عدة مصادر أفادت مؤخرا بقرب إعلان “البيت الأبيض” إعفاء مناطق شمال شرق سوريا وشمال غرب سوريا، الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وفصائل المعارضة السورية، من العقوبات المفروض على سوريا (مناطق سيطرة حكومة دمشق)، دون أن يشمل ذلك الإعفاء مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” التي يتزعمها أبو محمد الجولاني.

الإعفاء من قانون “قيصر” في الشمال السوري

وقالت مصادر صحفية خلال اليومين الماضيين نقلا عن معلومات وردت من واشنطن، إن مكتب “مراقبة الأصول الأجنبية” تنازل عن جميع العقوبات عن المناطق الخارجة عن سيطرة حكومة دمشق، ولكن لن يشمل مجال النفط والغاز، أي أن هذه المناطق ستتمكن من الاستفادة من التعاملات والشركات التجارية مع كيانات ودول خارجية، دون أن تشمل هذه الاستثناءات منطقة إدلب الواقعة تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام”، المدرجة على قائمة المنظمات الإرهابية في وزارة الخارجية الأميركية.

وبينت المصادر أن الإعفاءات من قانون “قيصر” لحماية المدنيين السوريين سيتم نقلها رسميا من قبل نائب مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، إيثان جولدريتش، الذي يغطي الملف السوري.

وإضافة إلى منطقة إدلب، فإن منطقة عفرين، الجيب ذي الأغلبية الكردية التي غزتها القوات التركية واحتلتها في كانون الثاني/يناير 2018، غير مشمولة أيضا بالاستثناءات بحسب موقع “المونيتور” الأميركي.

وضمن هذا الإطار، يقول الباحث السياسي، زارا صالح، “الإدارة الأمريكية تتجه إلى رفع العقوبات نحو مناطق شمال شرقي سوريا وبعض مناطق الشمالية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة.

وكان من المفترض أن تتم هذه الإجراءات قبل أشهر، وأعتقد أن التطورات في أوكرانيا والصراع الروسي الغربي والأمريكي قد سرّع في تنفيذ هذا القرار، لأن الساحة السورية ستكون أيضا ساحة صراع بين هذه القوى”، وأشار صالح خلال حديثه لـ”الحل نت”، إلى أن “هذا القرار ضغط على الحكومة السورية من جهة أخرى”.

وأردف حول التبعات المتوقعة لهذا القرار على الصعيد الاقتصادي، “في تقديري، أجد أن هذه الخطوة أيضا هي بديل عن الفيتو الروسي-الصيني، لإدخال المساعدات العابرة للحدود إلى هذه المناطق”.

 وأوضح الباحث السياسي، حول كيفية تحسين واقع المناطق المستثناة من العقوبات وإذا ما ستدخل في مرحلة تطور وإنماء أكثر من ذي قبل، “بالتأكيد سيكون لهذا القرار أثر إيجابي على الوضع الاقتصادي والوضع المعيشي إلى حد ما، ولكن ليس بهذا الزخم الكبير، حيث أن حقول النفط والغاز مستثناة من رفع العقوبات، وكما نعلم أن هذه المناطق هي شبه محاصرة، وستتخذ الإدارة الأميركية هذه الخطوة لتقديم بعض المساعدة”.

وأضاف صالح، “تعاني مناطق شمال شرقي سوريا من حصار وأزمات اقتصادية، وسيساعد رفع هذه العقوبات إلى حد ما في إنعاش الاقتصاد والتجارة وأمور الاستيراد وما إلى هناك، لكنني لا أعتقد أنها ستكون بمثابة تنمية اقتصادية مفصلية، خاصة وأن المنطقة تعاني من أزمة اقتصادية حادة”.

القرار الأميركي المحتمل، يأتي من ناحية أخرى ضمن إطار معنوي وسياسي، وفق تقدير صالح، خاصة بعد التصعيد الروسي ضد أوكرانيا، “سيكون هذا محور المرحلة المقبلة، وستكون الساحة السورية إحدى ساحات الضغط والصراع بين القوى الكبرى. وقد تستفيد مناطق شمال شرقي سوريا من هذا الأمر بحكم محاولة الإدارة الأمريكية الضغط على مناطق حكومة دمشق، وسيؤثر ذلك بشكل إيجابي على مناطق الإدارة الذاتية”، وفق تعبير الباحث السياسي لموقع “الحل نت”.

وخلص حديثه بالقول إلى أن “هذه الخطوة هي تأكيد على الوجود الأمريكي القوي في مناطق شمال شرقي سوريا، وهذه رسالة واضحة للجانب الروسي وحكومة دمشق، وهي الخضوع لقانون العقوبات والالتزام بالقرار الدولي 2254، الذي يفضي إلى وضع حل سياسي شامل في سوريا، وهذا بالتأكيد سيكون له تأثير إيجابي في المناطق الشمالية الشرقية في المستقبل”.

يذكر أن “قانون قيصر” دخل حيز التنفيذ في حزيران/يونيو من العام 2020، وفرض عقوبات موسعة على حكومة دمشق، بالإضافة إلى المؤسسات والكيانات التي تسهل العمليات والتحويلات المالية للمؤسسات المدرجة في قائمة العقوبات، خاصة في مجال الطاقة.

وبموجب عقوبات “قانون قيصر”، بات أي شخص يتعامل مع الحكومة السورية معرضا للقيود المفروضة على السفر أو العقوبات المالية بغض النظر عن مكانه في العالم.

قد يهمك: اجتماع واشنطن: ترحيب دولي بسياسة جديدة في سوريا؟

“إغاثة اقتصادية”

وكان مظلوم عبدي، قائد “قسد”، شدد في مقابلة سابقة مع “المونيتور” في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، على أن انتشار الفقر ونقص فرص العمل، بالإضافة إلى حدوث أسوأ موجة جفاف تشهدها البلاد منذ سبعة عقود، تخلق تربة خصبة لتجنيد تنظيم “داعش”.وبحسب المصادر المطلعة على القرار الأميركي المحتمل فإن الغرض المباشر من الإعفاء هو “الإغاثة الاقتصادية”.

وأشار موقع “المونيتور”، إلى أن الدبلوماسي الأميركي غولدريتش اجتمع، يوم الاثنين، مع نظيره التركي، سلجوق أونال، قبل سفره إلى أربيل في إقليم كردستان العراق، ومن المتوقع أن يتوجه بعد ذلك إلى شمال شرقي سوريا، حيث من المقرر أن يلتقي مع قائد “قسد”، مظلوم عبدي، والرئيسة التنفيذية لـ “مجلس سوريا الديمقراطية”، إلهام أحمد.

وبالنسبة للسنة المالية 2022، طلبت وزارة الخارجية الأمريكية 125 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار لسوريا. فيما لا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا المبلغ سيرتفع أم لا.قانون دارفور للسلام
ويلاحظ الخبراء، أن هناك سابقة لاقتطاع منطقة من برنامج عقوبات أوسع كما شهدته السودان.

بموجب قانون دارفور للسلام والمساءلة لعام 2006 والأمر التنفيذي المصاحب له، حيث فرضت الولايات المتحدة قيودا على السودان لكنها استبعدت جنوب السودان من العقوبات، مما سمح بمعاملات الطاقة مع جنوب السودان “شريطة ألا تنضوي الأنشطة أو المعاملات على أي ممتلكات أو مصالح في ممتلكات حكومة السودان”.

يتذكر إدواردو سارافالي، خبير قانون العقوبات في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا في نيويورك، بأن “السيناريو الأكثر شيوعا هو العكس، حيث يتم فرض عقوبات على منطقة انفصالية بينما لا يتم فرض عقوبات على البلد، كما يحدث الآن في أوكرانيا مع الجمهوريات الانفصالية في دونباس”.ويتوقع سارافال وفق ما نقل عنه موقع “المونيتور” أن القطاع الخاص “سيواصل توخي الحذر الشديد عند التعامل مع أي شيء يتعلق بسوريا، حتى مع استثناء منطقة واحدة، وسيتجنب فعل أي شيء يمكن أن يورطه في انتهاك برنامج العقوبات الشامل”.

وأضاف سارافالي، أن “مثل هذا الإعفاء يمكن أن يساعد في تحسين إيصال المساعدات الإنسانية، وتقليل الخسائر الاقتصادية في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية”.

قد يهمك: 4 سيناريوهات للغزو الروسي على أوكرانيا.. هذه أبرز التأثيرات الاقتصادية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.