بين عامي 2011 و2021، انخفضت قيمة اليورو بشكل عام بنسبة 15.2 بالمئة مقابل الين الصيني، و15.0 بالمئة مقابل الدولار الأميركي، وبنسبة 12.3 بالمئة مقابل الفرنك السويسري، ولكن مسيرة الهبوط الكبيرة لليورو منذ بداية الأسبوع الجاري، حين بدأ بملامسة حد التكافؤ مع الدولار، عزاه الخبراء لسببين رئيسيين هما وراء فقدان اليورو لقيمته والتي ستحدث آثارا محتملة على الاتحاد الأوروبي.

لماذا هبط اليورو؟

من المتوقع أن يستمر اليورو في الانخفاض أمام الدولار الأميركي، بحسب التوقعات التي حصل عليها “الحل نت” من خبراء اقتصاديين، بناء على سلسلة سعر صرف اليورو المنخفضة ​​منذ شهور، وهو الآن عند نفس مستوى الدولار الأمريكي.

قبل عام، كان سعر اليورو الواحد 1.20 دولارا، وبحلول بداية عام 2022، كان قد انخفض بالفعل إلى 1.13 دولار. ومنذ ذلك الحين، استمر الانخفاض وبلغ ذروته في  تكافؤ قصير  مع الدولار الأميركي يوم الثلاثاء الفائت، قبل أن ينخفض ​​إلى ما دون 1 دولار يوم أمس الأربعاء.

سببين رئيسيين بحسب حديث رجل الأعمال السوري، منير الزعبي، لفقدان قيمة اليورو، أحدهما ارتفاع التضخم في منطقة اليورو، حيث بلغ معدل التضخم في شرق آسيا 8.6 بالمئة في المتوسط ​​في حزيران/يونيو الفائت، يقابله 14 اقتصادا صغيرا في منطقة اليورو تعاني من تضخم فوق المتوسط ​​يصل إلى 22 بالمئة في إستونيا، وخمسة اقتصادات فقط في منطقة اليورو هي أقل من هذا المتوسط.

وهذا الاتجاه المتصاعد يأتي بحسب ما قاله الزعبي لـ”الحل نت”، على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة بعد غزو روسيا لأوكرانيا، وعلاوة على ذلك، وعلى عكس أوروبا، ارتفعت أسعار الفائدة في الولايات المتحدة منذ عدة أشهر، مما جعل الاستثمارات في منطقة الدولار الأميركي أكثر جاذبية.

ووفقا لرجل الأعمال، فإن صعود اليورو يأتي عبر احتمال وحيد، هو زيادة الطلب عليه بسبب سعر الصرف، وبالتالي يمكن أن يؤدي التباطؤ الاقتصادي المخيف إلى تباطؤ على الأقل في بعض الدول الأوروبية.

كيف ستتأثر أوروبا؟

البيانات الصادرة عن وكالة الإحصاء الأوروبية “يوروستات” تظهر أن أقل من 40 بالمئة من السلع المستوردة إلى منطقة اليورو يتم تسعيرها باليورو، في حين يتم تسعير نصفها تقريبا بالدولار الأميركي، وهذا سيلزم دفع مزيد من اليورو مقابل المنتجات المستوردة بالدولار.

وتوقعت إيزابيل ميغان، أستاذة العلوم السياسية في معهد “باريس” للعلوم السياسية، أن تصبح السلع المستوردة أقل تنافسية، ونتيجة لهذا فإن هذه العملية سوف تكون أكثر تكلفة، وهو ما من شأنه أن يعجل بالتضخم ويهدد قدرة الناس على شراء السلع.

واعتبر المحلل في بنك “بي ان بي باريبا”، وليام دي فيشيلر، أن ضعف قيمة اليورو مقابل الدولار سيعوق بشكل واضح السياحة الاوروبية وخصوصا في الولايات المتحدة، بينما السياح الأميركيون والقطريون والأردنيون سيبقون في منطقة اليورو، لإنهم يستفيدون من مبادلة العملة ويستطيعون إنفاق نفس المبلغ من المال على مزيد من السلع.

ووفقا لفيليب موتريسي، رئيس البحوث في بنك “بيفرانس” الحكومي، فإن النفقات سوف تزيد بشكل كبير بالنسبة للشركات التي تعتمد على المواد الخام والطاقة، ومن المؤكد أن القطاع الصناعي، الذي يصدر سلعه إلى بلدان أخرى، وخاصة الكيماويات، والسيارات، والسلع الفاخرة، والطائرات، هو الرابح الأكبر من انخفاض قيمة اليورو.

وحول التأثير الذي قد تخلفه عملية سداد الديون المستحقة على البلدان الأوروبية، وطبقا لافتراض مفاده أن الأسواق ترى الديون الأوروبية آمنة بالقدر الكافي وأن أسعار الفائدة تظل منخفضة، فإن ميغان، ترى أن المزيد من النمو من شأنه أن “يجعل سداد الديون أكثر سهولة”، لكن خسارة اليورو مقابل الدولار تزيد من تكاليف السداد للدول التي أصدرت سندات بالدولار.

ونتيجة ذلك، قد يرفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بسرعة أكبر إذا كان استمر اليورو في فقدان قيمته، وتحرك التضخم بسرعة أكبر، وهو يستعد لرفعها في تموز/يوليو الجاري، في سابقة منذ 11 عاما.

فوائد انخفاض سعر اليورو

في مقابلة مع راديو “فرانس انفو” أمس الأربعاء، قال محافظ بنك فرنسا، فرانسوا فيليروي دي جالو، إنه يعتقد أن انخفاض سعر اليورو يعد “خبرا ممتازا للنشاط الاقتصادي لأنه يشجع المصدرين، لكنه في المقابل يرفع التضخم قليلا”.

تشجيع تصدير السلع المنتجة محليا، والتي تهبط أسعارها وتصبح أكثر جاذبية وتنافسية في الأسواق الدولية، يرافقه تعزيز للتصنيع المحلي، الذي يعد مطلوبا بشدة محليا نظرا لزيادة تكاليف الواردات المكافئة التي يتم تسعيرها بعملات أخرى، مثل الدولار.

ومن ناحية أخرى، فهبوط اليورو يجذب السياح حيث يجد المسافرون الأميركيون الآن أن زيارة أوروبا أقل تكلفة من ذي قبل بفضل تعزيز قوة الدولار، والذي يزيد من إنفاقهم هناك ويعزز حصة أوروبا في العملة الأقوى، إلا أن المدير المالي في مجموعة “آي إن جي” المصرفية، كارستن بريسيسكي، يرى أن “فوائد العملة الضعيفة قليلة مقارنة بالسلبيات في البيئة الحالية التي تسودها التوترات الدولية”.

سلبيات انخفاض قيمة العملة، وفي حالة ارتفاع أسعار الواردات من الطاقة والمواد الخام، فان أسعار المنتجات المحلية سوف ترتفع أيضا. وهذا من شأنه أن يقلل من الفوائد المترتبة على انخفاض قيمة العملة، وأن يدفع التضخم إلى الارتفاع، وأن يرفع من تكاليف المستهلك.

كما أن انزلاق اليورو أكثر أمام الدولار، سيساهم أكثر بارتفاع أسعار الفائدة على القروض التي تنمو قيمتها بما يتناسب مع انخفاض قيمة العملة المحلية في مقابل قيمة العملة التي يتوقع أن يسدد بها الدين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.