في ظل التشابه الحالي لدى كل من دمشق وموسكو في التعرض للعقوبات الاقتصادية التي تلحق بهما خلال الفترة الماضية، فإن نظام دفع روسي للتحويلات المالية الإلكترونية، تسعى من خلاله دمشق للحاق بركب الروس من أجل إيجاد بدائل عن نظام الدفع الدولي “سويفت” المحرومة منه كل من دمشق وموسكو.

نظام “مير”، وهو الذي تنشد دمشق الانضمام إليه، هو نظام الدفع  الروسي للتحويلات المالية الإلكترونية، أنشأه البنك المركزي الروسي بموجب قانون تم تبنيه في أيار/مايو 2017، حيث يتم تشغيل النظام بواسطة نظام دفع البطاقة الوطنية الروسية، وهي شركة فرعية مملوكة بالكامل للبنك المركزي الروسي.

لا يقوم نظام “مير” بإصدار البطاقات أو تمديد الائتمان أو تحديد الأسعار والرسوم للمستهلكين؛ وكان تطوير وتطبيق “مير” مدفوعا بفرض عقوبات دولية على روسيا في عام 2014، للتغلب على الاعتماد على بطاقات “فيز” و”ماستر كارد”، فما الذي ستجنيه سوريا من تبني نظام “مير” الروسي؟

هربا من العقوبات

في توجه جديد، طالب السفير السوري في موسكو، رياض حداد، اليوم الاثنين، بربط دمشق بنظام الدفع “مير”، معتبرا أنها خطوة مهمة للغاية، كبديل لمنظومات التسديد الأجنبية، وذلك في ظل استمرار العقوبات الغربية على دمشق.

وأضاف السفير السوري في حديثه لوكالة “تاس” الروسية، أنه “ولدت فكرة إنشاء نظام الدفع مير في عام 2015. وكان في البداية، يهدف إلى إنشاء أساس لنظام دفع مستقل على أراضي روسيا، خاصة بعد قطع عدد كبير من البنوك الروسية عن أنظمة الدفع الغربية”.

ولفت السفير السوري، إلى أنه “توجد حاليا حاجة متزايدة لدى العديد من دول العالم لانتشار أنظمة دفع بديلة لأن هذه الدول تخضع للضغوط والعقوبات الغربية”.

وأشار حداد، إلى أن “الاقتصاد العالمي يخضع للعديد من التغييرات بعد بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، والتي فرضت الولايات المتحدة والغرب بعدها عقوبات على روسيا”، وقال: “ودفع ذلك موسكو إلى استخدام البدائل والأنظمة المصرفية المتاحة لها”.

وطبقا لما تحدث به حداد، فإن الدلائل تشير بحسب الخبير الاقتصادي، ماجد الحمصي، إلى أن دمشق تريد الولوج في النظام الذي لا تعمل به سوى 8 دول (أرمينيا، بيلاروسيا، كازاخستان، قيرغيزستان، طاجيكستان، تركيا، أوزبكستان، فيتنام)، للالتفاف على العقوبات الغربية.

وأوضح الحمصي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الطلب السوري جاء بعد أشهر من مناقشة طهران وروسيا للاعتراف بنظام الدفع الروسي “مير”، ومسألة ربط بنوكهما بنظام تحويل الرسائل المالية “إس بي إف إس”، النظير الروسي لنظام “سويفت” الدولي.

ما هو نظام الدفع الروسي “مير”؟

في آذار/مارس الفائت، طلب البنك المركزي الأوكراني، من البنوك المركزية في أرمينيا، كازاخستان، طاجيكستان، فيتنام، تركيا وقرغيزستان تعليق جميع المعاملات مع بطاقات نظام الدفع “مير” الروسي، والذي يعتبر بطاقة مصرفية روسية تعمل بواسطة منظومة دفع وطنية، أطلقت في عام 2015 بعدما واجه عدد من المصارف الروسية مشكلات مع شركتي “فيزا” و”ماستركارد” بسبب العقوبات الغربية المفروضة ضد موسكو.

ومع فصل روسيا عن نظام الدفع العالمي وتوقف بطاقات أنظمة الدفع الدولية عن العمل، اتجهت روسيا إلى تصنيع الرقائق الدقيقة في الصين للالتفاف على العقوبات الغربية التي عززت الطلب على البطاقات المصرفية المتعلقة بنظام الدفع “مير”، وفقا لما ذكره مدير تنفيذي بنظام الدفع المحلي “مير”، لوكالة “رويترز”.

وكجزء من قائمة غير مسبوقة من العقوبات الغربية ضد موسكو نتيجة لغزوها أوكرانيا، قررت شركتا نظام الدفع الدولي الرئيسيتان “فيزا” و”ماستر كارد”، وقف عملهما في روسيا، وأدى هذا القرار إلى ارتباك في الشارع الروسي، وأثار قضية الآلية البديلة التي سوف تستخدمها البنوك الروسية للتعامل مع العقوبات.

من جهته، أوضح البنك المركزي الروسي، أن انسحاب روسيا من نظام الدفع العالمي “سويفت”، ووقف استخدام بطاقات نظام الدفع الدولي لن يكون له تأثير على عمل البطاقات المحلية “مير”، إذا تم التعامل بها محليا وسوف تواصل عملها بشكل طبيعي في جميع أنحاء البلاد، لكنها لن تكون صالحة في نظام الشراء من المتاجر الأجنبية عبر الإنترنت.

كما أنها لن تعمل إذا تم استصدارها من قبل البنوك الروسية الخاضعة للعقوبات كبنك “في تي بي” و”سوفكومبنك” و”نوفيكومبنك” وغيرها.

الجدير ذكره، أنه سبق وأن فرضت واشنطن عقوبات على العديد من البنوك السورية، منها “بنك الشام” و”المصرف العقاري”، و”المصرف الصناعي”، “المصرف الزراعي التعاوني”، و”مصرف التوفير”، و”مصرف التسليف الشعبي”، ومؤخرا مصرف سوريا المركزي، إذ نصت الفقرة الأولى من المادة 101 من قانون “قيصر”، أن “المصرف المركزي السوري كيان مالي هدفه الرئيسي غسل الأموال”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.