بما في ذلك “حماس” و “حزب الله” و”الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”.

وأعلن مصدر أميركي رفيع المستوى، يوم الخميس، بأن “واشنطن تعتقد بوجود مجموعة من الشركات الراغبة في الاستثمار في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة السورية بما في ذلك شركات تابعة لدول جارة لسوريا”.

وأضاف المسؤول: “لن يحصل (النظام السوري) على استثناء من العقوبات حتى يسمح بشكل نشط للعملية السياسية بالمضي قدما”.

وفي هذا الصدد، يقول حسن الشاغل، الخبير الاقتصادي السوري، لـ”الحل نت”، “أعتقد أنه ستكون هناك استثمارات أجنبية لهذه المناطق المعفاة، خاصة المناطق الشمالية الشرقية، ومن أحد السيناريوهات سيكون هناك بعض الشركات الأجنبية التي ستدفعها الإدارة الأمريكية للعمل في منطقة شرق نهر الفرات، بهدف التنمية والاستقرار أكثر”.

بداية المشاريع

قرار الإعفاء هذا، جاء بعد ساعات من إعلان القائمة بأعمال مساعدة وزير الخارجية الأميركية في مراكش فيكتوريا نولاند، خلال اجتماع للتحالف الدولي ضد تنظيم “داعش”، أن واشنطن تعتزم إصدار رخصة عامة تحرر الشركات من قيود العقوبات، وفق وكالة “رويترز“ قبل يومين.

وبالعودة إلى الخبير الاقتصادي حسن الشاغل الذي أردف في حديثه لـ “الحل نت”، “في الفترة الحالية بالتأكيد لن تكون هناك مشاريع واستثمارات ضخمة (إعادة إعمار مثلا) في المنطقة، ولكن ستكون هناك مشاريع صغيرة في البداية، والأرجح أن هذه المشاريع الصغيرة ستسمح للشركات الإقليمية بالعمل في المنطقة”.

وفي تقدير الخبير الاقتصادي، أن “السيناريو الأكثر احتمالا إذا دخلت الشركات الأجنبية حاليا في المنطقة الشمالية الشرقية السورية، فسيكون لشركات مختصة بترميم وإعادة بناء وتجهيز “حقول النفط والطاقة” بشكل عام، بسبب تهالك هذا القطاع جراء الحرب، وذلك للإنتاج المحلي حاليا، ومن المحتمل أيضا أن تدخل شركات أجنبية أخرى على سبيل المثال المتخصصة بالقطاع الزراعي”، على حد قوله.

كما أشار مصدر خاص مقرب من الإدارة الذاتية إلى أن “هذا الإعفاء من شأنه أن يرقى إلى مستوى تقديم المساعدة للمنطقة الشمالية الشرقية، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وعواقبه الاقتصادية عموما”.

وأضافت المصادر الخاصة نفسها لموقع “الحل نت”، أن “هذا القرار يهدف إلى إنعاش الاقتصاد بشكل عام لسكان المنطقة”.

وبهذا رجحت المصادر أن “تجد واشنطن مبررا لدعم المنطقة دون الإحراج من تركيا بشكل علني”، ووفق ما ترجم موقع “الحل نت”، عن تقرير للخارجية الأميركية، منتصف آذار/مارس الفائت، التي أفادت، بأن اجتماع الوفد الأمريكي الأخير مع “قسد” جاء “لمناقشة الاستقرار الإقليمي والعلاقات الكردية-الكردية الداخلية، والأوضاع الاقتصادية والقتال المستمر ضد “داعش”.

كما تركزت مناقشات الاجتماع وفق الإعلان الرسمي، على الاستقرار في مناطق شمال شرقي سوريا، لتتضمن معالجة الأوضاع الاقتصادية المتفاقمة، وزيادة وصول المساعدات الإنسانية، وتحسين ظروف اللاجئين والنازحين.

قد يهمك: ما أسباب رفع واشنطن للعقوبات عن الشمال السوري؟

هل من دعم للبنى التحتية؟

في سياق دعم هذا القرار للبنى التحتية، يرى الباحث الاقتصادي خورشيد عليكا، في تصريح لموقع “الحل نت” اليوم الجمعة، أنه من الصعب جدا التكهن بآثار قريبة ومباشرة لهذا الاستثمار لأن “المنطقة تعاني من الجفاف وتراجع كبير في القطاع الزراعي وتوقف شبه كامل لعجلة الإنتاج، والبنية التحتية شبه مدمرة. وتشمل الاستثناءات قطاعات عدة، من بينها الزراعي ومشاريع الري وبالتالي تحقيق الأمن الغذائي وحماية الثروة الحيوانية مع ضخ الاستثمارات والتمويل في المنطقة، حسب الباحث الاقتصادي”.

ووفق تقدير الباحث الاقتصادي، عليكا، فإن “هذه الاستثناءات تؤدي بالنتيجة إلى البدء بمشاريع دعم البنية التحتية وخاصة مشاريع الكهرباء التي تحتاج إلى تمويل واستثمار بأموال ضخمة من أجل تحقيق توفير الكهرباء للمستثمرين وللشعب”.

كما ستوفر الاستثمارات في المنطقة، إيجاد فرص عمل لعشرات الآلاف في العديد من القطاعات الاقتصادية، وبالتالي تقليل من معدلات البطالة وزيادة دخل العاملين لتأمين مستوى حياة كريمة، على حد وصف عليكا.

وشدد الباحث الاقتصادي على ضرورة دور الولايات المتحدة الأميركية والتحالف الدولي لمحاربة “داعش” في الحفاظ على استقرار المنطقة اقتصاديا من خلال توفير بيئة آمنة بمنع اعتداءات تركيا وخلايا “داعش” على شمال وشرق سوريا.

قد يهمك: إعفاء مناطق “الإدارة الذاتية” من عقوبات “قيصر” يفتح الأبواب أمام مشاريع استثمارية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة