محافظة درعا، تعرف بغزارة ينابيعها، ووتوفر مياه الشرب فيها على مدى سنوات طويلة، ولكن خلال سنوات الحرب، تراجعت مستويات المياه إلى حد غير مسبوق، حيث جفت معظم الينابيع، ما جعل المحافظة تعيش في حالة عطش لم تعهدها من قبل.

جفاف الينابيع

الينابيع في درعا، تعتبر المصادر الرئيسية لمياه الشرب، إذ تغذي المحافظة من خلال تغذية مسطحات مائية مهمة، كبحيرة المزيريب، التي تروي قسما كبيرة من المحافظة، وبجانبها ينابيع أخرى مهمة، بُني عليها العديد من مشاريع ضخ المياه.

بحسب مصادر محلية لـ”الحل نت”، فقد شهدت ينابيع كل من “عين العبد” في بلدة العجمي، و”نبع الفوار” في تل شهاب، وبحيرة المزيريب، جفافا كبيرا، توقفت مع عمليات ضخ مياه الشرب، حيث تغذي هذه الينابيع معظم ريف درعا الغربي، بالإضافة إلى محافظة السويداء التي تتغذى من مشروع ضخ “الثورة” قرب بحيرة المزيربب.

من جهة أخرى، جفت ينابيع ما تعرف بـ”البجة” قرب مدينة نوى أكبر مدن المحافظة، ما أدى لانقطاع المياه عن نحو 50 ألف مواطن.

إقرأ:في سوريا.. مدن على السواحل بلا مياه

ما هي الأسباب؟

بحسب المصادر فإن هناك أسبابا عديدة لجفاف الينابيع، من بينها أسباب طبيعية أهمها انخفاض منسوب الأمطار خلال السنوات الماضية، ومن جهة ثانية الحفر العشوائي للآبار غير الشرعية وبشكل كبير نتيجة الفوضى، والتي أدت لاستهلاك مياه الينابيع وتحويلها من الشرب للري الزراعي.

وتعتمد معظم الينابيع في المحافظة على ما يعرف بـ”عروق” المياه العذبة، وهي جداول صغيرة تكون على عمق لا يتجاوز الـ 30 مترا تحت الأرض، تتغذى عادة من مياه الأمطار، ولكن خلال السنوات الماضية، تجاوز عمق الآبار المحفورة الـ200 متر تحت الأرض، ما أدى لتدمير كل موارد الينابيع.

وبحسب مصدر مطلع، لـ”الحل نت”، فقد تجاوز عدد الآبار حتى العام الحالي الـ450 بئرا، منها نحو 120 بئرا في محيط بحيرة المزيريب وحدها، ومشيرا إلى أن غالبية هذه الآبار من الآبار “الإرتوازية” التي تتجاوز الـ150 متر في عمقها.

أسباب أخرى، بحسب المصادر، أدت لجفاف المياه، من بينها العبث في شبكات المياه الرئيسية، وتحويل بعض خطوط الضخ الكبرى، وأبرزها قيام الفرقة الرابعة في العام 2018، بتحويل مشروع ضخ مياه “عين العبد” في بلدة العجمي من البلدات المحيطة، إلى معسكر الطلائع في بلدة زيزون التي كانت تتخذه قاعدة عسكرية رئيسية لها في الريف الغربي، والذي لم تتم إعادته كما كان بعد إخلائه من قبل الفرقة.

وبالإضافة لذلك، فقد تعرضت شبكات المياه للتدمير والسرقة ما أدى لتدهور عملية توزيع المياه بين أحياء المدن والبلدات.

من جهة أخرى، أكدت مصادر محلية لـ”الحل نت”، أن معظم بلدت ريف درعا الشرقي تعاني من انقطاع شبه كامل في المياه، نتيجة فساد موظفي مؤسسة المياه والمجالس البلدية، حيث تقوم هذه الجهات بتوصيل خطوط مياه مخالفة مقابل الحصول على مبالغ مالية.

وأوضحت المصادر أن هؤلاء الموظفين، يقومون أيضا بتقاضي مبالغ مالية كرشاوى، مقابل زيادة عدد ساعات ضخ المياه لبعض الأحياء على حساب الأحياء الأخرى، ما يؤدي لحرمان أحياء واسعة من مياه الشرب.

انقطاع الكهرباء لساعات طويلةن هو أحد أسباب انقطاع المياه في الريف الشرقي من المحافظة، إذ تعتمد هذه المنطقة على مياه آباء رئيسية كانت قد حفرتها الحكومة قبل العام 2011، وعلى الرغم من مطالبات الأهالي للحكومة بإصلاح الأعطال فيها وتزويدها بالكهرباء إلا أن الوعود الحكومية لم تترجم إلى أفعال حتى الآن.

ونتيجة للنقص الكبير في المياه، يضطر الأهالي لشراء المياه بالصهاريج، وعادة ما تكون هذه المياه غير معقمة، ويبلغ سعر الصهريج بسعة 3000 ليتر 45 ألف ليرة، حيث تضاعف خلال السنوات الأربعة الأخيرة بشكل كبير، حيث لم يكن يتجاوز سعره في العام 2019 مبلغ 5 آلاف ليرة.

أزمة مياه، تضاف إلى أزمة الكهرباء والغذاء والأزمات الاقتصادية الأخرى التي يعاني منها السوريون، في ظل تدهور مستمر لكل القطاعات في سوريا، وسط تحذيرات دولية من نقص المياه.

قد يهمك:سوريا.. صهريج المياه بـ400 ألف ليرة شهرياً

ومن الجدير بالذكر، أن العديد من المنظمات الإغاثية حذرت حذرت من أن ملايين الأشخاص في سوريا معرضون لخطر فقدان الوصول إلى المياه والكهرباء والغذاء، وسط ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض مستويات المياه بشكل قياسي، بسبب قلة هطول الأمطار والجفاف، بحسب متابعة “الحل نت”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.