باتت خسائر الصناعة السورية من أهم القضايا التي تشغل الاقتصاديين، في وقت يتحدث فيه كثير من المراقبين عن تراجع الإنتاج المحلي وضعف كبير في الصادرات في سوريا جراء القرارات الحكومية الغير صائبة وغياب الدعم الحكومي لهذا القطاع.

وضمن هذا الإطار، يرى الصناعيون أن قرار حكومة دمشق الأخير برفع أسعار المحروقات سيؤدي حتما إلى ارتفاع الأسعار وبالتالي إعاقة تصدير المنتجات الصناعية، وهذا حتما سيضر باقتصاد البلاد عموما ومن الممكن أن تشهد سوريا هجرة جديدة لما تبقى من الصناعيين والحرفيين.

دمشق تعرقل التصدير

في سياق قرار حكومة دمشق الأخير برفع أسعار مادتي البنزين والمازوت، غير المدعومين، والتي بررت ذلك بالقول إن ارتفاع أسعار النفط ارتفاع عالمي، اعتبر عضو غرفة صناعة دمشق وريفها الحكومية، أسامة زيود، أن “رفع سعر المازوت الصناعي إلى 2500 ليرة سورية سيعيق معظم المنتجات الصناعية السورية من التواجد في الأسواق العالمية نتيجة فقدانها القدرة على المنافسة السعرية، ما سيؤدي إلى تراجع التصدير”.

وأردف زيود لموقع “الاقتصادي” المحلي، إن قرار رفع سعر المازوت بنسبة 47 بالمئة سيؤدي مباشرة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج بذات النسبة وهذا سيضاف على سعر المنتج سواء كان مخصصا للسوق المحلي أو الخارجي”.

ونوّه عضو غرفة الصناعة السورية، إلى أنه “في ظل وجود منافس كتركيا على مختلف المجالات الصناعية وأهمها النسيجية فإن سوريا لن تتمكن حتى من البقاء في أسواقها الخارجية التي تصدر لها”.

وأوضح زيود أن “الفرق بين تكاليف الإنتاج في سوريا وتركيا على سبيل المثال شاسع يصل إلى 2 دولار بسعر المنتج”، مشيرا إلى أن “سوق العراق مثلا سيتوجه إلى المنشأ التركي لأنه أصبح أرخص من السوري، فضلا عن أنه أفضل على مستوى الجودة نتيجة تراجع جودة الخيط السوري مؤخرا”.

يذكر أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، في 17 أيار/مايو الجاري، رفعت أسعار مادتي البنزين والمازوت، وقالت الوزارة السورية في بيان نشرته وقتذاك، إن سعر مادة البنزين (أوكتان 90) الجديد هو 3500 ليرة سورية للتر الواحد، بعد أن كان بـ2500، في حين ارتفع سعر البنزين (أوكتان 95) من 3500 إلى 4000 ليرة.

أما سعر مادة المازوت الصناعي والتجاري فارتفع بحسب بيان الوزارة، من 1700 إلى 2500 ليرة للتر الواحد.

وجاء في بيان الوزارة: “الارتفاع جاء بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المشتقات النفطية عالميا، ومنعا من استغلال السوق السوداء نتيجة الفرق الكبير بأسعار المشتقات النفطية“، وفق زعمها.

قد يهمك: موظفون في حلب لم يتقاضوا منحة حتى الآن.. ما علاقة الكهرباء؟

ضعف في التصدير

ويؤكد أنس صفّاف وهو تاجر يعمل في مدينة حلب، أن ارتفاع سعر أي من المشتقات النفطية، سينعكس فورا على أسعار كافة السلع في سوريا، وذلك لأن البنزين يتعلق بمسألة رئيسية، وهي النقل وكلفته والتي تدخل في تكلفة المواد التي تنقل للمستهلك النهائي، بمعنى ارتفاع سعره يؤدي إلى زيادة تكلفة السلع.

ويقول صفاف في تصريح سابق لموقع “الحل نت“: “الكثير من المنتجين أصبحوا يعتمدون على المولدات الكهربائية، في ظل أزمة الكهرباء، وبالتالي فإن رفع أسعار البنزين أو المازوت سيؤدي بالتأكيد إلى ارتفاع التكاليف، التي سيتم تحصيلها من المستهلك“.

والجدير ذكره، أن الدول التي تتصدر قائمة المستوردين من سوريا هي العراق والمملكة العربية السعودية. بحسب البيانات التي أفصحت عنها وزارة الاقتصاد. فيما تعد الأسواق الخليجية أحد أماكن تصريف المنتجات السورية. خصوصا المواد الغذائية والألبسة، في ظل غياب قدرة الحكومة على تشغيل عملية الاستيراد والتصدير بشكلها السابق.

وتدخل الشاحنات السورية محملة بالبضائع السورية من خضار وفواكه وسلع أخرى إلى الأسواق المحلية السعودية. وتتوفر بشكل “شبه دائم” فيها، بينما يعاني مواطنون سوريون في مختلف المدن والمناطق السورية من أوضاع معيشية واقتصادية صعبة، ومن نقص الأمن الغذائي.

وأوضح تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية السورية، العام الفائت أن إجمالي عدد الدول، التي جرى تصدير السلع السورية إليها وصل إلى 110 دول.

وأشار التقرير إلى أن إجمالي الصادرات السورية لعام 2021 بلغ نحو 287 مليون يورو، وهو ما يشكل نسبة 72 بالمئة من إجمالي الصادرات للعام الفائت، وهذه القيمة تعتبر ضئيلة مقارنة بقيمة صادرات الدول الأخرى، وبالتالي فإن واقع التصدير في سوريا متواضعا جدا وحجم الإنتاج الصناعي ضعيف بالاستناد إلى الوقائع المذكورة، وإذا لم تقدم الحكومة السورية الدعم للقطاع الصناعي فإن التصدير سيواجه عدة عوائق وسيتراجع نسبته أكثر فأكثر.

قد يهمك: سوريا.. تأجير بطاقات البنزين المدعوم بـ400 ألف ليرة شهريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.