القيادي الإرهابي في تنظيم “القاعدة” أيمن الظواهري، لقي مصرعه في غارة جوية أميركية بطائرة مسيرة في العاصمة الأفغانية “كابول”، في ساعة متأخرة من صباح الأحد، وهي أكبر ضربة عسكرية توجهها الولايات المتحدة ضد التنظيم الإرهابي، بعد مقتل زعيمه ومؤسسه السابق، أسامة بن لادن عام 2011. الأمر الذي يثير تكهنات حول خلافته في قيادة التنظيم، ومستقبل تنظيم “القاعدة” في حقبة ما بعد الظواهري.

من المرشح القادم؟

وفق موقع “سكاي نيوز”، تسود الضبابية اسم المرشح لخلافة أيمن الظواهري، في قيادة التنظيم وسط أزمة الثقة بين فروع التنظيم وقياداته، مع وجود مرشحين بعيدين عن مقر التنظيم، أو أقاموا طويلا بإيران أو يُرشحون على أساس علاقات المصاهرة.

ورصد متخصصون في الجماعات الإرهابية، أن مقتل الظواهري في كابول، يكشف الاختراق الأمني للقاعدة، ومستقبل غامض للتنظيم الذي تراجع ودخل في حرب نفوذ مع تنظيم “داعش” الإرهابي.

وحول جرأته على دخول العاصمة كابول، تشير التقارير إلى أنه ذهب لتلقي العلاج من مرض عضال، مدعوما بوجود حلفائه من شبكة “حقاني” في الحكومة.

ويعتمد الهيكل التنظيمي “للقاعدة” على مجلس شورى لإدارة التنظيم، ومن أبرز قياداته محمد صلاح الدين زيدان المعروف بـ “سيف العدل”، وأبو عبد الرحمن المغربي، صهر الظواهري، رئيس اللجنة الإعلامية بـ”القاعدة”، وفق التقرير الإعلامي.

على طرف آخر، مدير قسم مكافحة الإرهاب في معهد “الشرق الأوسط” للدراسات تشارلز ليستر، كشف في تغريدة على منصة “تويتر” أن تنظيم “القاعدة” شهد في تشرين الثاني/ نوفمبر2020 أزمة “الخلافة” لأيمن الظواهري، وهي تشبه أزمة مماثلة في “داعش”.

والرجل الثاني في “القاعدة”، هو سيف العدل، من أبرز المرشحين لزعامة التنظيم، ولكن تشارلز ليستر، في تقديره أن هناك أزمة ثقة تواجه سيف العدل، لدى معظم منتسبي “القاعدة”، نظرا لإقامته في إيران لسنوات طويلة.

من جانبه، المركز الدولي لمكافحة الإرهاب “آي سي سي تي”، أشار أنه في حالة تولى سيف العدل، قيادة التنظيم سيكون أميرا صوريا، فهو لا يعرف الكثير عن أنشطته الحالية، فيما تشير تقارير “الأمم المتحدة” إلى أنه إذا حاول الانتقال علنا لأفغانستان قد يواجه مقاومة من حكومة “طالبان” بسبب الضغوط الدولية.

أيضا، لفت المركز الدولي إلى مرشحين آخرين، منهم أبو إخلاص المصري، قائد عمليات في “القاعدة”، ومحمد أمين الحق، أفغاني الجنسية، مسؤول أمن زعيم التنظيم السابق أسامة بن لادن، وعلي البكري، المعروف باسم عبد العزيز المصري، عضو مجلس شورى “القاعدة”، وهو خبير المتفجرات والأسلحة الكيميائية، ووضعت واشنطن مكافأة 5 ملايين دولار للإدلاء بمعلومة عنه.

هذا إلى جانب أبو تراب الأردني، ومصطفى حامد المعروف بأبو الوليد المصري، صهر سيف العدل، وأبو الخير المصري (الذي انتقل إلى سوريا ما بعد عام 2012)، وقاري سيف الله أختار، وعبد الله أحمد عبد الله عضو في مجلس شورى “القاعدة”، ويعمل كمسؤول مالي وميسر ومخطط عمليات.

في حين أشارت دراسة لـ”مركز ويلسون” بواشنطن، أن الظواهري اعتمد في قيادة التنظيم طريقة غير هرمية، أدت لعدم وجود سيطرة مباشرة على فروع التنظيم في الشرق الأوسط وأفريقيا وأسيا.

الباحث في الحركات الإسلامية والإرهاب، أحمد سلطان، يرى أن قتل زعيم “القاعدة”، يمثل ضربة معنوية للتنظيم، حيث سيؤثر مقتله على معنويات عناصر “القاعدة” وقياداتها الفرعية، فضلا عن فقدان التنظيم لجزء من زخمه.

ويقول سلطان، في حديث خاص اليوم مع “الحل نت” إن: “القاعدة تنظيم مأزوم، يعاني من موت سريري منذ فترة طويلة، وهو غير قادر على شن هجمات خارج المناطق التي ينشط فيها، ببساطة لديه مشكلات كبيرة، وليس مقتل الظاهري إلا إحدى هذه المشكلات“.

وبشأن مستقبل التنظيم بعد مقتل زعيمه، يعتقد سلطان، أن “القاعدة” في اتجاه متراجع حول العالم، ويضيف: “هناك تحولات عديدة، القاعدة في اتجاهه للتحول إلى نمط إطار تنسيقي لا أكثر، ليكون مجرد واجهة، تجمع التنظيمات الجهادية المرتبطة بالتنظيم، وكل منها يتحرك وفق أولوياته الذاتية“.

واختتم سلطان، حديثه بالقول: “أظن أن التنظيم سيستمر على الأداء بنفس الوضع الحالي، سيحاول ترميم قدراته، وسيحاول استقطاب مقاتلين جدد، ليعود إلى صدارة الحركة الجهادية العالمية، لكن لا أظن أنه سينجح في المدى المنظور، أظن أن القاعدة لديه مشكلات كبيرة. الظروف الآن مختلفة عن الوقت التي نشأ فيه التنظيم“.

قد يهمك: آخرهم أيمن الظواهري.. هكذا استهدفت واشنطن قيادات تنظيمات إرهابية بين أفغانستان وسوريا

من هو سيف العدل؟

وفق تقارير صحفية، محمد صلاح الدين زيدان، المعروف باسم “سيف العدل المصري” ولد عام 1960 بمحافظة المنوفية في مصر، وبدأت توجهاته للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، عقب مشاركته في محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري الأسبق حسن أبو باشا، واعتباره مطلوب أمنيا في قضية اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات، واتهامه في قضية إعادة إحياء تنظيم “الجهاد”.

وعقب إخلاء سبيله، لعدم وجود أدلة كافية ضده، تمكن من الهروب إلى السعودية عام 1989، قبل أن يرافق مؤسس تنظيم “القاعدة” أسامة بن لادن إلى السودان عام 1992.

ومن ثم بدأ سيف العدل، حياته في تنظيم “القاعدة” عام 1989، عقب تأسيس التنظيم بفترة وجيزة، ولعب دورا فعالا في بناء القدرات العملياتية للتنظيم.

وبحسب وكالة “يونايتد برس”، عمل في بداية التحاقه بالتنظيم كمدرب في معسكرات تدريب القاعدة في أفغانستان، وتعليم المسلحين كيفية تنفيذ عمليات الخطف والاغتيالات، وفق تقارير صحفية.

وسرعان ما تدرج سيف العدل في التسلسل الهرمي للتنظيم، إذ شغل منصب رئيس للجنة الأمنية للتنظيم، بمنتصف التسعينيات، ولعب دورا مهما في إنشاء البنية التحتية للقاعدة في القرن الإفريقي، وخاصة الصومال.

ورصدت وكالتا المخابرات الأميركية والبريطانية، مكافآت مالية بمقدار 7.5 مليون جنيه استرليني، و10 مليون دولار، لمن يدلي بمعلومات عن سيف العدل، عقب مشاركته في تفجيرات السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998، والتي خلفت 224 ضحية.

ووصف سيف العدل، بأنه أحد أكثر عناصر تنظيم القاعدة فاعلية وواحدًا من القادة المتبقين من حقبة ما قبل 11 أيلول/ سبتمبر، ما يمكنه من تولي زمام القيادة من زعيم القاعدة.

الأزمات المحتملة لـ “القاعدة”

بحسب تقرير لـ”مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية”، فإن هناك العديد من الأزمات التي يمكن أن يواجهها “القاعدة” في مرحلة ما بعد الظواهري، ويتمثل أبرزها في: “العلاقة بين “القاعدة” و”طالبان”، فهناك احتمال أن يتجه الأخيرة إلى تقييد مستوى التعاون المتبادل مع الأولى، خاصة في مرحلة ما بعد اتفاق الدوحة، على نحو قد يتحول إلى أحد أهم التحديات التي سيواجهها خليفة الظواهري.

أيضا، أزمة “المقر المركزي”، فخلال السنوات الثلاث الماضية، سعت “طالبان” إلى نفي أي علاقة ارتباطية مع “القاعدة”، مع توقف شبه كامل لنشاط الأخير في الداخل الأفغاني. وقد لا يمكن استبعاد انتقال قيادة التنظيم المركزي من أفغانستان إلى دولة أخرى مع تولي خليفة الظواهري.

قد يهمك: بعد مقتل أيمن الظواهري.. تنظيم “القاعدة” انتهى؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.