القطاع الصحي في سوريا شهد تدهورا كبيرا خلال السنوات الماضية، فمن الدمار الذي لحق بالبنى التحتية الطبية، إلى نقص التمويل الحكومي لقطاع الصحة، والهجرة الكبيرة للعاملين في هذا القطاع، من أطباء اختصاصيين، وممرضين وموظفي الصحة، ما جعل دمشق تشعر بقلق بالغ إزاء ذلك، ولذلك تعمل منذ مطلع العام الحالي على إجراءات تخفف من هذه الهجرة ودعم الأطباء للبقاء في البلد.

الخدمة الإلزامية والمشافي والمالية

بحسب نقابة الأطباء في سوريا، فإن هناك انخفاضا في هجرة الأطباء، مقدرا أن نسبة الانخفاض تراوحت بين 40 إلى 50 بالمئة في العام الحالي وذلك لعدة أسباب منها أن يؤدي الطبيب خدمته الإلزامية في المكان الذي يختاره، مشيرا إلى أن من الأسباب التي ساهمت في انخفاض هجرة الأطباء عدم مصداقية الجهة التي تتعاقد مع الطبيب وأن عددا كبيرا من الأطباء اكتشفوا أن العروض التي قدمت لهم وهمية وهي غير الواقع تماما، بحسب صحيفة “الوطن” المحلية.

وفي هذا السياق، قال رئيس فرع نقابة الأطباء في ريف دمشق خالد موسى إن عدد أطباء ريف دمشق 2423 طبيبا مسجلا في النقابة وهناك 499 طبيبا مغتربا مسجلا أيضا في ريف دمشق.

وأضاف موسى، أنه قريبا جدا سيتم تطبيق برنامج الفوترة الإلكتروني بين المشافي الخاصة ووزارة المالية لاستيفاء الضرائب، مشيرا إلى أنه سيتم تطبيق الربط أولا في دمشق وحلب بحكم أنهما أكبر محافظتين يوجد فيهما العدد الأكبر من المشافي الخاصة ومعظمها بقيت في الخدمة.

وبين موسى، أنه سيتم الربط الإلكتروني بين فروع النقابة وكذلك مع النقابة المركزية وأن جميع المعاملات والمراسلات ستكون إلكترونية، وبالتالي فإنه يمكن للطبيب الحصول على أي وثيقة يريدها من أي فرع في المحافظة التي يقطن فيها بغض النظر عن الفرع الذي ينتسب إليه باعتبار أن الربط سيكون مركزيا.

قد يهمك:تسعيرة جديدة لـ”كشفية” الأطباء في سوريا

لماذا يهاجر الأطباء؟

وفي سياق هجرة الأطباء السوريين، فإن البيانات المتعلقة بأزمة الهجرة في سوريا تقدر بأن حوالي أكثر من 25 ألف طبيب غادروا البلاد منذ عام 2011، حتى آذار/مارس الماضي، حيث ولم تعد هجرة الأطباء مقتصرة على الدول العربية، و لا على كبار الأطباء، بل بدأت الهجرة إلى بلدان أوروبية في ظل العديد من الإغراءات العلمية والمادية.

الغلاء المعيشي وتدني الأجور، بالإضافة إلى معاناة الأطباء في عياداتهم من عدم توفر الكهرباء والمحروقات إلى جانب الضرائب السنوية الكبيرة، وعدم قدرة الأطباء وعائلاتهم على العيش في ظل الغلاء والدخل المتدني، ومعاناة المشافي العامة من نقص في الكوادر الطبية مع تدني الأجور التي يتقاضونها مقارنة مع ساعات العمل، تعد أبرز أسباب هجرة الأطباء السوريين.

وبحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فإن سوريا شهدت تدفقا كبيرا للأطباء في الآونة الأخيرة لأطباء التوليد من الخريجين الجدد، وتعتبر الصومال وليبيا والعراق واليمن أبرز وجهاتهم، حيث يتراوح راتب الطبيب منهم بين 2000 – 3000 دولار شهريا، بينما تتراوح رواتب التخصصات النادرة كجراحي الصدر والعظام والعمود الفقري، وأطفال الأنابيب ما بين 20 – 30 ألف دولار شهريا.

كما استطاعت ليبيا استجرار عمالة التمريض والكوادر الفنية في الآونة الأخيرة، بعد العراق، حيث أن دول الخليج التي تشترط تعديل الشهادات للممرضين وتحتاج دوله إلى إتقان اللغة الإنكليزية، بخلاف العراق وليبيا اللتين تعترفان بالشهادة السورية، بحسب التقرير.

ولفت التقرير إلى أن هناك 300 طبيب سوري في الصومال، مقابل حوالي 1000 طبيب في العراق، وهو عدد ليس بالقليل، رغم أنه لا يؤثر على العمل الطبي في بعض التخصصات داخل سوريا، لكنه يؤثر في تخصصات أمراض الأوعية الدموية والصدر والجهاز العصبي والرئوي.

إقرأ:الكشف عن قائمة جديدة من الأطباء المزيفين في سوريا

كشفية الأطباء تختلف حسب المنطقة والاختصاص

نقابة الأطباء عملت في شهر أيار/مايو الماضي، على وضع تسعيرات جديدة للوحدات الطبية والكشف الطبي وستكون تسعيرة بحيث منصفة للمواطن والطبيب، حسب وصفها.

وأوضحت النقابة، أن الوحدة الطبية الواحدة ستكون بـ 4 آلاف ليرة سورية، وكلفة الكشف الطبي من 2 إلى 3 وحدات فما فوق، أي ما يعادل 12 ألف ليرة سورية، أما بالنسبة للطبيب الاختصاصي منذ 10 سنوات أو أكثر، فيأخذ من 3 إلى 4 وحدات طبية، وذلك بحسب الأسعار المتداولة .

وأشارت النقابة إلى أن التسعير يختلف بين منطقة وأخرى، فمثلا في الأرياف يكون أقل حيث تقدر كشفية الطبيب في ريف حلب واللاذقية بين 6-5 آلاف ليرة سورية، أما في دمشق أو حلب فتكون التسعيرة أعلى، بحسب متابعة “الحل نت”.

ولكن التسعيرات على أرض الواقع تخالف ما تتحدث عنه نقابة الأطباء، فقد تم تداول العديد من المعلومات حول قيام الأطباء برفع تسعيرة المعاينات الطبية، حيث بلغ بعضها نحو نصف راتب موظف حكومي، أي أكثر من 45 ألف ليرة سورية.

أما بالنسبة للعمليات الجراحية، فبحسب نقابة الأطباء، فإن التسعيرة الأخيرة ستكون بحسب نوع العملية فمثلا سيكون أجر عملية “الولادة القيصرية” بمعدل 15 – 20 وحدة طبية أي 80 ألف ليرة سورية على الأقل.

أما بالنسبة لتكاليف الإقامة في المشافي، فإن ذلك يعتمد على تصنيف المشافي لدرجات اعتمادا على إمكانية المشفى وعدد الغرف وعدد الأسرّة، وتحدد الإقامة وكلفة السرير من 50 إلى 100 ألف سوري في اليوم الواحد، أما في حال تجاوز هذا الرقم فهذا يعتبر مخالفة. إلا أن التكاليف الحقيقية للإقامة في المستشفيات في العاصمة دمشق تتجاوز الـ 100 ألف ليرة سورية لليوم الواحدة مهما كان تصنيف المشفى، وفق متابعة “الحل نت”.

قد يهمك:بسبب 45 ألف ليرة.. زيادة قريبة لـ “كشفيّات” الأطباء في سوريا

محاولات عديدة من دمشق لثني الأطباء عن الهجرة، ليس قرار الخدمة الإلزامية حيث يريد الطبيب أولها، فقد سبق وأن أصدر الرئيس بشار الأسد مرسوما تشريعيا مطلع العام الحالي، لتعويض العاملين في مستشفيات السرطان الحكومية عن طبيعة عملهم على أساس راتب شهري مقطوع في موعد أداء العمل، وفي مقابل ذلك يعاني المواطنون من عبء التكاليف التي يتحملونها نتيجة ارتفاع أسعار كشفيات الأطباء، وأجور المشافي وارتفاع أسعار الأدوية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.