مع احتدام الصراع في أوكرانيا بعد الغزو الروسي، تجد موسكو وأنقرة نفسيهما مرة أخرى على طرفي نقيض في حرب جيوسياسية إقليمية، ومع انتشار أنباء نقل موسكو لمقاتلين سوريين لدعم معاركها في كييف، قد يكون مصير إدلب مرتبطا بمعارك في أماكن أخرى حيث من المحتمل أن تسعى موسكو لفتح جبهة أخرى ضد أنقرة.

هل التصعيد في إدلب يلوح في الأفق؟

بعد فترة من الهدوء النسبي في الشمال الغربي من سوريا، حيث لم تتغير الخطوط الأمامية في الأشهر الستة الماضية، كشف مصدر عسكري مطلع على تحركات القوات الحكومية السورية لـ”الحل نت”، عن مخطط روسي لخرق المذكرة التي وقعتها موسكو مع تركيا في الـ 5 من آذار/ مارس 2020، لإرساء تهدئة طويلة الأمد مقارنة مع جميع التفاهمات الدولية السابقة التي تعثرت في التوصّل إلى تهدئة مماثلة.

المصدر أكد لـ”الحل نت”، إبلاغ القوات الروسية في مطار حميميم العسكري، للجيش الروسي وبعض القوات الموالية له على خطوط الجبهات في ريف إدلب، مثل “الفيلق الخامس” و”الفرقة 25″ – قوات النمر سابقا – والتي يقودها سهيل الحسن، بالاستعداد من أجل بدء مواجهة برية مع فصائل المعارضة السورية التي تدعمها أنقرة، بالإضافة إلى “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا).

وتوقع المصدر، أن تبدأ العملية البرية التي من المفترض تصل إلى حدود مدينة بنش بريف إدلب، والسيطرة التامة على جبل الزاوية، في أواخر حزيران/يونيو القادم، حيث ستكون هذه العملية إحدى الاتفاقات التي ستخرج بها روسيا من مؤتمر “أستانا” المقبل.

الجدير ذكره، أنه وفي وقت سابق، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إنه تم الاتفاق “بشكل أولي” على عقد الاجتماع المقبل حول سوريا بصيغة “أستانا” أواخر أيار/مايو الجاري في العاصمة الكازاخية نور سلطان.

إلا أن سفير إيران في روسيا، كاظم جلالي، أعلن الجمعة الفائت، عن استعداد بلاده لإجراء محادثات “أستانا” بشأن سوريا في طهران، بمشاركة رؤساء الدول الضامنة، روسيا وإيران وتركيا.

وقال جلالي، إن “عملية التفاوض بصيغة أستانا على مستوى قادة الدول المشاركة فيها ستعقد في إيران”، مشيرا إلى أن بلاده أعلنت بالفعل استعدادها لعقد هذه القمة في إيران بمشاركة الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين.

روسيا تسعى للوصول إلى تركيا؟

لقد مضى على وقف إطلاق النار في إدلب شمال غربي سوريا أكثر من عامين، وهي أطول فترة تهدئة بين القوات النظامية والمعارضة تشهدها منطقة خفض التصعيد، لكن نية روسيا حول عملية جديدة تحكمها عدة معطيات تتعلق بالوضع الجديد لسوريا.

المخطط الذي ذكره المصدر لـ”الحل نت”، يوضح نية موسكو السيطرة التامة على الخط الدولي الممتد من اللاذقية إلى مدينة حلب المعروف باسم “إم 4″، فضلا عن الأراضي الزراعية الخصبة التي توجد في المنطقة، وبهذه العملية تكون دمشق قد ضمنت وصول قوافل تجارتها إلى حلب من الموانئ السورية، كما أنها ستعزز مخزونها الزراعي من الأراضي التي ستستحوذ عليها، خصوصا أنها تعاني من أزمة في تأمين المواد الغذائية نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا.

المصدر، ذكر أن هذه العملية ستكون الأخيرة للعمليات القتالية البرية في سوريا، وبقية المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق.

الجدير ذكره، أنه لم تنقطع الخروقات والتصعيد منذ توقيع البروتوكول في آذار 2020، حتى وصلت إلى استهداف متكرّر للمرافق المدنية والطبية والاقتصادية، عدا المنشآت العسكرية؛ حيث تم قصف 4 مواقع للتدريب والتسليح تابعة لفصائل المعارضة خلال العامين السابقين.

تصعيد وسط حرب متعثرة في أوكرانيا

اشتدت المعارك بين قوات الحكومة السورية ومقاتلي المعارضة، في نيسان/أبريل الفائت، في محافظة إدلب، حيث قام الطرفان  بتحركات عسكرية وإعادة انتشار قواتهما، في غضون ذلك، صعدت الطائرات الروسية من غاراتها الجوية دعما للقوات الحكومية، وأتى هذا التصعيد بعد هدوء نسبي في آذار/مارس، عقب  الغزو الروسي لأوكرانيا  في 24 شباط/فبراير.

انشغال روسيا وتركيا في النزاع الذي اندلع بأوكرانيا، وقبله بأذربيجان وقبله في ليبيا، يعد سببا لا يمكن إغفاله في الحفاظ على وقف إطلاق النار في سوريا عموما وإدلب خصوصا، لكن فرص استمرار وقف إطلاق النار في إدلب باتت غير قائمة، وعليه تخشى الأوساط الشعبية المعارضة في إدلب من تصعيد عسكري، وسط الأنباء التي تشير إلى حالة تأهب بين المعارضة وقوات دمشق على جبهات القتال.

ومع استعداد الأطراف المعنية لمواجهة أخرى، قد تكون الضربات الروسية على إدلب في الفترة السابقة مجرد طلقات تحذيرية، وبالنسبة للمستقبل القريب، يبدو أن مصير إدلب قد يكون مرتبطا بأحداث الغزو الروسي لأوكرانيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة